حمل بريد الوكالة بياناً أثار الالتفات لتحرك غير طبيعي من قبل الدكتور الجعفري، فالبيان الذي عنون تحت اسم: (بيان حول مشروع بايدن لتقسيم العراق) وقع من قبل جهات لا نستغرب أن توقع مجتمعة كجماعة عدنان الدليمي وجماعة صالح المطلك والتيار الصدري وحزب الفضيلة والقائمة العراقية والجبهة التركمانية والكتلة العربية، ولكن ما يلفت الانتباه إليه هو إن الجعفري وقع تحت هذا الاسم: الائتلاف العراقي الموحد (د. إبراهيم الجعفري) وبعيداً عن الحكم على مشروع بايدن في الكونغرس، ولكن لابد لنا من الإشارة إلى مخالفة بيان هذه القوى في بعض نقاطه لسياسة الائتلاف العراقي الموحد والتي لا تسمي الفيدرالية تقسيماً، بل تمثل هذه المخالفة خروجاً عن بديهية من بديهيات الائتلاف، فالدستور لم يسم الفيدرالية تقسيما، والجعفري فيما نعلم كان احد الذين خاضوا النقاشات الدستورية، فهل غابت عنه هذه المعلومة أم في البين شيء آخر؟.
ومع إن من الواضح إن الدكتور الجعفري قد اصطف بشكل مثير مع الفريق المناهض للحكومة بصورة معلنة، ولكن لماذا استخدام الائتلاف اسماً له؟
كل التقارير السياسية أشارت خلال الأسبوع الماضي إن تجمع الجعفري مع حلفائه في الكتلة الصدرية مع حزب الفضيلة كانوا عازمين على تسمية أنفسهم بنفس اسم الائتلاف، والهدف خلق حالة من حالات الانقسام السياسي المتكافئ بغية التأثير على الاستحقاقات الحكومية والسياسية بحيث يقال هذا ائتلاف وذاك ائتلاف، فإن لم يتمكنوا من التأثير الحكومي وخلع رئيس الوزراء فلا أقل يتمكنون من وضع العراقيل الجادة في مقابل الحكومة والتأثير على الموقف السياسي للإئتلاف على شتى الأصعدة.
ويبدو إن ذهاب الجعفري ومجموعته إلى النجف والتي كان مخططاً لها أن تشهد ولادة هذا التجمع، جوبهت بموقف جاد وحازم من المرجعية والتي أشارت على الجعفري أن يعود ويتحاكم إلى آليات الائتلاف، وبالتالي حين باء الجهد بالخيبة يبدو إن البيان جاء ليضع حجراً أساسياً في الذهاب بعيداً، فمما لاشك فيه إن هذا البيان أشّر إلى المواقف التالية:
أـ اصطفاف مع القوى المناهضة للحكومة، والتحجج بالرغبة لصياغة وبلورة المشروع الوطني بعيداً عن إسقاطات التمحور الطائفي (كان بودي هنا أن استرسل في اطلاق المصطلحات ومصطلحات الاطلاق عن طائفية التمحور المتمحور طائفياً، ولكني توقفت لأسباب تتعلق بما لا يخفى).
ب ـ اصطفاف مع القوى التي اعلن غالبيتها مناهضتهم للإئتلاف.
ج ـ ابتعاد واضح على المدى الاستراتيجي والتكتيكي عن الائتلاف العراقي الموحد.
د ـ شق عصا حزب الدعوة ضمن البعدين الاستراتيجي والتكتيكي.
هـ ـ موقف غير طبيعي من المرجعية، فالمرجعية طلبت الرجوع إلى الائتلاف، وكان الموقف المعلن في البيان واضح جداً في الاتجاه بطريق مختلف مع ما أرادت المرجعية
ولربما لا يهتم المحلل كثيراً في أن يخرج الشخص الفلاني أو العلاني من هذه الأطر، فبالنتيجة يبقى الإئتلاف خليطاً من قوى سياسية احترمت تعهداتها لمن انتخبها لحد الان بطريقة معقولة رغم الانتكاسات والعراقيل واستحقاقات التجربة في ساحة موتورة ومتوترة كالساحة العراقية، ويبقى حزب الدعوة الإسلامية أيضاً كقرار بعيداً عن رغبة شخص ما حتى لو كان هذا الشخص كالجعفري، بالرغم من إنه لم ينل شيئاً في انتخابات حزب الدعوة غير عضوية المكتب السياسي، رغم حرصه الكبير على أن يحتل موقع الأمين العام للحزب.
ولكن لا حق فيه لأحد أن يطلق على نفسه أنه هو الائتلاف من دون الرجوع إلى نفس الائتلاف، فالائتلاف ليس صناعة هذه القوى التي اجتمعت أو خرجت، ولكنه صناعة صناديق اقتراع وثقت الأمة بأن قرار المرجعية متمحوراً فيها، وعلى الرغم من إن الناس لا تنظر إلى الأشخاص نظرة متساوية، بل لعل بعضهم لو دخل لوحده لما نال إلا صوته فقط، ولكن الأمة بايعت مشروعاً بعيداً عن شخوصه.
ولهذا من حقنا ان نتساءل: ما هذا البيان يا إئتلافنا؟
وما هذا الموقف يا حزب الدعوة؟
وما هذا التجحفل الهجين يا دكتورنا الجعفري؟
محسن علي الجابري ـ النجف الأشرف ـ ثلمة العمارة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظة: مع اعتذاري لعدم كتابتي هذه الفترة للوكالة لظرفي الصحي الذي يمنعني من التواصل مع احبتي ولكن وجدت نفسي مضطراً وأنا أتلقى مثل هذا البيان.
من الوكالة:
__________
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم جميعا ورحمة الله
مع احترامي وتقديري لكل الكلمات الناقدة، وانحنائي أمام الكلمات المادحة في المقال بودي ان أشير إلى ما يلي:
أولاً: من غير اللائق أن تكون بعض الكلمات من هذا الطرف ومن ذاك تحمل الصفة الشخصانية للأمور فيمتدح هذا ويذمّ ذاك، فنحن لا نحمل صفة عداء او تعلق بهذه الشخصية أو تلك، والعبرة التي يجب ان يتم النظر فيها إلى القضايا هي ما اوصانا به أئمتنا (عليهم السلام): لا تنظر إلى من قال بل أنظر إلى ما قيل، والساحة باتت أوضح من أن نكون عبّاداً فيها للأشخاص، فساحة العمل كشفت حقيقة العاملين وبينت حقيقة المتكلمين، فكم من متكلم تبين صدقه وكم من متكلم وضح كذبه، وكم من صامت تبين نطقه، وكم من ناطق بان خرسه.
ثانياً: انا اعتقد ان الخطر في هذا البيان هو طبيعة التوقيع وطبيعة الطرح، فالطرح ضد الفيدرالية يعني التخلي عن واحدة من المتبنيات الرئيسية للإئتلاف والدستور والذي قاتلنا وقتلنا من أجله. ولئن كانت قضية الفيدرالية واضحة فإن التوقيع يؤسس لشق الائتلاف إلى جناحين، جناح يراد له أن يكون باسم الجعفري وآخر يراد له أن يكون باسم الحكيم، وهذا الخيار وإن هبطت احتمالاته بخروج الكتلة الصدرية من الائتلاف، ولكن مع بقائها كان للجعفري ان يجمع مع الفضيلة والكتلة الصدرية ما يمكن ان يشكل كتلة اخرى تناهض الائتلاف وتنافسه. كما يخشى الان لتحويل حزب الدعوة إلى شقين بعد الأنشقاقات السابقة (الجعفري والشيخ الآصفي) و(الجعفري ومجموعة السيد أبو عقيل (تنظيم العراق)) و(الجعفري وجماعة المجلس الفقهي(السيد كاظم الحائري)) و(الجعفري ومجموعة الشهيد عز الدين سليم (حركة الدعوة الإسلامية) وقبلهما (الجعفري والكوراني).
ولئن كانت حركة الانشقاقات أمراً طبيعياً، إلا إن غير الطبيعي هو ارتباط كل الانشقاقات بشخص الدكتور الجعفري، ولهذا وعلى عادة الملدوغ من الحية أن يحذر من حركة الحبال، فإن خشيتنا الحقيقية هنا ليس من الحبال وإنما من موجة من التحركات التي تريد أن تقوّض الوجود السياسي لنا في وقت يكون الانشقاق فينا حبلا من حبال إعدامنا وسط كل هذه الذئاب التي تريد ان تنهشنا.
ثالثاً: جواباً على سؤال الأخ الفاضل السعيدي عما إذا كان هذا الأمر صدر من شخص آخر هل سنتخذ منه هذا الموقف؟ ولا أدري إن كانت سياسة الوكالة قد وضحت للجميع في عدم مجاملتها لأحد، فلقد وضعنا مقياساً كتبناه بشكل واضح في سياسة الوكالة وهي إن الوكالة كموقف رسمي لها تعتمد قرب الأشخاص من المرجعية الدينية الرشيدة أولاً وصدقهم في المواقف معها، ومن ثم قربهم من الائتلاف العراقي الموحد كبرنامج لا كأشخاص، ولهذا لا تجد لنا لوناً حزبياً فنحن ندافع عن سماحة السيد الحكيم كما عن الدكتور نوري المالكي، ونكتب عن الشيخ الصغير كما عن الأستاذ علي الأديب، وعن الدكتور عادل عبد المهدي كما عن عباس البياتي، وعن الشيخ الشيخ همام كما عن الشيخ خالد العطية، وأيدنا التيار الصدري في مواقف ووقفنا منه موقف المعارض في مواقف أخرى.
محسن الجابري
https://telegram.me/buratha