100 دقة دقتها اجراس كنائس الارمن حول العالم .ضربت بها قلوب البشر وهى تذكرهم بإبادة مليون ونصف أرميني ،كارثة بشعة حدثت منذ 100 عام بالتمام والكمال ،وفي ارمينيا أجتمع عدد من رموز العالم من رؤساء ورجال دين حيث شاركوا في مؤتمر دولي كشف الكثير عن حقائق الابادة ونقلت وكالات الانباء وثائق وصور تنشر لإول مرة حول هذه الكارثة التي تدق عنق الكبرياء والغطرسة التركية وتجعل البشر يشمئزون من رؤية السياسة والسلطة التركية ملوثة بالدم لافرق بينها وبين داعش بل توحد في الفكر واسلوب الذبح والتعذيب والخراب
نتذكر ونطالب
رفع احياء ذكري الابادة شعار من كلمتين هما ( نتذكر ونطالب ) كلمتان تختصران قضية الشعب الأرمني في الإبادة التي فتكت بأجدادهم منذ مئة عام في بلدة اضنه ومناطق أخرى من ارمينيا على يد السلطنة العثمانية. لا يريد الأرمن من العالم الا إنصافهم في قضيتهم التي دفعوا ثمنها مليوناً وخمسمئة ألف شهيد. لا يريدون سوى تحقيق العدالة، الحجر الاساس لشرعة حقوق الانسان، وبعد العدالة يطالبون تركيا بتعويض الاضرار المادية والبشرية التي تكّبدها اجدادهم.
في الذكرى المئوية للابادة، التي اصبحت من اهم القضايا المطروحة في كواليس الدبلوماسية الدولية،تحدث كاثوليكوس ( اسقف )الأرمن الأرثوذكس لبيت كيليكيا بلبنان آرام الأول كيشيشيان لصحيفة "النهار"
حيث اكد "نحن لا نعادي تركيا، لكننا نطالبها بالاعتراف بالابادة وتعويض الاضرار البشرية والمادية، كي ننطلق في مسيرة جديدة من العيش المشترك".واضاف القضية الأرمنية قضية عدالة. والذكرى المئوية للإبادة هي تذكير لنا جميعاً، بما في ذلك المجتمع الدولي وتركيا، بأن قضيتنا هي قضية عدالة. الإبادة الأرمنية واقع تاريخي لا يمكن إنكاره ولا نسيانه. لقد فقدنا، من خلال الإبادة التي خطّط لها جيداً الأتراك العثمانيون في تلك الحقبة ونفّذوها بمنهجية، مليونأ وخمسمئة الف أرمني. وقد تم تدمير (أو مصادرة) آلاف الكنائس والأديرة والمراكز الاجتماعية الأرمنية، بما في ذلك أملاك أرمنية خاصة ومعالم ومقتنيات روحية ودينية وثقافية ذات قيمة كبيرة جداً. هذه هي الوقائع، لا يستطيع الأرمن أن يلتزموا الصمت أو أن يكونوا لا مبالين. فالنضال من أجل العدالة هو جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية للشعب الأرمني. وحول استخدام مصطلح الابادة لوصف ما حدث قال يجب أن تبقى الأخلاق فوق السياسة. يجب أن تبقى الحقيقة فوق ما يُعرَف بـ"المصالح الجيوسياسية". وعندما استخدام البابا فرنسيس ذلك فانه ينسجم مع التاريخ. فالإبادة الأرمنية واقع تاريخي، وإنها الإبادة الأولى في القرن العشرين. و الأبعاد الثلاثة المتمثّلة بإدانة الإبادة والاعتراف بها والتعويض، مترابطة ترابطاً وثيقاً. بموجب القانون الدولي، الإبادة جريمة ضد الإنسان ية. وحول الموقف التركي المتعنت قال لسوء الحظ، تحاول تركيا أن تضع كلام قداسة البابا والمطالبة الأرمنية بالعدالة في سياق ديني.
هذه المقاربة غير مقبولة، لم تكن الإبادة الأرمنية مرتبطة بمبادئ أو قيم دينية. بعبارة أخرى، لا علاقة لها على الإطلاق بالدين. كانت الإبادة الأرمنية جزءاً من السياسة والعقيدة البانطورانية التي انتهجها اتحاد "تركيا الفتاة" في الأمبراطورية العثمانية. وبحسب هذه العقيدة، يجب أن تكون كل الدول والشعوب الخاضعة للأمبراطورية العثمانية، ذات الأصول الإثنية والثقافية التركية، جزءاً من امبراطورية واحدة هي الأمبراطورية العثمانية. كان الأرمن عائقاً أمام هذا المخطط، لأنهم كانوا يملكون حضوراً راسخاً ومنظّماً جداً في الامبراطورية العثمانية. لذلك من أجل تطبيق ما يُسمّى "السياسة البانطورانية"، أرادوا القضاء على الوجود الأرمني في الأمبراطورية العثمانية. هذا كان الهدف من الإبادة. لذلك أكرّر أن ليس للدين أي علاقة بالإبادة. عاش الأرمن والمسلمون معاً طوال قرون، في أجواء من الاحترام والتفاهم المتبادلَين. نحن لا نعتبر تركيا عدواّ لنا، لكن لدينا مطالب. أجداد تركيا الحالية قتلوا أجدادنا، لذلك لا يمكننا التزام الصمت. على المجتمع الدولي ألا يلتزم الصمت، وعلى إخوتنا وأخواتنا المسلمين ايضا ألا يلتزموا الصمت. الإبادة هي إبادة، والصمت نوع آخر من الإبادة. ونحن نؤيّد المصالحة، بين الأمتين الأرمنية والتركية، لكن من أجل هذه الغاية، ينبغي لتركيا أن تتصالح أولاً مع تاريخها، عليها أن تقبل بوقائع تاريخها.
واضاف ننتظر من المجتمع الدولي اتخاذ موقف جازم من الإبادة الأرمنية، ليس فقط من أجل الاعتراف بهذه الواقعة التاريخية، إنما أيضاً لمنع وقوع إبادات، وفظائع ومجازر جديدة. التاريخ يكرر نفسه من خلال ما يحدث في سوريا والعراق ضد الأقليات، بمن فيهم المسيحيون. يجب أن تخرج الأديان عن صمتها.واكد جميع الأرمن، أينما كانوا في العالم، يردّدون أمراً واحداً: "العدالة والعدالة والعدالة". العدالة هبة من الله. أي موقف أو تصرف مناوئ للعدالة، بعبارة أخرى، أي شكل من أشكال انتهاك العدالة، هو إثم يُرتكَب بحق الله. العدالة هي في صلب القانون الدولي والاتفاقات الدولية. لا ننتظر مواساةً أو نصائح أو دروساً من تركيا أو من جهات أخرى. إذا كنا ملتزمين العدالة، علينا أن نساند القضية الأرمنية.
الجراح النازفة
وفي نفس السياق أعلن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن، اليوم الخميس، عن تضامنه مع الأخوة الأرمن في إحيائهم للذكرى المئوية الأولى على الإبادة التي تعرض لها أخوة وأخوات لهم بسبب إيمانهم المسيحي في العام 1915.
وقال المركز في بيان وزع اليوم "مع البابا فرنسيس، وعلى وقع الترانيم الأرمنية والسريانية التي ارتفعت في كنيسة القديس بطرس في الفاتيكان ترحماً على أرواح الشهداء، قبل أسبوعين، نقول: "يبدو أنّ الإنسانية غير قادرة على وقف سفك دماء الأبرياء. بل يبدو أنّ الحماس الذي سطع في نهاية الحرب العالمية الثانية بدأ يختفي ويذوب. ويبدو أنّ الأسرة البشرية ترفض التعلم من أخطائها الناتجة عن شريعة الإرهاب؛ فحتى اليوم هناك من يحاول محو الآخر، بمساعدة البعض وبالصمت المتواطئ للآخرين الذين يقومون بدور المتفرجين. إننا لم نتعلم بعد أنّ "الحرب هي حماقة، هي مجزرة عديمة الفائدة".
وقدم المركز الكاثوليكي العزاء إلى الشعب والكنيسة الأرمنية مؤكداً أن "الأخطر ليس معالجة جراح الماضي الغائرة في خاصرة العالم فقط، وإنما كذلك وقف الجراح النازفة اليوم، حيث ما زال القتل والدمار سيدي الموقف، وما زال الله تعالى يستخدم لتبرير العنف، وما زالت مكوَنات دينية واثنية وعنصرية تضطهد وتقتل وتُهجر، وقد دخل العالم في نفق مظلم يسمى في بعض الأوساط بالحرب العالمية الثالثة".
وشدد البيان، الموقّع من المدير العام الأب رفعـت بدر، على استضافة الاردن للأخوة الأرمن المهجرين، في بداية القرن العشرين، حيث حمل أحد الأحياء في عمّان اسمهم، مشيراً إلى وثيقة الحسين بن علي عام 1917 التي دعت العالم العربي والإسلامي إلى الإعتناء بالأرمن وتقديم الحماية لهم. وقال البيان: أن "عالم اليوم يعيش نوعاً من الإبادة الجماعية الناجمة عن اللامبالاة العامة والجماعية"، لافتاً إلى أن الجرائم المتكررة التي يقابلها العالم بصمت مدوي، وآخرها مقتل 28 إثيوبياً مسيحياً في ليبيا، تمثل صرخة إنسانية في وجه الظلم والطغيان".
وتذكر البيان كلمات قداسة البابا فرنسيس في أن "إخفاء أو إنكار الشر هو مثل ترك الجُرح النازف بدون مداواة"، فعدم عدم الإعتراف بالإبادة الأرمنية يعني أن إبادات جديدة ستحصل. كما حثّ جمع السلطات السياسية لكي يعملوا على تعزيز العدل والأمن من خلال البدء في مسيرة حقيقية للمصالحة والسلام، وإلى تضافر الجهود من قبل أتباع الديانات من أجل القضاء على الفكر التطرفي والإلغائي للآخر الديني.
وأضاف إن "صوت ضحايا النزاعات في عالم اليوم يجب أن يدفعنا بشكل لا لبس فيه إلى حوار عميق حول التاريخ، مبني على الحقيقة والصراحة، فمهما حمل التاريخ في ماضيه من آلام ومآسٍ وأخطاء، إلا أنه يجب أن يشكل حافزاً إلى التعلّم من هذه الكبوات، لتكون جسراً لتجاوز جراحات الماضي".
وأكد إن "عالم اليوم في أمسّ الحاجة إلى تعزيز ثقافة المصالحة والتلاقي، وليس لتبادل الاتهامات والجدالات، فمستقبل البشرية يعني أن هناك حاجة لجذور الماضي العميقة، وهذه الجذور -التي تتغذى من الحقيقة والضمير- تشكل القوة الحيوية لمجتمعات حرة، إنسانية ومتضامنة، فبدون البحث عن هذه الحقيقة يصبح كل مجتمع مقياساً لنفسه ولتصرفه، مما يقود لتعزيز عولمة اللامبالاة في العالم النابعة من الأنانية".
وفي ختام البيان دعا المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، التابع للبطريركية اللاتينية، جميع الكنائس والرعايا المنتشرة في المملكة إلى قرع الأجراس مئة مرة حيث يرمز هذا الى مرور مائة سنة على تلك المأساة المروعة.