منذ ثمانية أشهر والأستاذ المالكي يرفض الدخول إلى البرلمان وكل حججه كيف نذهب ونحن لم نتفق على توزيع المناصب، ورفضه هذا تم وإن بمشاكسة كبيرة للدستور، فلقد رفض أن يقسم هو وجميع من حوله من أصحاب المناصب الوزارية والمؤسساتية، حتى تمر المشاكسة الأكبر للدستور وهي أن يتم إبقاء الحكومة بعيداً عن تصريف الأعمال، وهو مخالفة كبيرة عيانا وجهاراً للمادة 64 من الدستور في فقرتها الثانية التي تؤكد إن الحكومة أصبحت حكومة تصريف أعمال منذ يوم 1632010 يوم انتهاء البرلمان، ولكن (بلد كلمن أيدوا إلو) يستطيع أن يجد دوماً قضاءاً متهاونا وضعيفاً بين يدي رجال لا يرعون للقانون حرمة ولا للدستور كرامة، وإعلاماً مهرّجاً يشبه جوقة الطبّالين والمزمرين التي اعتدنا عليها طوال تاريخ هذه الأمة، والصفاقة في التبرير والصلافة في التعذير والوقاحة في التكسير هي الديدن الأساسي لمالكي دولة (كل من ايدو إلو).
بعد هذه الثمانية أشهر نجد إن السيد المالكي يندفع فجأة يوم أمس ويتذكر إن البرلمان موجود وعلى الجميع أن يذهب للبرلمان، ولهذا دعا لانعقاد البرلمان عاجلاً، وأمامه تصريحات حيدر العبادي وكمال الساعدي وفؤاد الدوركي وأمثالهم بأن لديهم العدد الكافي لتشكيل الحكومة، ولا أريد أن أناقشهم عن العدد الصحيح الذي يمتلكونه، فهم متضاربون فيما بينهم، فكيف يمكن أن يتم مناقشتهم على معلومة لا يمتلكونها؟!! كما ولا أريد أن أدخل في نوايا الاعلان المبكر عن هذا العدد، ولكن سبق لي قبل اسبوع تقريبا أن تحدثت عن فيلم جديد يجري إعداده وقلت سيتم انتاج الفيلم وعرضه في هذا الاسبوع، وحقيقة كنت اتوقع أن تأتي هذه الدعوة يوم السبت أو الأحد، ولكن يبدو لي إن كل الأمور تشير إلى إن الفيلم أصيب بحرق بعض صفحات السيناريو الأساسية، فالاكراد الذين حسبهم أصحاب السيناريو قد حسموا خيارهم لصالح المالكي تبين إن هذه القراءة كانت مستعجلة (ولا ادري لم تكون قراءات دولة القانون دوما مستعجلة في المسائل التي يريدونها، وبطيئة جدا جدا جدا في المسائل التي لا يريدونها)، والتيار الصدري هو الآخر أعرب عن موقف جدي في شان الاشتراك فهو مع حكومة شراكة وليس في حكومة أغلبية، وقد جاءت الطامة الكبرى التي كان المالكي يخشاها بشكل جدي وهي فكرة الطاولة المستديرة، فهناك سيكون الحساب بعيداً عن الاعلام ولغة المزايدات والمزامط ( لا تنطيه يبو اسراء وهو يقول: ليش منو راح ينطيهه؟) ولغة الواقع الحكومي وقوانينه وشفافيته وعلاقاته الداخلية والخارجية ناهيك عن الأمن والاقتصاد وغير ذلك ستوضع على هذه الطاولة، والمعادلة في هذا المجال ستكون محسومة سلفاً، إذ سرعان ما بدأت الخيوط تتجمع في أن الموعد بات قريباً، ولذلك لا بد من تحريك الأمور بمسار آخر، ولا أعتقد إنه غفل عن إن حضور مجلس النواب يتوقف على قرار الجالسين على الطاولة، لأنه يعلم علم اليقين بأن أي نصاب لن يكتمل على الأقل من دون حضور الأكراد أو العراقية، وأن أي فكرة عن المشاركة لن تكون حقيقية من دون مشاركة جميع الجالسين على هذه الطاولة، ولذلك اعتقد إن طلبه الذي جاء متأخراً جداً أو أنه فوجئ بسرعة تحرك لاعبو الطاولة المستديرة إنما هي محاولة للهروب إلى الأمام، وسيتم ابتدا من يوم غد أو الذي بعده حالة بكاء على البرلمان وعدم انعقاده كل هذه الفترة لكي يتم تأجيج الضغوط على مواقف المفاصل الأساسية القادرة على حسم تشكيل التحالف الأكبر.
صحيح إن كل ذلك تخمينات، ولكن بعض الوقائع على الأرض تثري تلك، فلو كان قادراً على تشكيل الحكومة، أين كان قبل هذه المدة؟ ولماذا تأخر وهو يمتلك الرقم المطلوب؟
نحن نعلم وهو يعلم إنه لا يمتلك لحد هذه اللحظة أي رقم يمكنه أن يجعله صاحب الولاية الثانية لهذه الحكومة الجبارة في خدماتها وفي شفافيتها وفي نزاهتها، فمن دون الأكراد لن يحصل على الرقم المطلوب بشرط أن يدخل الأكراد بكسر عظم مع السنة العرب، وهو ما لا يتصوره أي محلل دقيق، اللهم إلا أن يكون الأكراد قد قرروا الانفصال التام واستلموا وعداً منه في ذلك (وهو مستبعد جدا فالآكراد لا يريدون الانفصال).
وإني بعد ذلك لأستغرب كيف يتحدث المالكي ودولته القانونية بهذه الطريقة والناس لا يسألونه: مالذي تنتظر؟
اعقلها وتوكل يا أبا إسراء فإما لديك العدد المطلوب مبارك عليك النتيجة، وإما أن تكون الأمور غير محسومة فلم الاستعجال بذكر رقم لا وجود له؟ وإما أن الأمور لن تكون لك فدع الأمور تمشي وأمّن ورائك من يتذكر لك بعض حسنات كادت الناس تكفر بها إن لم تك قد جحدت وألحدت فيها!!
لا أقول متخابثاً: ربما لم تمكنك المولدة العاطلة في بيتك في أن تقرأ الأرقام المقدمة لك؟
وربما فزع حفيدتك وهي تختبأ تحت الدرج أشغلك عن قراءة تلك الأرقام!
وربما انشغالك باللجنة التي شكلها مجل الوزراء لمعرفة الأموال التي سلمت إلى الحكومة لأنك شككت بكل الأرقام البرلمانية والحكومية المختصة، وهي لجنة لن يرى تقريرها النور أبدا مثلها مثل مئات اللجان العنترية التي شكلت طوال حكومتك الكريمة، ولو شككت في هذه فقطعاً إنك معذور في عدم الاطلاع على تلك.
ربما هذه أو تلك أو ليس هذه أو تلك، ولكن المتيقن يا استاذنا المكرم لو نزلت عن جوادك المطهم لرأيت الأمور مختلفة تماماً عما كنت تخطط له، ولا أجد أمامك إلا السير باتجاه الطاولة المستديرة، ومن يدريك لعلك تفوز باجماعها أو لست تقول: إنك صاحب حجة، اذهب على بركة الله ولتكن كل حججك معك فلعلها تأتي بنتيجة!!
https://telegram.me/buratha