التقارير

وجود الجيش الأحمر في سورية يقلق العدو ويقلب معادلات القوة في الشرق الأوسط؟

2412 11:42:59 2015-09-08

أكدت صحيفة "الأخبار" اللبنانية في مقال لها حمل عنوان "تحولات إستراتيجية وسياسية عميقة في الشرق الأوسط.. الجيش الأحمر في سورية" وكتبه ناهض حتر، أن الحضور العسكري القتالي لروسيا في الحرب السورية، أصبح واقعاً قائماً ومرشحاً لمزيد من التوسّع والتنامي والتأثير الميداني؛ لكن المفاعيل الإستراتيجية والسياسية لهذا المسار، هي الأهم.

وقالت الصحيفة: تضع روسيا على طاولة السياسة، قوتها العسكرية أيضاً، ومقاربتها واضحة: التفاهم مع إيران، عسكرياً، ومع مصر، سياسياً، لحل الأزمة السورية، وتوحيد الجهود في محاربة الإرهاب. وأضافت حطّ ضباط ومقاتلون من الجيش الأحمر، رحالهم، في الثلث الأخير من شهر آب الفائت، في أول قاعدة عسكرية روسية حربية في سورية. فقد كان الروس يحتفظون، منذ العهد السوفياتي، بقاعدة بحرية في طرطوس، لكنها مخصصة لرسوّ سفن الأسطول الروسي وخدمتها، واستقبال واردات الأسلحة والذخائر التي تزوّد بها موسكو، الجيش السوري.

القاعدة الجديدة، تقع في «حميميم» في جبلة، قرب اللاذقية، وتشغل قسماً من مطار باسل الأسد الدولي، وأراضي واسعة محاذية، أُقيمتْ، فيها، البنى التحتية لمطار ومعسكر يضم طيارين ومغاوير، ربما يصل عديدهم، الآن، إلى ألف عسكري، لكنه سيصل، على الأرجح، إلى ثلاثة آلاف. ولا يُعرف، بالطبع، العدد الفعلي للقوات الروسية المنتشرة في عدة مناطق سورية من بينها حمص وحماة واللاذقية ودرعا وعين السودا. وتشير تقارير دبلوماسية إلى أن قوة تدخّل سريع روسية وصلت وعسكرت في قاعدة عمليات متقدمة بالقرب من دمشق.

وقالت الصحيفة: من الواضح أن التحركات العسكرية الروسية في سورية، تكثّفت، مؤخراً، إلى حد دفع وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، إلى مهاتفة نظيره الروسي، سيرغي لافروف، للإعراب عن «قلق واشنطن»؛ لكن تستبعد الأوساط السياسية الغربية، وكذلك الإسرائيلية، ألا تكون موسكو قد أبلغت، مسبقا، الولايات المتحدة، بـ «زيادة نشاطها العسكري» لصالح الدفاع السوري.

ولدى مناقشة المسؤولين السوريين بالتقارير الصحفية والميدانية المتكاثرة حول بداية انضمام الروس إلى القتال في سورية، فإن الإجابة الأولى تؤكد على أن تقاليد العلاقة الدفاعية بين الجيشين، الروسي والسوري، «قديمة ودائمة ومتطورة»، وما يحدث، حالياً، يحدث «في سياق التعاون، وليس مفاجئاً، إلا لأولئك الذين تدفعهم خيالاتهم وأمنياتهم إلى الاعتقاد بأن موسكو لن تسير معنا إلى آخر الشوط». بالخلاصة، التقارير حول ازدياد النشاط العسكري الروسي في سورية، «صحيحة»، إنما «على العموم، وليس في التفاصيل» التي تعدّ سراً عسكرياً.

وأضافت الصحيفة: الانخراط الروسي في المعارك يعد «مسلّما به» في أوساط العسكريين السوريين. وفيما تداولت صفحات روسية على مواقع التواصل الاجتماعي صورا لعسكريين روس على الجبهات السورية، كشفت صحيفة «الأخبار»، السبت الماضي، عن قيام طائرات سوخوي حديثة، بطلعات حربية في سماء محافظة إدلب التي يحتلها الإرهابيون. وقال مصدر ميداني إن المعادلة الميدانية، بالنسبة لسلاح الجو، تغيرت؛ فبينما «كنا نحصل على 50 في المئة من طلباتنا لقصف أهداف للإرهابيين، أصبح الطيران الحربي يطلب منا تحديد المزيد من الأهداف؛ أعتقد أن قدرة القوة الجوية السورية، تضاعفت». ويقوم الجيش الروسي بتزويد نظيره السوري، حالياً، بصور يتم التقاطها، عبر الأقمار الاصطناعية، حول جبهات القتال والمناطق المحتلة من قبل تنظيمات إرهابية.

ورأت الصحيفة أن الجيش الأحمر بدأ القتال إلى جانب الشعب السوري، في حربه الدفاعية ضد الإرهاب. لكن هذا التطور الاستراتيجي ليس وليد الأسابيع الأخيرة، وإنما يعود إلى أوائل ربيع هذا العام، حين أعلن الرئيس بشار الأسد، في لقاء مع وسائل الإعلام الروسية، أنه يؤيد إقامة قاعدة عسكرية روسية جديدة على السواحل السورية. وكان أوضح، في حينه، أن تعزيز الوجود العسكري الروسي في العالم، «ضروري جداً لخلق نوع من التوازن المفقود منذ تفكك الاتحاد السوفيتي... وبالنسبة إلينا، نحن نرحب بأي توسع للوجود الروسي في شرق المتوسط، وتحديداً على الشواطئ وفي المرافئ السورية».

حين ذاك، كانت على مائدة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، تقارير ميدانية لخبراء من الجيش الأحمر، بعضها تم إقراره، بصورة علنية، ويتعلق بتوسيع وتحديث القاعدة البحرية الروسية في طرطوس، بحيث تكون أكبر محطة بحرية للاتحاد الروسي في الخارج، أما القسم الآخر من تلك التقارير، فقد كان يتعلق بالاستجابة لعرض الرئيس الأسد إقامة قاعدة عسكرية قتالية جديدة في سورية.

وأضافت الصحيفة: تكشف هذه الخلفية عن تطور العلاقات الدفاعية، الروسية- السورية أن ارتفاع وتيرة النشاط العسكري الروسي في سورية ليس وليد ساعته، مما يدحض التحليلات التي ربطت بينه وبين مخاوف من تراجع الجيش السوري ونشوء جيب «داعشي» بالقرب من دمشق...الخ. ففي الوقائع، ما يثبت أن كل خطوة عسكرية روسية تأتي في مسار استراتيجي، لا كردة فعل ميدانية. وهكذا، فإن هذا المسار سيظل يتصاعد حتى قيام تحالف عسكري شامل بين روسيا وسورية من شأنه أن يقلب معادلات القوة في الشرق الأوسط، بصورة جذرية.

ورغم أن العلاقات الدفاعية بين موسكو ودمشق، تمتد إلى ستة عقود؛ فإن اللحظة الفارقة التي تقرر فيها المسار النوعي الجديد، هي تفاهم العاصمتين على سحب ذريعة الكيماوي من أيدي دعاة الحرب الأميركية على سورية، العام 2013؛ في تلك اللحظة، تم وضع سورية تحت المظلة النووية الروسية، في سياق استغنائها عن السلاح الكيماوي. وسنلاحظ أن صفقة الكيماوي السوري بين الدولتين الأعظم، هي التي فتحت الطريق أمام تنامي الحضور السياسي الروسي في الإقليم، واعتراف الولايات المتحدة، المتزايد، بذلك الحضور، سواء بالنسبة للملف السوري أم الملف النووي الإيراني.

وعلى عكس التوقعات، كان إبرام الاتفاق النووي، بين طهران والقوى الدولية، إطاراً وحافزا لتعزيز التحالف بين روسيا والجمهورية الإسلامية في كل المجالات، وفي مقدمها، المجال الدفاعي، والتعاون الثنائي في حل المشكلات الإقليمية. وبالنسبة لسورية، فإن الإيرانيين والروس، يسيرون على الخط نفسه في دعم الدولة السورية في حربها على الإرهاب، على أن المسار السياسي قد يكون مختلفاً. نسّقت موسكو، تزايد وجودها العسكري في سورية، مع الإيرانيين، في سياق تفاهم كامل بين الحليفين. ورغم أن انتقال الموقع الأول في دعم الجهد العسكري والقتالي السوري، بدأ ينتقل من إيران إلى روسيا، فإن الإيرانيين، في المحصلة، يجدون أن هذا التطور ملائم لمصالحهم التي باتت أكثر تعقيدا، جراء الاتفاق النووي والتهيؤ لتطورات سياسية واقتصادية في علاقات إيران بالغرب، من جهة، وتزايد المهمات الملقاة على عاتق إيران في محاربة الإرهاب في العراق.

وأكدت الصحيفة أن المشاركة الروسية في القتال في سورية، سيكون لها أثر ميداني متصاعد، إلا أن الأهم يكمن في ما تحدثه من متغيرات إستراتيجية وسياسية؛ على المستوى الاستراتيجي تُحسَب هذه الخطوة تلويحا بالقوة نحو إسرائيل وتركيا، وإنذاراً لهما بالانكفاء عن التدخل في الشؤون السورية. بالنسبة لإسرائيل التي فهمت الرسالة، حتى قبل أن تتسلمها رسمياً، أدركت أن السماء السورية ستغدو مقفلة إزاء الطيران الإسرائيلي، لكن تركيا أردوغان، ربما تعاند قليلا، قبل الرضوخ للمعادلة الإقليمية الجديدة التي يرسيها الروس، وستؤدي إلى:

(1) انكفاء أنقرة خلف حدودها لتواجه مأزق الانتفاضة الكردية.

(2) وضع الإسرائيليين أمام مأزق قيام منطقة مقاومة في جنوب سورية، بغطاء روسي، مما يفرض قضية الجولان المحتل على جدول الأعمال الدولي.

سياسياً، يترافق المسار العسكري الروسي في سورية، مع المسار السياسي. فموسكو تبعث برسالة صارمة إلى كل الأطراف، مفادها أنه آن الأوان للتوصل إلى حل سياسي في سورية. وهو حل يستحضر المصريين إلى رعايته، مدعوماً بقرار روسي بالانخراط في الحرب ضد المسلحين والإرهابيين في سورية، حتى النهاية. أعطت إيران موافقتها على الرعاية المصرية. وهو ما يفتح الطريق إلى عزل تركيا، ويطرح على السعودية، خياراً وحيداً بين السلام (في سورية واليمن معاً) أو العزلة والانهيار.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك