باريس ـ نضال حمادة
حصل ما كان متوقعاً وتحولت شوارع باريس الى ساحة حرب وقتال لعناصر الجماعات التكفيرية المسلحة، بعد سنوات اربع من تبني الحكومات الفرنسية المتعاقبة للجماعات التكفيرية المسلحة في سوريا منذ اواخر حقبة ساركوزي وخلال حكم هولاند.
قتلى هجوم شارلي ايبدولم تتوقف فرنسا عن اللعب بالنار في الحرب السورية. وتولت منذ بداية الأزمة مظلّة حماية للدول الخليجية الداعمة للجماعات المسلحة في سوريا وشكلّت الغطاء الدولي لهم عبر أكثر من مشروع قرار قدمته باريس امام مجلس الأمن الدولي لتشريع التدخل العسكري في سوريا كما حصل في ليبيا. غير ان لدمشق موقعاً استراتيجياً كبيراً وحلفاء دوليين وإقليميين حيث دفعت روسيا والصين الى اتخاذ حق النقض الفيتو اكثر من مرة ما افشل كل مشاريع التدخل.
منذ بداية الأزمة السورية وبدء تدفق المقاتلين من فرنسا الى سوريا عبر تركيا لم تتوقف تحذيرات الأمن الفرنسي وخبراء العسكر الفرنسيين من خطر هذه السياسة الداعمة للإرهاب بحجة إسقاط النظام في سوريا. وكانت الصحف الفرنسية تنشر تقارير سربتها الأجهزة الفرنسية عن خطر التحالف مع قطر كما صدرت عدة كتب تتحدث عن دور قطر في دعم الإرهاب التكفيري وكيف ان أمراء الدوحة اشتروا الساسة ونخب المجتمع الفرنسي بالاموال في سعي الدوحة لكسب فرنسا في الحرب لإسقاط الدولة السورية.
يقدر عدد الفرنسيين الذين ذهبوا للقتال في سوريا بحوالي 800 مقاتل غالبيتهم من المعروفين لدى السلطات في باريس بانتمائهم للجماعات التكفيرية التي تنتشر في كل ارجاء فرنسا وتحظى بالرعاية من السلطات وتؤسس الجمعيات التي تعمل تحت ظلها وتشتري وتستثمر في التجارة وفي المطاعم وفي قطاع الاتصالات. وتنشط هذه الجماعات بعلم السلطات الفرنسية ورضاها في فرنسا.
ويمكن مشاهدة الآلاف منهم باللباس الأفغاني في أحياء المدن الفرنسية الكبرى وفي المناطق الفرنسية في مشهد طالما تحدثت عنه الأوساط الأمنية في بلاد الفرنسيس انه نتيجة للأموال التي تدفعها قطر للنخب الفرنسية على مختلف أنواعها.
يوم الأربعاء 7 كانون ثاني الحالي عند الساعة الحادية عشر والنصف بتوقيت باريس حصل ما كانت تتوقعه الأجهزة الفرنسية. ويمكن القول اننا امام افتتاح لموسم العمليات الإرهابية داخل فرنسا عبر عملية استهدفت مقر مجلة "شارلي أبدو" التي نشرت منذ عدة أعوام رسوماً مسيئة للمسلمين.
ومن الواضح ان الجماعات التكفيرية تريد اللعب على وتر مشاعر المسلمين لجذبهم الى معركتها. كما ان هذا الهجوم أتى في وقت اعترفت فيه فرنسا بالدولة الفلسطينية ما يثير علامات استفهام كثيرة حول الجهة التي تدير هذه المجموعات التكفيرية الصديقة الحميمة للصهيوني برنارد هنري ليفي.
سقط جراء الهجوم الإرهابي 12 قتيلاً وأربعون جريحاً في أول عملية تستهدف باريس جراء تدخلاتها الكثيرة وغير المدروسة في أحداث سوريا. ويعرف الأمنيون في فرنسا قبل غيرهم ان تغيير السياسة الفرنسية في سوريا ضرورة لأمن المدن الفرنسية حالياً. وهذه العملية سوف تكون الانعطافة الكبيرة التي سوف تؤمن للساسة في باريس النزول عن الشجرة التي صعدوا اليها منذ مطالبتهم بإسقاط النظام في دمشق. الانعطافة الفرنسية بدأت في المفاوضات الإيرانية مع السداسية الدولية حول النووي الإيراني.
والتحول الفرنسي الكبير في سوريا لن يتأخّر ولن تتأخر اتصالات الاجهزة الأمنية الفرنسية مع نظيرتها في دمشق لاستدراك المجهول. وبعض هذه الاتصالات بدأ بالفعل بعد وقوع الهجوم على مقر شارلي أبدو.
13/5/150108
https://telegram.me/buratha