قرر مجلس الوزراء الموقر تكريم الشهيد البطل نزهان الجبوري ورفيقه سبع نتيجة لفدائيتهما الفذة في تفجير البطحاء، وما من شك إن التكريم الذي ناله البطل نزهان هو استحقاق وواجب، ولكن لماذا هذا التكريم؟ ولماذا اختص نزهان ورفيقه بالتكريم دون أن يمتد لفدائي آخر أرفع درجة من الشهيد البطل نزهان ولكن لا ذنب له إلا لأنه ابن الرميثة وهو برتبة مقدّم، أنا أؤمن بنظام الحوافز وأؤمن أيضاً أن الأداءات السياسية صعّدت الوتيرة الطائفية إلى درجة كبيرة ومثل هذا التكريم يمكن أن يسحب جانباً من التوتر، ولكن ثمة غصّة في قلبي وجوانحي هل أن التضحية الشيعية لا معنى لها في الوحدات العسكرية والتضحية السنية لها كل هذا المعنى؟ لقد كانت تضحيات شعيية متعددة في الموصل وفي الأنبار وفي صلاح الدين وفي غيرها من المحافظات التي يقطنها أخواننا السنة فلماذا لم نسمع تكريماً واحداً جرى لأحد من هؤلاء؟! بينما نحن لا زلنا نتندر ببطولة الشهيد عثمان في جسر الأئمة وامتلأنا شغفا ببطولة الشهيد نزهان..
إذا كان النظام في التحفيز هو السمة الطائفية فلقد أحسنتم حينما كرمتم نزهان الجبوري، ولكن أين التكريم الشيعي يا حكومة والمقدم ابن الرميثة ذهب إلى مثواه ولم يجلله أحد؟ وإن كان النظام في التحفيز هو نظام الفدائية الذي يشمل به كل فدائي من أجل الوطن لا من أجل هذا ولا من أجل ذاك، وهو الحق فلماذا يحرم ابن الرميثة والمئات من الأفراد والمراتب والضباط الشيعة الذين قدموا انفسهم سخية من أجل وطنهم دونما تمييز وفي كل المحافظات سنية كانت أو شيعية.
إن التكريم الذي حصل للشهيد نزهان ممارسة طائفية بغاية الجلاء، وأيضاً ممارسة لا تتحدث عن قانون أو مبدأ بقدر ما تتحدث عن هزة عاطفية او انفعال ظرفي يريد هذا السياسي أو ذاك أن يركب الموجة التي علت نتيجة لفدائية نزهان الجبوري.
لقد رأينا كيف كرمت محافظة ذي قار الشهيد نزهان ورفيقه ولكن أين تكريم شرطة ذي قار الذين استشهدوا في الحادث؟ ولقد شاهدنا كيف اهتمت محافظة ذي قار بشهيد الوطن والدين ولكن اين اهتمام محافظة المثنى بشهيدها الفذ؟
مالكم كيف تحكمون؟ هل استرخصتم دماءنا بهذه الصورة؟ وبدأتم تعيدون النظر إلى الدماء الزرقاء والدماء الخرقاء الذي كان النظام المجرم يعتمدها من قبلكم؟
ام ان كثرة دماءنا التي نزفت من أجل هذا الوطن لا قيمة لها لأننا ربما من جزر الواق واق وغيرنا كان من لبة هذا الوطن!!
لا أريد والله أن أتكلم من منطلق طائفي ولكني أشعر بقرف شديد إلى مثل هذه الممارسات التي لا تنم عن أي شعور بالمسؤولية عن الوطن بقدر شعورها بتعزيز مواقعها السياسية، ويبقى ابن الوطن يذبح في البطحاء وفي البصرة وفي الموصل وفي بغداد وفي الحلة وفي الأنبار وفي بقية المحافظات دون أن يلتفت أحد إلى نقاوة دمائه وزكاوة روحه.. وإني لأشعر بهلع شديد حينما أخرج ما في جعبة ذاكرتي من تجارب الأداءات الحكومية وأجد أن اجتثاث المطلق تحول بقدرة قادر إلى أن يقلبه من نائب إلى نائب لرئيس الوزراء بسبب الحرص على مواقع ومصالح سياسية لهذا الفريق أو ذاك وأخشى كل الخشية أن تتحول جرائم عصابة الهاشمي المشهداني إلى صفقة سياسية يعود فيها نائب الرئيس وحمايته مرة أخرى أنقياء الثياب تمجّد بهم القناة العراقية وتمتلأ صفحات الإعلام الرسمي باخبارهم.. وبالرغم من أني مؤمن أن الحصول على المكتسب السياسي يستدعي التنازل والتراجع في بعض الأحيان، ولكن ما لا أؤمن به وللأسف أراه بكثرة أن السياسي يتنازل على حساب جراحنا ودمائنا وكانها ملك أبيه او عشيرته! ولكنه لا يتنازل أبدأً على حساب كرسيه حتى لو عادت أنهار الدم تسيل مرة أخرى في شوارعنا ومدننا بالرغم من إن كرسيه ملكنا وملك دمائنا وأرواحنا!!
لا أدري ربما لأن دمنا رخيص وكراسهيم أغلى!!
محسن علي الجابري
النجف الأشرف ـ ثلمة العمارة
https://telegram.me/buratha