التقارير

الأنتخابات المحلية التركية: فوز أردوغان والأكراد أكبر الرابحين واليسار التركي الأكثر خسارة

1450 13:17:28 2014-04-03

لم ينتظر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان طويلاً بعد إقفال صناديق الاقتراع ليلقي «خطاب الشرفة» الذي جاء بمثابة إعلان انتصار حزبه بمحتوى «استفزازي» أكثر من كونه استعراضاً للقوى وإمكانيات التحدي كما جرت العادة. حزب العدالة والتنمية نجح في حصد بلديات 49 مقاطعة تركية من أصل 81 مقابل 13 كرسياً لغريمه السياسي التقليدي «المعارضة الأم» حزب الشعب الجمهوري. وفي حين كسب حزب السلام والديمقراطية الكردي، الذي يعرف في الداخل التركي بأنه الجناج السياسي لحزب العمال الكردستاني المحظور في البلاد، نال اليمين المتطرف والمتمثل في الحركة القومية 8 كراس، فاقداً رئاسة بلديتين لمصلحة الحزب الاسلامي المعتدل. إذاً خالف العدالة والتنمية توقعات «الفوز الخجول» متجاوزاً نسبة 45٪ مقابل 38.8٪ في الانتخابات الماضية (2009) رغم التظاهرات المنددة بسياسات زعيمه الأوحد رجب طيب أردوغان الذي دخل التاريخ كأول رئيس بلدية من خلفية إسلامية عام 1994 ليكسر احتكار الحزب العلماني للكرسي المذكور بعد سلسلة رؤساء، انتخاباً تارة وتعييناً في أحيان كثيرة. المتابع للشأن التركي يدرك جيداً خصوصية الانتخابات البلدية بالنسبة إلى الشعب الذي لم يجد أمامه خياراً بديلاً من العسكر المدعم بالانقلابات الدامية وحزب الشعب الجمهوري العلماني بواجهته اليسارية والمعتمدة على البورجوازية التركية المقربة من الغرب والولايات المتحدة سابقاً، وسبب المعاناة من الفقر والبطالة بالنسبة إلى الكثير من المواطنين المتهمين إياه بإغراق البلاد في سيل من الديون الجارفة، سوى بالالتجاء إلى الاسلام المتعدل. فعل ذلك هرباً من اليمين القومي المتطرف والديني الأكثر تطرفاً، والمتمثلين بحزبي الحركة القومية والسعادة وريث حزب الرفاه للأب الروحي للإسلام السياسي الراحل نجم الدين أربكان، معلم أردوغان الذي أنكره لاحقاً. وعليه، كانت معادلة العدالة والتنمية بالنسبة إلى الشعب «لسنا الأفضل لكننا الوحيدون». هذه الخصوصية تتمثل بالدرجة الأولى في اختيار الناخب التركي للمرشح اعتماداً على شخصه وسمعته أكثر منه لجهته السياسية وبرنامج حزبه الانتخابي. وهو ما يظهر جلياً في حالة عدد من الرؤساء، كما هي الحال بالنسبة إلى العاصمة أنقرة التي شهدت منافسة حادة لأول مرة منذ أكثر من 4 دورات انتخابية نال «العدالة والتنمية» خلالها الكرسي المذكور بأريحية مطلقة، وهاتاي (لواء إسكندرون) 2009 حينما نجح مرشحون في الحصول على أصوات الناخبين لدورتين متتاليتين تحت لواء حزبين مختلفين، إسلامياً تارة وعلمانياً تارة أخرى. نظرية لا يمكن تطبيقها على الانتخابات البرلمانية التي يتم خلالها التصويت للمرشح أحياناً من دون معرفة اسمه بل اعتماداً على الانتماء الحزبي. هي الخصوصية ذاتها التي استغلها كلاً من الشعب الجمهوري والحركة القومية لكسر مرشح العدالة والتنمية في عدد من مجالس المقاطعات في محاولة للظهور ككتلة واحدة من دون الإعلان عن تحالف انتحابي واضح وصريح في هذه المقاطعات المحسومة النتيجة سلفاً لجهة فوز مرشح أردوغان. وهي الخصوصية ذاتها التي أتت برجب طيب أردوغان إلى رئاسة بلدية إسطنبول قبل 20 عاماً كأول رئيس شاب، تقي، نظيف السمعة، عانى «الاعتقال التعسفي» بسبب إلقائه بضع أبيات شعرية لم ترق حينها جنرالات المؤسسة العسكرية. الرجل الذي نجح في تسويق نفسه كزعيم مناصر للقضايا الاسلامية في المنطقة ومعاناة الشعوب المسلمة في جميع أرجاء المعمورة، عمل بكد وجهد على برنامج داخلي أدى إلى تشكيل قاعدة جماهيرية لا يستهان بها خلال فترة قصيرة في صفوف الطبقة الفقيرة، إضافة إلى إسلاميي الهوى. فوفق إحصاءات نشرها الصحافي يالتشين دوغان قبيل انتخابات الـ2009، قام حزب العدالة والتنمية بتنسيب أكثر من 200 ألف عضو جديد بين عامي 1995ــ97، وبلغ عدد الندوات في حينها 4365، وعدد المؤتمرات 1572، وعدد الأفلام المعروضة 1564، يضاف إلى هذا كله، وفي الفترة المذكورة، 14231 زيارة لمنازل عائلات فقيرة في مناطق السكن العشوائي، و3740 زيارة للتبريك بأعياد الميلاد، و4215 زيارة تعزية، و2656 زيارة للتهنئة بزواج، و18628 جلسة شاي، و310 رحلات اصطياف، وزيارات للمدارس والمستشفيات والورش المهنية والحرفية. كل هذه الفعاليات أدت إلى لقاء بلدية إسطنبول فقط 1226575 مواطناً وجهاً لوجه. وإن كانت السلطة قد انتصرت والمعارضة نجحت في رفع نسبة أصواتها، فمن الذي خسر في هذه الانتخابات؟ الجواب، وببساطة، هو اليسار التركي المنقسم بين «اليسار الإصلاحي» المتهم بتلقّيه الدعم من الحكومة التركية لإضعاف «اليسار الثوري» الذي نجح في الأحداث الأخيرة في حشد ما يقارب 3 ملايين مواطن في شوارع المدن التركية الرئيسية للمرة الأولى في تاريخ الجمهورية الأتاتوركية. 6 أحزاب يسارية «مؤمنة بالاصلاح بدل السلاح» من أصل 7 خاضت الانتخابات البلدية، لم يتخطّ عدد الأصوات التي حظيت بها بضعة آلاف، عدا حزب السلام والديمقراطية الكردي المتهم بنزعته الانفصالية الذي حصد كافة بلديات «كردستان تركيا» بمرشح «مستقل» في ماردين بسبب منعه من مزاولة العمل السياسي بقرار من المحكمة التركية. قد يكون انتصار أردوغان، رغم ملفات الفساد وقمع الحريات والنيل من علمانية الدولة ودعم التطرف الديني التي تلاحقه، حافزاً للاستمرار أو حتى التمادي في سياساته المتحدية لدول إقليمية عظمى وأخرى نافذة في المنطقة. لكن نتائج الانتخابات تنذر من دون أدنى شك بعام مليء بالمشاكل الداخلية التي قد تكون حادثة وفاة المواطنين الثمانية بالتزامن مع سير العملية الانتخابية نذير شؤوم «للإسلامي النموذجي» في المنطقة. 9/5/140403 
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك