النجف الأشرف:14/9/2007
أكد إمام جمعة النجف الأشرف سماحة العلامة السيد صدر الدين القبانجي(دامت بركاته) وجود تباين بين رؤية العرب والمسلمين للعراق وبين واقعه، فهم يرونه بلداً ممزقاً طائفياً، وفيه عنف داخلي، وشعبه لا يملك الإرادة، وحكومته منهارة، ويشهد حرباً مقدسة ضد الاحتلال. ولكن ما حدث خلال هذا الأسبوع يدل على خلاف هذه الرؤية حيث ان عوائل سنية في منطقة هور رجب في بغداد قد هاجرت إلى منطقة أبو دشير الشيعية بفعل إرهاب تنظيم القاعدة، وعمليات القتل البشعة التي ارتكبتها بحقها أيادي هذا التنظيم ، فرحبوا بهم وفتحوا لهم الأبواب مما يدل على وجود عناصر الوحدة والألفة بين مكونات الشعب العراقي، ولا توجد حرب طائفية.
وخاطب الإعلام العربي والإسلامي: هل هناك مقاومة مقدسة في العراق؟ ما يجري هو قتل الأبرياء، واختطاف أستاذة الجامعات، وتفجير المفخخات، وهدم قبة الإمامين العسكريين(ع)، وحرب ضد الإمام الحسين(ع)، وقتل وكلاء المرجعية، وقطع الرؤوس، ولصوصية، وبيع الناس بالدولار. وأضاف: نعتقد ان العالم العربي والإسلامي يشهد غسيل دماغ تجاه العراق فإنهم لا يرون هذه الحوادث ويزعمون أنها مقاومة.
ورد السيد القبانجي على الذين يشابهون ما يجري في العراق بمقاومة حزب الله في لبنان حيث قال: ان اللبنانيين هم عناصر المقاومة، بينما من يقوم بالعمليات في العراق مستوردون من الخارج، ومقاومة لبنان متآزرة مع الدولة، وفي العراق يعملون ضد الحكومة وقواتها ومؤسساتها، والمقاومة في لبنان تعمل ضد العدو، وهنا تعمل ضد الشعب والأبرياء، وما يجري في لبنان عمل ذو قيم، وما يجري هنا بلا قيم ولا مقدسات، وإلا فما معنى تفجير قبة العسكريين(ع)، وقتل زوار كربلاء، فهل أحداث كربلاء كانت ضد الاحتلال، أم ضد الزوار واستقرار العراق! وما يجري في لبنان عمل له أهداف وطنية صحيحة، ولذا وقف العرب معهم، وما يجري هنا هو الاختطاف من أجل الدولار.
وخلص إمام جمعة النجف الأشرف إلى القول: لابد ان نصحح الصورة وإننا نمضي على هذا الطريق، وخطّأ التصور بأن شعب العراق بلا إرادة قائلا: الشعب العراقي ذو إرادة حديدية فهو يتحدى ويصمد ويصبر ويحقق المنجزات، وعن المراهنة على محاولات الانقلاب السياسي في العراق وفتح المجال لعناصر بعثية، أو علمانية، أو طائفية، قال بأن كل محاولة انقلاب سياسي في العراق ستواجه الفشل، فأن العراق قد عبر مرحلة الانقلابات السياسية. وأضاف: إننا لم نراهن على تقرير كروكر وبتريوس بل على إرادة الشعب العراقي، رغم تأييده لما يتضمنه من رؤية صحيحة في الكثير من مضمونه، وأشاد بالتقدم الأمني والسياسي الحاصل في العراق وقال بأن ذلك جاء لاستحقاقات الصبر لدى هذا الشعب.
ولدى الإشارة إلى صدور حكم الإعدام في ثلاثة من مجرمي قادة عمليات الأنفال ومحاولة رفعه بحق بعضهم، أكد سماحته ضرورة استقلال القضاء في العراق والقيام بدوره الطبيعي، ودعا إلى عدم تسييسه ودعا إلى تفعيل وتنفيذ حكم الإعدام بمجرمي عمليات الأنفال التي راح ضحيتها 182ألف كردي.
وقد أشاد السيد القبانجي بشخصية زعيم مجلس صحوة الانبار الشيخ عبد الستار أبو ريشة الذي استشهد يوم امس بقوله: لقد سجل هذا الزعيم رقماً كبيراً وسيبقى رمزاً لأهل السنة ووحدتهم مع الشيعة، ورحب سماحته بعودة جبهة الحوار إلى مجلس النواب وهكذا عودة بعض وزراء جبهة التوافق إلى الوزارة، وأشار إلى المؤتمر الثاني لدول الجوار الذي عقد في بغداد وإلى استشهاد أحد معتمدي الإمام السيستاني(دام ظله) في البصرة وتقديم تقرير السفير الأمريكي وقائد قوات الأمريكية في العراق إلى الكونكرس الأمريكي والحكم بإعدام ثلاثة من قادة عمليات الأنفال المجرمين كأحداث مهمة وقعت في العراق مؤخراً تدل على عكس ما يتصوره الإعلام العربي والإسلامي.وفي خطبته الأولى وبعد التأكيد على التقوى تحدث السيد القبانجي عن آداب التزاور ومنها استحباب زيارة الأخيار الصالحين وليس الأشرار، وإطاعة صاحب المنزل في الجلوس حيثما يأمر، والأكل مع الضيف، وعدم اصطحاب الأولاد حين استجابة الدعوة إلى طعام، وتقديم شيء من الطعام أو الماء إلى الضيف كي لا يكون التعامل معه جافا، وإجابة الدعوة للحفاظ على العلاقات الودية بين الإخوان، وعدم احتقار الضيف ما يقدم إليه، ودعوة الفقراء إلى جانب الأغنياء.
ثم تحدث عن نظرية الوعي الزماني والمكاني في الإسلام في ضوء خطبة النبي(ص) الخاصة بشهر رمضان والنصوص الأخرى قائلاً: ان الزمان ليس مجرد حركة الأرض والشمس بل هو حقيقة كونية واعية تشهد على صاحبها كما يتعامل الإنسان مع إنسان آخر. وهكذا المكان فإن له وعياً وإدراكاً ويشهد على الإنسان يوم القيامة على صلاته عليها وغيرها. ثم أشار إلى منزلة شهر رمضان التي سوف نكتشفها يوم القيامة حيث تكون ليلة القدر وهي خير من ألف شهر شفيعة لنا. وحمد الله على ضيافته لنا في شهر رمضان المبارك رغم إننا لسنا أهلا لها ولكنه صاحب المضيف الذي يقبل كل من يأتي مهما كان ويلغ من الصفات السيئة.
https://telegram.me/buratha