من الواضح إن التيار الصدري أطبق على نفسه خناقاً سياسياً لا يحسد عليه، وخاض معركة خاسرة في كل المعايير، وهي إن نمت عن شيء فإنما تنم عن مستوى القراءة السياسية التحليلية السيئة جداً التي يمتلكها هذا التيار، فأوقع نفسه لقمة سائغة بلا ثمن يذكر بين أيدي الكثير من القوى التي أضجرها كثرة اعتدائه عليهم، وأسأمها كثرة صبرها على جرائم أفراد هذا التيار، وهاهو يندحر سياسياً بل ينتحر بعد الاندحار العسكري والأمني الذي مني به في كل المحافظات.
وقد تصور التيار وبشكل خاطئ جداً إنه سيفلح هذه المرة كما في المرات السابقة إن هناك من سيعمل على تخليصه سياسيا وأمنياً بعد أن يستعرض قوته العسكرية، فلقد كان يخوض المعارك الاستعراضية، ومن ثم يستعين بمجاميع التفاوض السياسي التي يتسم بعضهم بالسذاجة المفرطة للتعامل مع قضايا معقدة كقضايا الأمن، وبين الخوف ولأسباب متعددة وهنا لم يتخلف التيار الصدري من تحشيد كل وسائل التخويف في وجه خصومه وأنصاره على حد سواء، وبين الارتزاق السياسي الذي يتولد نتيجة طمع البعض بما يقدم لهم من غنيمة صدرية، وبين ما يتوقعونه ضمن حساباتهم المألوفة، وهذه المجاميع تأتي لتضغط على الحكومة وهي تحسب إن ضغطها سيكون لمصلحتها من دون أن تلتفت إلى إن الخطر الذي يحذرون منه سيتضخم بناء على ضغوطهم هم، والتيار سيكسب مرتين مرة من خلال الاستعراض العسكري وما يوحي ذلك، ومرة من خلال الكسب السياسي الذي ينشأ من إرغامه لخصومه وإجبارهم على اللعب دائماً وفق المعادلة التي يريدها.
ولكن التيار لم يستفد من دروس تجاربه السابقة سواء التي نجح في تحشيد الدعم له، أو تلك التي رأى إن عوامل الضعف بدأت تستشري أكثر من ذي قبل، وهذا شأن طبيعي فالتيار وقياداته اعتادوا على نمط عاطفي تهييجي تشجعه عدوانية متحمسة في التعامل، وهذا النمط لوحده يكفي ليقودهم لحبل المشنقة السياسية، فما بالك بأن الأخطاء التي تراكمت واضمحلال الوجود السياسي قد باتا يشكلان أخطر الحبال التي تتهدد التيار.
ولعلهم لو توقفوا قليلاً عند معركة كربلاء لوجدوا الكثير ما يستفيدوه، ولكنهم أضافوا لمعركة الديوانية والناصرية الكثير من الأخطاء لينتجوا خطأهم القاتل في البصرة، والذي جر عليهم الويلات وهاهو وجودهم في مدينة الصدر قد بات على كف عفريت، والأيام قليلة لكي تفصح إنهم سيغلقون أخر معاقلهم فيها، لا سيما مع الجرائم التي باتوا يرتكبونها بشكل أوضح وأصرح بحق أهالينا في المدينة المظلومة، وأخيرها وليس آخرها جرائم قصف المناطق التي تم طردهم منها، وهي القطاعات من 1 إلى 10.
ولقد راهنوا فيما سبق على إنهم يستطيعون أن يلملموا جهدا سياسيا في البرلمان وغيره، وحركوا السرب المعتاد (الجعفري+ الجلبي) وهؤلاء لم يك في بالهم إن الجرة لن تسلم هذه المرة، فتحركوا فاحترق الجميع، وبات معروفا حالة الارتزاق التي وسمت حركة هذا السرب، وحاولوا جاهدين أن يستغلوا جبهة التوافق، ولكنهم وجدوا إن جبهة التوافق كانت واعية للعبة، فلم تبتز رغم إنهم لوحوا لطارق الهاشمي باساليب القوة، فقصفوا مكتبه في نفس الوقت الذي كانوا يجلسون فيه معه، ولكنهم ارتدوا على أعقابهم، ولم يتبق في جعبة التيار حسب الظاهر إلا اخراج الوجوه الحقيقية للمشروع، فالشرقية البعثية والرافدين وحارث الضاري يطبل لهم ويهرج، ومحمد الدايني ومصطفى الهيتي البعثي الطائفي يبكي عليهم.
ربما لا يهتم المرء برؤية هذا الحشد، فما زاد حنون في الإسلام خردلة ولا النصارى لهم شغل بحنون، ولكن دعوني أسأل المناصرين للتيار: هل هزلت حتى وجدتهم الصورة الوطنية في الارهابي محمد الدايني ناصراً لكم؟ بالله عليكم هل لديكم جوابا؟
أم ستقولون هزلت وبان هزالها جدا جدا جدا كحال مقاومتكم الشريفة جدا جدا جدا، وحال حوزتكم (حوزة الحواسم والمحاكم اللاشرعية وفرض الاتاوات) الشريفة جدا جدا؟؟.
ستقولون وستقولون، ولكن نصيحة لله أقولها: أفيقوا فلقد بلغتم في مسيرتكم الفضائحية الزبى، واستروا على ما تبقى لكم من وجه مع الناس عسى ولعل لو فلتم من ربقة قانون الانتخابات الذي سيحرمكم من المشاركة بسبب سلاحكم أن يأتيكم ببضع أصوات.
محسن علي الجابري
النجف الأشرف ـ ثلمة العمارة
https://telegram.me/buratha