التقارير

النفاق الغربي ومأزق حقوق الإنسان في دول الخليج

1432 2017-01-26

احمد جويد/مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات

 

 حينما تجد الدول الراعية للحقوق والحريات مصالحها عند الدول الراعية للإرهاب، فمن يبقى لحقوق الإنسان ليدافع عنها؟ وكيف يتم حساب الأولويات حينما تجد الدول الحرة مصالحها مرتبطة بالأنظمة الاستبدادية؟ وما هو مستقبل حقوق الإنسان في ظل تشابك المصالح؟

 أسئلة كثيرة تثير القلق وتبعث على التشاؤم لدى المراقبين والمهتمين لحقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط ودول الخليج العربية على وجه الخصوص، فالكل يعرف وفي مقدمتهم المجتمع الدولي إن الأنظمة الخليجية وبالخصوص في السعودية وقطر والإمارات والبحرين انتهكت ولا تزال تنتهك حقوق الإنسان في كافة المجالات على المستوى الداخلي، وفي نفس الوقت تقوم هذه الدول برعاية الإرهاب وتمويله وتسليحه خارجياً، وهناك دول عديدة في المنطقة والعالم اكتوت بهذا الإرهاب الأعمى ومن بينها فرنسا وبريطانيا على وجه الخصوص.

 اليوم وفي الوقت الذي تقوم فيه السلطات البحرينية بقمع المحتجين المدنيين بكافة وسائل القمع والإرهاب وتصدر الأحكام الجائرة على المعارضين السياسيين والناشطين المدنيين، وتقوم السعودية بإصدارها لأحكام قطع الرؤوس لمواطنين على أساس طائفي كان آخرها إصدار أحكام الإعدام على 15 مواطن بحجة التجسس لصالح إيران، وقيامها بضرب المدنيين في اليمن بشكل يومي وارتكابها لمجازر وحشية ضدهم أمام أنظار جميع دول العالم، وقيام دولة قطر بتحدي المجتمع الدولي بتعهدها بالاستمرار بتسليح الإرهابيين في سوريا عن طريق تركيا، وقيامها بانتهاك حقوق العمال الآسيويين والعمالة الأجنبية لديها، وقيام الإمارات بانتهاكات لا تقل خطورة عن شقيقاتها، تأتي زيارة السيدة "تيريزة" رئيسة الوزراء البريطانية لتحضر القمة 37 لدول مجلس التعاون الخليجي وتتعهد لهذه الدول مجتمعة بأنها سوف تكون الراعي والمدافع عنها "وإن أمن هذه الأنظمة من أمن بريطانيا".

 وبهذا الموقف البريطاني الذي سبقته به فرنسا بحضور رئيسها في القمة السابقة يثبت الغرب مدى نفاقه وازدواجية تعامله تجاه حقوق الإنسان والتطلع للحرية في ظل حكم غير استبدادي وفي دول يحكمها القانون وسلطة الشعب بدلا من حكم العوائل والدكتاتوريات.

 فقبل أكثر من عام شنت السعودية حربا لا هوادة فيها على دولة جارة وتدخلت في شؤونها الداخلية، وفيها ارتكبت الآلة العسكرية السعودية كافة أنواع الانتهاكات لحقوق الإنسان في اليمن عن طريق القصف لمساكن المدنيين وقتلهم وتدمير المستشفيات والبنى التحتية والمدارس والطرق، وعلى إثرها أصدر مجلس العموم البريطاني قراره بوقف تسليح السعودية لوجود ضغط من الرأي العام داخل بريطانيا، أما فرنسا فقد ضربها الإرهاب الذي ترعاه بعض دول الخليج في عقر دارها بقوة وبعنف لم تشهده منذ الحرب العالمية الثانية، فما الذي يحمل تلك الدول التي تدعي أنها بلاد الحريات والمدافعة الأولى عن الحرية في العالم للوقوف مع أنظمة دول استبدادية تقمع جميع أنواع الحريات وترعى الإرهاب في العالم؟

وما الذي يجعل دول أعضاء دائمة في مجلس الأمن الدولي للوقوف مع جماعات مسلحة ترعاها دول الخليج في سوريا ولا تحرك ساكنا تجاه الشعب البحريني الذي يحتج ويعرض مطالبه الإصلاحية بسلمية وبعيدا عن العنف المسلح؟

 لكن، يبدو أن المسألة تأخذ حيزاً أكبر من حقوق الإنسان بكثير، وهي مدعاة للتشاؤم، فبعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي وشعورها بالمأزق الاقتصادي خارج هذا الاتحاد حاولت رئيسة الوزراء البريطانية –ما بعد الاتحاد– أن تسترجع بعض نفوذ التاج البريطاني في محمياتها ومستعمراتها القديمة التي تخلت عنها مجبرة لصالح الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية وصولا إلى السبعينات من القرن الماضي بعد إعلان استقلال المحميات الخليجية، وحاولت أن تستغل حالة الجفاء الأمريكي للسعودية خلال إدارة أبوما للبيت الأبيض وتقوم هي بسد الفراغ والتقرب إلى أنظمة الخليج التي باتت تبحث عن حلفاء دوليين في الشرق والغرب للاستقواء بهم من هاجس النفوذ الإيراني في المنطقة.

 ومن خلال تلك المعطيات للسياسة الدولية التي تبحث عن المصالح وتقدمها على كل ما هو إنساني أو حق للإنسان، يشعر كل من يهتم بحقوق الإنسان خلال هذه الأيام بقلق كبير وتشاؤم مبرر إزاء تخلي العالم الحر عن مبادئه في الدفاع عن الإنسانية وحرية الشعوب؛ ومن خلال كل ما تقدم نستنتج:

أولا: إن الدول الغربية وفي مقدمتها بريطانيا قدمت المصالح الاقتصادية بالتخلي عن مبادئها العريقة في رعايتها للحريات بتحالفها مع أنظمة استبدادية لا يوجد لحقوق الإنسان حرف واحد في قاموس تعاملها مع شعوبها.

ثانياً: أثبتت رئيسة الوزراء البريطانية أنها تخالف توجهات الرأي العام البريطاني ومجلس العموم الذي طالب الحكومة البريطانية بوقف بيع الأسلحة للسعودية بعد المجازر الإنسانية التي شهدتها اليمن، وجاءت اليوم تؤكد حاجتها للمال الخليجي وتقوم بعرض بضاعتها العسكرية ودعمها لأنظمة الخليج.

ثالثاً: استمرار الموقف البريطاني والفرنسي بالتماهي مع هذه الأنظمة الاستبدادية يجعل من منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن مجتمعا دوليا يسوده الوهن والتفكك في ظل تنافس على سد الفراغ الذي خلفه الجفاء الأمريكي للسعودية وتهديد الرئيس الأمريكي المنتخب بأخذ (الأتاوات) من دول الخليج مقابل توفير الحماية لها.

رابعاً: سوف تؤدي تلك المواقف الغربية الراضية بسياسة بعض دول الخليج السلبية تجاه شعوبها وتجاه دول المنطقة إلى تقويض حقوق الإنسان بشكل كبير والى حصول انتهاكات فظيعة لم تشهدها هذه الدول بمجرد إحساس أنظمتها الحاكمة بالدعم الغربي لها.

 وعليه، فلابد للغرب من مراجعة سياساته جيداً وبخاصة في ملف حقوق الإنسان وحرياته، وعلى الدول التي تدعي أنها حرة وتساند حقوق الإنسان أن تتعاطى مع مطالب الشعوب بدلاً من محاولة إرضاء الأنظمة الاستبدادية الفاسدة التي تشجع على العنف والكراهية وتغذية الإرهاب وتنتهك حقوق الإنسان بشكل سافر، وكما يتحتم على الأنظمة الخليجية صاحبة السجلات الكئيبة بحقوق الإنسان والانتهاكات للحريات الدينية والمدنية أن تراجع مواقفها وسياستها لمحاولة البدء بصفحة جديدة، لأن إعطاء الحقوق والتفكير بالحوار وحل المشاكل عن طريق الوسائل السلمية هو الضمانة التي توفر لها الأمن أفضل مما توفره لها بريطانيا والتي من الممكن أن تتخلى عنها في أي لحظة كما فعلت الإدارة الأمريكية معها.

وبالتالي عليها أن تشرع بـ:

1- التوقف عن سياستها بتمويل الجماعات المسلحة في المنطقة.

2- إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين والناشطين المدنيين في سجونها.

3- فتح حوار جاد مع المعارضة السياسية والتعاطي معها بإيجابية لسماع مطالبها المشروعة.

4- الاهتمام بملفات حقوق الإنسان على جميع المستويات.

5- الكف عن إثارة الكراهية على أسس طائفية بين مكوناتها الاجتماعية أو مع دول الإقليم.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك