التقارير

قاذفات روسيا في قاعدة ايرانية.. هل فهمت السعودية الرسالة؟

2961 2016-08-19

ايران حرصت طوال العقود الماضية على عدم السماح لاي قوى، عظمى او صغرى، باستخدام اراضيها كنقطة انطلاق لضربات عسكرية، ولكنها تخلت عن هذه المعادلة، وسمحت للقاذفات الروسية العملاقة بتسجيل هذه السابقة، مدفوعة بعدة اسباب يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

اولا: التأكيد على ان التحالف الروسي الايراني استراتيجي، وفي اطار مخططات اقليمية ودولية مشتركة، جرى الاتفاق عليها بين الطرفين.

ثانيا: حرص ايران على توجيه رسائل عديدة الى اطراف عربية ودولية، ابرزها التشديد على انها مستعدة ان تكسر كل المحرمات من اجل الحيلولة دون سقوط حليفها بشار الاسد، بما في ذلك السماح لدولة عظمى مثل روسيا باستخدام قواعدها العسكرية.

ثالثا: التقدم الكبير الذي حققته الفصائل السورية المسلحة المدعومة من السعودية وقطر ودول غربية في منطقة حلب، بما في ذلك كسر الحصار عن الاحياء الشرقية منها، اصاب ايران بصدمة كبرى، ودفعها الى التجاوب مع كل الطلبات الروسية.

رابعا: رغبة ايران في الانتهاء بسرعة من ملف مدينة حلب، وحسم الوضع عسكريا فيها لصالح الجيش السوري، حتى تتفرغ للحرب في اليمن، ومواجهة خصمها السعودي بعد انهيار مفاوضات السلام في الكويت، وتكثيف طائرات "عاصفة الحزم" لغاراتها ضد الاهداف الحوثية الصالحية، وتقدم قوات التحالف السعودي نحو صنعاء.

***
صحيح ان استخدام القاذفات الروسية العملاقة قاعدة همدان الجوية الاكثر تجهيزا لاستقبالها من قاعدة حميميم الجوية شمال سورية، يقلص مدى طيرانها بمقدار 60 بالمئة، ويوفر لها الامان من اي قصف ارضي او جوي اثناء الاقلاع والهبوط، ولكن الصحيح ايضا ان المسألة اكبر من ذلك بكثير، ولها علاقة بـ"اعلان" التحالف الاستراتيجي الايراني الروسي على حقيقته دون اي تمويه او تضليل، مما يعني ان الطرفين - الايراني والروسي - قد حسما امرهما، وقررا الانطلاق بهذا التحالف الى مرحلة ابعد.

روسيا "تتمدد" في الشرق الاوسط سياسيا وعسكريا، وتملأ الفراغ الذي نتج عن الانكماش الاميركي، وباتت شريكا في حزام امني وعسكري يبدأ من الحدود الافغانية الايرانية في الشرق، وينتهي على شواطيء البحر المتوسط في لبنان وسوريا، مرورا بالعراق طبعا.

الجميع في المنطقة الشرق اوسطية بات الآن يطلب ود الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ويقدم له المغريات السياسية والعسكرية والاقتصادية لكسبه الى جانبه، السعودية عرضت صفقات اسلحة ضخمة واستثمارات اضخم، وتركيا اردوغان، اعتذرت رسميا، وباللغة الروسية، منعا لاي لبس او تأويل، وايران فتحت قواعدها العسكرية التي ظلت مغلقة لاكثر من سبعين عاما، والامارات تمول صفقات اسلحة روسية لحليفها المصري الذي بات يدير ظهره تدريجيا للغرب، وحتى المعارضة السورية لم تقطع شعرة "معاوية" مع موسكو، وتحج اليها بين الحين والآخر، وشاهدنا ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي يجتمع ببعض اعضائها في الدوحة قبل يومين.

ولعل العرض الاكبر لكسب الود الروسي جاء من السيد عادل الجبير، وزير الخارجية السعودي الذي اكد ان بلاده مستعدة لاعطاء روسيا حصة اكبر في منطقة الشرق الاوسط من تلك التي كانت لدى الاتحاد السوفييتي، ولكنه عرض جاء متأخرا، ولم يثر لعاب الرئيس بوتين، ان لم يكن قد نظر اليه بسخرية، فمن يعطي من؟ وهو عرض لمن لا يملك، لمن يملك، بفرض الامر الواقع عسكريا واستراتيجيا.

التحالف الروسي السوري الايراني بات يملك اليد العليا في الملف السوري بشقيه السياسي والعسكري، وبضوء اخضر اميركي، وازداد قوة بعد الاعتذار التركي لبوتين عن اسقاط الطائرة، والانقلاب العسكري الفاشل المدعوم اميركيا للإطاحة بحكومة حزب العدالة والتنمية، وسيزداد هذا الحلف صلابة  بالانقلاب الذي حدث في اولويات الحكومة السعودية.
القيادة السعودية كانت تريد حسم الوضع عسكريا بدعمها للمعارضة السورية المسلحة في حلب على وجه الخصوص، حتى تتفرغ لليمن، ولكن هذه الاستراتيجية لم تنجح، وادركت هذه القيادة حتمية وضع تأمين امنها الداخلي، وجوارها الاقليمي الجنوبي، على قمة اولوياتها، ومن المتوقع ان يتراجع موقفها السياسي والعسكري في سورية في الاشهر، وربما السنوات المقبلة.
***
معركة صنعاء باتت اهم لصانع القرار السعودي من معركة حلب، وتأمين الحدود الجنوبية السعودية في نجران وجيزان وعسير، حيث التوغلات الحوثية الصالحية، والصواريخ البالستية بات اهم من اسقاط نظام الرئيس بشار الاسد، وصمت السيد الجبير، واختفاؤه هذه الايام، يؤكد هذه الحقيقة.
انطلاق الطائرات الروسية العملاقة من قاعدة همدان الايرانية رسالة قوية جدا الى السعودية ودول الخليج (الفارسي)، تقول مفرداتها ان قواعد اللعبة تتغير بسرعة، وان اليمن بات على قمة الاجندة بعد سوريا.

هل ستستوعب القيادة السعودية هذه الرسالة وتفك شفرتها، وتتصرف على اساسها، وهي تدرك جيدا ما هو المطلوب منها، وتقلص خسائرها، ام انها ستتجاهلها، وتكابر مثلما كان عليه الحال في السابق؟
الاجابة ستأتي من اليمن وميادينه العسكرية، وما علينا غير الانتظار.

 

 عبد الباري عطوان

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك