التقارير

قراءة في استراتيجية "داعش" التكفيري بين البقاء والزوال

1589 2017-02-05

تمكن تنظيم "داعش" الإرهابي من احتلال مناطق واسعة من العراق وسوريا وإعلان ما يسمى "دولة الخلافة" في عام 2014. وساهم ذلك في إظهار هذا التنظيم بشكل تدريجي على أنه يمتلك قوة لا يمكن أن تقهر، ومما ساعد على ذلك انضمام عناصر كثيرة لهذا التنظيم من مناطق مختلفة في العالم، ما جعله يحظى باستقطاب المزيد من هذه العناصر بمرور الوقت.
لكن هذا الوضع لم يستمر طويلا، حيث توقف تقدم هذا التنظيم في أواخر عام 2015 بفضل المقاومة الباسلة التي أبدتها القوات العراقية والسورية وحلفاؤهما في المنطقة لاسيّما إيران وروسيا ومحور المقاومة.
وفي عام 2016 خسر "داعش" سيطرته على ما يقرب من ربع المناطق التي كان يحتلها بينها مدن تكريت والفلوجة والرمادي في العراق وتدمر وحلب في سوريا. وتسببت هذه الهزائم في تراجع قدرات "داعش" المالية واللوجستية، وتقليص أعداد الملتحقين به لاسيّما من خارج العراق وسوريا "الأجانب".
وبسبب هذه التطورات تغيّر الخطاب الإعلامي لداعش وكذلك النظرة لهذا التنظيم من قبل المراقبين المحليين والإقليميين والدوليين إلى درجة لم يعد ينظر إليه سوى نقطة ضئيلة على شاشات الرادار وصفحات التاريخ.
وبعد تحرير مدينة حلب السورية وقسم كبير من مدينة الموصل العراقية من العناصر الإرهابية بدأ الحديث في الأوساط العسكرية والإعلامية عن إمكانية انهيار تنظيم "داعش" بشكل كامل في المستقبل القريب.
ولكن مع ذلك لا ينبغي الاستعجال في إطلاق التقييمات والتوهم بأن "داعش" سينتهي تماماً من الخريطة السياسية والميدانية للشرق الأوسط، والسبب في ذلك يعود إلى أن وجود هذا التنظيم مرتبط إلى حد ما بالتطورات السياسية والميدانية في مناطق أخرى من العالم، أي بمعنى آخر هناك إمكانية لبروز هذا التنظيم في دول أخرى كما حصل عندما انبثق "داعش" نفسه من تنظيم القاعدة في العراق الذي أسسه المدعو "أبو مصعب الزرقاوي" في عام 2004.
ويرجح المراقبون أن يبرز "داعش" بثوب جديد في ليبيا أو صحراء سيناء أو اليمن ومنطقة الربع الخالي جنوب شرق السعودية ليحل محل تنظيم القاعدة "فرع شبه الجزيرة العربية".
وعلى الرغم من أن هذه المناطق لاتتمتع بمميزات مادية ولوجستية استراتيجية كما هو الحال في العراق وسوريا، إلاّ أنها مع ذلك يمكن أن تعوّض هذا التنظيم عمّا فقده من قواعد ومقرات لأغراض التخطيط ومواصلة التدريب وتنظيم دورات لتخريج مبلغين عن فكره السلفي والتكفيري. أي بمعنى آخر سيبقى "داعش" بصفته كملهم ومستقطب للناقمين على الأوضاع في العالم العربي وبؤرة أو منطلقاً لتنفيذ عمليات إرهابية في المنطقة والعالم، كما حصل بتفجير قنبلة داخل طائرة الركاب الروسية فوق صحراء سيناء في 31 أكتوبر/تشرين الأول، والذي أدى إلى مقتل 224 شخصاً كانوا على متنها عندما كانت في طريقها من "منتجع شرم الشيخ" إلى "سان بطرسبورغ" في روسيا.
وهذا يعني أن "داعش" سوف لن يفكر بعد الآن بإقامة ما يسمى "دولة الخلافة"؛ بل سيقتصر نشاطه على العمليات الإرهابية التي ينفذها هنا وهناك لغرض إثبات وجوده من جهة، والتمهيد من جهة أخرى لإيجاد قواعد ومقرات جديدة له في مناطق بعيدة عن العراق وسوريا خصوصاً بعد أن انحسر تواجده في هذين البلدين بشكل ملحوظ نتيجة الهزائم التي تلقاها في حلب والموصل.
ويرى بعض المحللين بأن "داعش" سيحافظ على كيانه الأيديولوجي القائم على التكفير والتلويح بتنفيذ عمليات إرهابية اعتماداً على الفتاوى المتطرفة والعقيدة التاريخية والمذهبية الفاسدة التي يستند إليها في الترويج لفكره المنحرف والهدّام، في حين يرى آخرون بأن هذا التنظيم سينتهي إلى غير رجعة في حال تواصلت هزائمه على الأرض وخسر جميع مواقعه ومقراته التي يحتلها الآن سواء في العراق أو سوريا أو أي دولة أخرى بالشرق الأوسط والعالم.
في الخلاصة يمكن القول بأن استمرار "داعش" سيبقى متأرجحاً بين الزوال نهائياً ومحاولته البقاء إلى حين، وهذا يعتمد إلى حد كبير على الظروف والمناخات التي تعيشها المنطقة، ولهذا السبب لابد من التحرك من قبل جميع المتصدين لخطر هذا التنظيم الإرهابي من أجل تجفيف منابعه الفكرية المنحرفة، فضلاً عن مواصلة التحرك الجاد لإنهاء وجوده العسكري والمادي بكل الوسائل المتاحة وبأسرع وقت ممكن.
................

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك