التقارير

دمرت اليمن فماذا بعد؟!

1784 10:19:43 2015-05-03

طلال سلمان

   نحن، إذن، أمام مملكة سعودية جديدة ولّدها «الانقلاب» الذي رافق انتقال السلطة من الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز ونهجه المميز بقدر من الرحابة والتسامح وتقديم الأخوة على المخاصمة، إلى الملك سلمان بن عبد العزيز الذي كان جاهزاً بالخطة والرجال لمباشرة «عهد جديد» يختلف عن سابقه اختلافاً في جوهر السياسة كما في تفاصيلها «الانتقامية».

وإذا كان من الصعب دخول «بيت السر» في مملكة الصمت فإن مسلسل القرارات والإجراءات والتصرفات التي صدرت عن «العهد الجديد» وأخطرها الحرب على اليمن، تدل أنها كانت معدّة من قبل وبالتالي فإن الذين تولوا سدّة الحكم قد باشروا تنفيذها فوراً وبسرعة قياسية وبمنهج انقلابي كان جاهزاً ينتظر إعلان وفاة الملك الراحل لطي الصفحة ومباشرة «عهدهم الجديد».

بعد القرارات الخاصة ببيت الحكم، أي «السديريين» الذين اندفعوا يشغلون مركز القرار، في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والدعوية (أي الوهابية ورجالها العتاة في تطرفهم)، باشر العهد الجديد «ضبط» مجلس التعاون الخليجي:

هكذا تمّ «تأديب» قطر وإلزامها باحترام التراتبية في الحجم والقدرات سواء على المستوى العربي ومن ثم الدولي: «اذهبوا فاشتروا القصور والقلاع التاريخية والفنادق في قلب باريس ولندن ونيويورك، وكذلك البنوك وشركات الاستثمار، واكملوا سيطرتكم على وسائل الإعلام، عربياً بالأساس ثم دولياً، ولكن... لا تنسوا لحظة أن القرار هنا في الرياض».

أما سائر أعضاء مجلس التعاون الخليجي فقد انضبطوا والتزموا.

ثم كان لا بد من اليمن، ولو تعاظمت المغامرة: الذريعة جاهزة ويمكن النفخ في خطورة الاجتياح الإيراني والتشهير بالحوثيين (والتسمية تتقصّد تجنّب استنفار الزيود جميعاً، ومحاولة عزل تنظيم «أنصار الله» بجعله مؤسسة عائلية)، ثم استمالة بعض المخلوعين عن سدة السلطة في الجنوب (أيام كان دولة مستقلة عن اليمن)، فضلاً عن استثارة عموم الجنوبيين ممّن لم يسلموا باستتباعهم للشماليين في صنعاء، مع استمالة «الإخوان المسلمين» وبعض القبائل المستعدة لنقل السلاح من كتف إلى آخر بالثمن. مع كثير من «الخلايا النائمة» التي كانت تنتظر الأمر بالتحرك.

ولقد تمّ اختيار «ساعة الصفر» بدقة: بالتزامن مع الإعلان عن الاتفاق المبدئي بين مجموعة 5+1 (بالقيادة الأميركية) وإيران حول مختلف القضايا العالقة بعنوان التخصيب النووي، وهو اتفاق خطير جداً ويمكن اعتباره تهديداً للسعودية بما هو تجاوز لركائز التحالف معها، وتركها وحيدة في مواجهة خطر التمدد الإيراني الذي ترى المملكة المذهبة أنه سيتمدد إلى اليمن، بما يجعل السعودية محاصرة، ويضرب هيبتها ودورها القيادي على المستوى العربي، لا سيما بعد كسب مصر، وانضواء الممالك والإمارات والمشيخات تحت عباءتها.

لا بد إذن، من الهجوم، ولكن مع استذكار نصيحة الأب المؤسس الملك عبد العزيز، بتجنب التوغل في اليمن، واعتماد آلية تقوم على القصف الجوي الكثيف وتحريك الجماعات الغاضبة أو المحبطة أو المعروضة للبيع، خصوصاً بعد استنقاذ الرئيس المؤقت عبد ربه منصور هادي (وهو جنوبي) واصطحابه إلى القمة العربية في شرم الشيخ لاستصراخ نخوة الملوك (وهم جاهزون) ومن تيسر من الرؤساء (في غياب الجزائر والعراق وسوريا.. فضلاً عن ليبيا).

حسناً.. لقد تمّ ذلك كله في أسرع وقت وبأرخص الأثمان، وتمّ تدمير اليمن شمالاً وجنوباً، بتغطية استثنائية فاضحة من مجلس الأمن الدولي، في حين أن مندوب الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر لم يتعب من التصريح أن التسوية في اليمن كانت ـ قبل «عاصفة الحزم» ـ شبه مكتملة وقد بوشر فعلاً بتنفيذها... وربما لهذا السبب «استقيل» وجيء بموظف أممي من موريتانيا إلى الحقل الدموي الذي يغلفه الذهب.

لكن الحرب لما تنتهِ، وهي لن تنتهي في المستقبل القريب...كل ما حدث أن دولة عربية رابعة، خامسة، سادسة قد ضربها الخراب! وهذا ليس نصراً يستحق الاحتفال بالعهد الجديد في المملكة المذهبة!

19/5/150503

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك