أثارني الخبر الكاذب الذي تم تسويقه باسم مكتب الشيخ جلال الدين الصغير كذبا حول ما جرى في البرلمان يوم امس الأول، ورغم حالتي الصحية التي لا تسمح لي للأسف من الاقتراب من الطاولة والجلوس لأغراض الكتابة في الكومبيوتر، ولكن حجم التضليل وطبيعة ما انعكس في الاعلام والفضائيات وطبيعة التعليقات المرتقبة على قرار النقض الحتمي من قبل رئاسة الجمهورية فقد استقصيت جهدي وعادت لي حمى الرغبة في متابعة الأخبار والحصول على زبدتها واستطعت تكوين صورة أشبه بالكاملة من خلال 6 أعضاء في مجلس النواب اثنين من التحالف و3 من الائتلاف وآخر من العراقية.
كان الائتلاف قد انجز توافقا ما بين التركمان والتحالف الكردستاني ويعود الفضل في ذلك لمفاوضي الائتلاف الشيخ الصغير والأستاذ علي الاديب وذلك في يوم الاثنين، وقد غدا كل شيء مهيئا لطي صفحة قانون الانتخاب، والتوافق الموقع يقترب من مطالب جبهة التوافق والجبهة التركمانية وعرب كركوك إلى حد كبير، ورغم سعي الشيخ الصغير لاقناع الطرفين إلا إنه اصطدم بالكثير من العقبات التي لم تتح للتوافق العام الفرصة.
وجاء يوم الثلاثاء والأجواء كانت هادئة جدا رغم وجود أجواء من التوتر تسود عادة في عملية التصويت على مثل هذه القوانين الحساسة، وتم التصويت على 23 مادة من مواد القانون بسلاسة وما أن اقترب المجلس من المادة 24 المتعلقة بكركوك حتى بدأ محمود المشهداني بطلب غريب على مجلس النواب وهو الدعوة لتصويت سري على هذه المادة، وهو أمر يخالف الدستور الذي ينص على أن التصويت السري مختص بانتخاب هيئة الرئاسة لمجلس النواب ورئيس الجمهورية ويطلق التصويت العلني في بقية الأمور وطوال عمر المجلس والجمعية الوطنية والمؤتمر الوطني ومن قبله مجلس الحكم لم تجر عملية تصويت سري واحدة، وإذا كان التصويت السري مطلوب فلماذا لمادة واحدة؟ وهذه القضية تخالف النظام الداخلي أيضا والتي تنص على ان الرئاسة هي مجموع الرئيس والنائبين وهو أمر لم يشاور الرئيس نائبيه، فتأزم الجو وازداد تأزما حينما طرح التصويت على اختيار التصويت العلني من السري من أكثر من جهة، التحالف الذي استفزه الأمر، والائتلاف الذي رأى النقض الواضح للدستور والنظام الداخلي، وقد ارتكب التحالف عندئذ خطأته الأولى حينما قبل بالتصويت إذ إن المفروض عليه أن لا يقبل بالمبدأ أبدا، وجرى هنا تلاعباً مفتضحا في عد الاصوات، وتلاعب آخر في اجراء التصويت على قبول التصويت السري، بينما الأصل هو أن يجري على التصويت العلني لأنه هو الأساس، وإذا ما كان التصويت قد جرى على السري فقد طالب الشيخ الصغير بأن يجري التصويت على العلني أيضا حتى يغلّب الرأي الأكثر وهنا ارتكب المشهداني خرقين الأول: العد المشوه للأصوات وبطريقة عشوائية مستفزة، والثاني بانه تخلف عن رأي الشيخ الصغير في ضرورة التصويت على الرأيين وتغليب أكثرهما، عندئذ لم يجد الأكراد إلا الإنسحاب من القاعة وسط الكثير من الضجيج الذي أثاره الفريق البعثي (محمد الدايني وصالح المطلك ومحمد تميم وعمر الجبوري)، فما كان من الشيخ الصغير والشيخ همام حمودي وهادي العامري والأديب إلا أن يقوموا ليهدؤوا الأكراد ويرجعوهم للقاعة وينقذوا الموقف الذي كان واضحا أن أجواء الاستفزاز كانت مهيئة سلفا، وفلتت الأمور من أيدي عقلاء مجلس النواب، عندئذ طلب الشيخ الصغير من المشهداني أن يرفع الجلسة لنصف ساعة ليسمح لهم بالتهدئة فرفض المشهداني ذلك إلا ان يختل النصاب، عندئذ وجد الصغير أن لا مجال لاسقاط النصاب إلا باخراج كتلة المجلس الأعلى من القاعة فطلب من كتلة بدر والمجلس الخروج من القاعة لعدم افساح المجال فخرجت غالبية الكتلة وبقي بعضها لعدم وضوح طلب الشيخ منهم على ماذكره لي أحدهم وقد عجل بالخروج من أجل ان لا يسمح بالتصويت على مواد القانون في وسط هذا الصخب، وهو أمر يجب أن يتسم بالهدوء والشفافية في قانون من هذا القبيل، واستمرت اللعبة فخلا الجو للتحالف البعثي مع التيار الصدري والفضيلة وتيار الجعفري حيث لعب ممثل الدكتور الجعفري فالح الفياض دورا سيئا للغاية في تمرير الأمور فحسموا الأمر لصالح أسوأ الخيارات في القانون، ومن جملتها مخالفات واسعة للقانون الداخلي والدستور وأقل ما فيها أنهم مرروا مادة 50 وهي لم تكن في القانون وطرحت في غياب المنسحبين من القاعة وهذا خرق واضح للقانون الذي يوجب ان لا يضاف للقانون أي شيء أثناء التصويت.
ويلاحظ هنا المشاهد التالية:
أولا: صالح المطلك الذي أمسك بورقة تصويته وأدلى بها إلى الصندوق وهو يهتف أنا البعثي وسط سكوت جميع من كان في القاعة.
ثانيا: حينما خرج المنسحبون طالب الأعضاء المصرون على التصويت السري أن يكون التصويت علني لانتفاء الحاجة إلى السري، لولا انتباههم في اللحظة الأخيرة.
ثالثا: في فترة التصويت على المواد الأخيرة من القانون كان النصاب منعدما ومر من دون أن يتكلم احد!!
رابعاً: في التصويت العام على القانون كان النصاب منعدما.
خامسا: أخطأ من بقي من الائتلاف خطأ كبيرا وفادحا حينما لم يخرج ليسقط دعوى النصاب الذي لم يبق له غير 3 أصوات بدعوى المشهداني وهي دعوى مقدوح بها تماما، ولو خرج هؤلاء لتوقفت العملية ولكان بالإمكان معالجة الموقف.
سادسا: نشر تيارا سياسيا بيانا كاذبا في موسوعة النهرين يحمل اسم الشيخ جلال الصغير يظهر إن المجلس الأعلى وعلي الأديب وحسن السنيد وخالد العطية كانوا ضد كركوك ومتحالفون مع الأكراد ضد مطالب أهل كركوك ومهمة البيان الذي تم تكذيبه أن يبدي بأن من صوّت وقف مع حق أهل كركوك ومن انسحب كان خاضعا للأكراد، مع العلم إن الخيار الذي تم اعتماده لحل مسألة انتخاب كركوك قد تم مع الأخوة التركمان، وقد حصلت على نسخة من الاتفاق الذي تم التوقيع عليه في شأن كركوك ما بين التحالف الكردستاني والائتلاف العراقي الموحد وفكرته العامة هي ما يلي:
اجراء الانتخابات في كركوك بعد التوصل إلى التوافق بين مكونات المحافظة على تقاسم السلطة الإدارية والوظائف العامة ما بين المكونات المختلفة في كركوك بنسب عادلة ومتوازنة. وبعد مراجعة وتدقيق جميع البيانات والسجلات المتعلقة بالوضع السكاني من قبل لجنة نيابية مشكلة من ممثل عن كل كتلة رئيسية وممثل عن عن كل مكون من مكونات كركوك من أعضاء مجلس النواب وتتابع هيئة الرئاسة أعمالها وتكون توصياتها.
محسن علي الجابري
النجف الأشرف ــ ثلمة العمارة
https://telegram.me/buratha