التقارير

"سايكس-بيكو" جديدة بأياد عربية

2664 19:05:11 2016-05-15

في الذكرى المئوية الأولى لعقد اتفاقية "سايكس-بيكو"، يجد المحللون والكتبة الفرصة مناسبة للإضاءة على مصدر تسمية هذه الاتفاقية.

وقد جاءت التسمية من اسم السير مارك سايكس، المستشار الدبلوماسي البريطاني، وفرانسوا-جورج بيكو، السكرتير الأول في السفارة الفرنسية في لندن.

ولا ينسى المحللون والكتبة الإشارة إلى دور بطرسبورغ ووزير خارجية القيصرية الروسية سيرغي سازونوف في هذه الاتفاقية، التي سميت بادئ الأمر باسم "اتفاقية القاهرة السرية"؛ حيث تم التوصل إليها بعد اجتماعات في القاهرة، لتستمر المفاوضات في مدينة بطرسبورغ، وتسفر عن اتفاقية سايكس-بيكو-سازونوف الثلاثية، التي حددت مناطق نفوذ كل من الدول الثلاث في غرب آسيا من تركة "الرجل المريض"، كما سمى القيصر الروسي ألكسندر الأول، بعدالحرب العالمية الأولى، الخلافة العثمانية، التي كانت مسيطرة على هذه المنطق.

وتتحدث المراسلات المحفوظة في المكتبة البريطانية عن "المعاهدة"، وتشير إلى "مناقشات مع الحكومة الروسية بشأن المعاهدة، واستعدادهم (الروس) لقبولها شريطة أن يُسمح لروسيا بضم أرضروم وطرابزون وفان وبدليس..".

ومع أن الاتفاقية عُدلت بعد ذلك غير مرة، فإنها سمحت بتقسيم البلاد العربية بين المنتصرين. لكن الظروف تغيرت بالنسبة إلى بطرسبورغ بعد اندلاع الثورة البلشفية، فلم تعد تطالب بحماية الأرثوذكسيين في فلسطين، ولم تَعُد تستشار في أمورها، ولم تُضم إليها أرضروم وطرابزون وبدليس. وهي لم تشأ ذلك بعد اندلاع ثورة أكتوبر البلشفية، بل ونشر البلاشفة السوفيات نص الاتفاقية.

بيد أن العرب أدركوا أنهم خُدعوا، وأن بريطانيا استغلت توقهم للاستقلال عن الخلافة العثمانية لمحاربتها بأيديهم. وأن الشريف حسين، الذي قاد الثورة العربية الكبرى، وتحالف مع البريطانيين لنقل الخلافة إلى العرب، لم يكن إلا أداة لمحاربة الأتراك، تُخلي عنه عندما انتفت الحاجة إليه.

وقد لعب دورا كبيرا في خداع العرب ضابط الاستخبارات البريطاني لورانس العرب.

والمتابعون للأمور في هذا الصدد يؤكدون أن تقسيم المقسم آت، وإن أجلته إلى حين العملية الروسية العسكرية في سوريا، وأنه سيكون وفق رؤية جديدة تكون رائدتها هذه المرة الولايات المتحدة، للقضاء على أي حلم للعرب بالوحدة، والذي رفعهما الناصرية وحزب البعث وغيرهما.

ويتذكر الجميع تصريح مدير الإدارة العامة للأمن الخارجي في فرنسا (الاستخبارات الفرنسية) برنار باجوليه، العام الماضي في مؤتمر صحافي مشترك في واشنطن مع مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية جون برينان، بأن: "الشرق الأوسط الذي نعرفه، انتهى إلى غير رجعة"؛ مشككا في أن يعود مجددا إلى ما كان عليه؛ ومؤكدا أن دولا مثل العراق أو سوريا لن تستعيد أبدا حدودها السابقة.

غير أن تقسيم العرب، هذه المرة، لن يجري إلى قوميات؛ فلم تحقق الصراعات القومية العربية-الفارسية النتائج المطلوبة في تأليب الشعوب العربية ضد بعضها بعضا، وضد إيران، منذ عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

ولذا نصح المستشرق البريطاني-الأمريكي برنارد لويس باستخدام العنصر المذهبي. فبدأنا نسمع عن البيت الشيعي والبيت السني في العراق مثلا، بفضل القنوات الطائفية العربية المتكاثرة.

وأصبحت هذه القنوات "تنوِّر" المشاهد العربي، الذي لم يكن يعرف فرقا بين شيعي وعلوي وسني، وتبيِّن للجاهلين الفروق العقائدية بين المذاهب الإسلامية.

وأصبح السني يعرف عن الشيعي أكثر مما يعرفه عن أهل السنة، والشيعي كذلك عن المذهب الجعفري، وكلاهما لا يعرف إلا النزر اليسير عن مبادئ الدين الإسلامي الحنيف.

وإضافة إلى ذلك، لا تنسى هذه القنوات المقززة دعوة مشاهدها إلى الحذر من المؤامرة الصليبية، التي يحوكها ضد بلاده مواطنوه المسيحيون.

كل ذلك من أجل صياغة سايكس-بيكو جديدة، بأياد عربية-إسلامية، وعن طريق "ثورة إسلامية كبرى" لا يزال يقودها أبو بكر البغدادي، الذي كان مرميا في سجون العراق الأمريكية، قبل أن يفرج عنه لينشر الخراب في هذه البقعة المعذبة من الكرة الأرضية.

إن خطة الغرب في إطلاق-سايكس بيكو الجديدة تتمثل بالتقسيم الطائفي وتأجيج النزاعات بين مختلف المناطق العربية، واثارة النُعَر الطائفية في مناطق البلد الواحد: من البحرين إلى العراق والكويت والسعودية ولبنان، فضلا عن سوريا الثكلى.

أما فيما يتعلق بروسيا، فليست مهمتها الحرب من أجل توحيد العرب، ولكنها وجهت ضربات مؤلمة إلى الغول المسمى "داعش" في سوريا، مدركة أنه إن أفلت من عقاله فلن يقتصر خطره على العرب وحدهم، على أمل أن يفهم ذلك الآخرون.

حبيب فوعاني

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابوايمن البحراني
2016-05-15
نعم محور الشر يعمل ليل نهار لتقسيم المقسم لكن ان شاء الله مادام محور المقاومه موجود ويعمل بجد وإخلاص تحت راية السيد القائد الخامنئي أعلى الله مقامه فهو حتما ساقط كما سقط مشروعهم عام 2006 مشروع الشرق الأوسط الجديد فقد اسقطه رجال الله في جنوب لبنان وكذلك الآن أن شاء الله ساقط بفعل ضربات رجال الله في ايران وسوريا والعراق ولبنان
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك