بعد يوم واحد فقط على اعلان محافظة بابل ومجلسها رفضهما المطلق لتسليح العشائر في شمال المحافظة، اندلعت اشتباكات طائفية مسلحة بين عشيرة الجنابيين السنية التي تتولى القوات الاميركية تسليح ابناءها بذريعة ضرب تنظيم القاعدة وبين عشيرة المسعود الشيعية التي طالما حذرت من مغبة تسليح الجنابيين والسكوت على الاعتداءات التي يقترفونها بحق الشيعة في شمال بابل.
وبحسب مصادر امنية عراقية فان الاشتباكات دارت بين العشيرتين في منطقة مويلحة التي تخضع في غالبيتها لسيطرة القوات الاميركية المتحالفة مع الجنابيين الذين اعلنوا منذ سقوط النظام السابق موالاتهم للجماعات المسلحة الناشطة في شمال المحافظة وبالذات تنظيم القاعدة وما يُعرف حاليا بدولة العراق الاسلامية التي تمتد حدودها بحسب المعلومات الاستخبارية من منطقة جرف الصخر غربا الى ناحية جبلة شرقا ومن اللطيفية شمالا الى المحاويل جنوبا.
وتضيف المصادر "ان المسلحين من عشيرة الجنابيين والذين يقاتل الى جانبهم عناصر من تنظيم القاعدة اتفقوا في وقت سابق من العام الحالي مع القوات الاميركية بالتوقف عن قصفهم لقاعدة (كالسو) احدى اكبر القواعد الاميركية في بابل مقابل توقف الاميركان عن مداهمة مويلحة واعتقال ابناء العشيرة فيها"، موضحة " ان الاميركان تركوا القوات العراقية المطالبة بفرض الامن والاستقرار في المنطقة مكشوفة الظهر كونها لا تمتلك الامكانيات القتالية اللازمة لمحاربة المسلحين هناك مما شجع على قيام حرب طائفية بين السنة والشيعة لم تفلح جميع مجالس الصلح والمصالحة التي تولتها السلطة المحلية في المحافظة في اطفاء شرارتها التي انتقلت الى مناطق اخرى في الشمال وبالذات منطقة عجرش القريبة من ناحية جبلة والتي تدور فيها معارك طائفية بين الحين والاخر".
المصادر التي اعربت عن قلقها من تنامي الصراعات الطائفية واتساعها الى مناطق اخرى في المحافظة اشارت الى "ان الخطوات التي يقوم بها الاميركان والمتمثلة بتسليح العشائر السنية خطوات غير صحيحة"، وتردف قائلة "نحن نعلم ان هدف الاميركان ضرب تنظيم القاعدة والمليشيات الشيعية في شمال بابل غير ان تسليح هذه العشائر سيعود سلبا على الامن والاستقرار في المنطقة، كما انه يمثل تناقضا بين الجهد الاميركي المتمثل بنشر السلاح والجهد العراقي المحلي الساعي الى جمع السلاح وحصره بيد الدولة"، مشيرة الى "ان الحكومة العراقية تنفق الملايين من الدنانير لجمع الاسلحة وتدميرها مثلما تنفق الملايين على مشروع المصالحة الوطنية الذي بات على المحك بسبب استقواء العشائر السنية على قريناتها الشيعية التي لم تتلقى أي دعم معتمدة على الجهد الحكومي الضعيف للدفاع عن نفسها".
وكان محافظ بابل سالم المسلماوي ومجلس المحافظة اعلنوا امس رفضهم الصريح لتسليح عشائر الجنابيين معتبرين ذلك خطا احمرا لا ينبغي على القوات الاميركية تجاوزه كونه سيولد مشكلات امنية لا يحمد عقباها في المنطقة.
الى ذلك يرى مراقبون "ان مايقوم به الاميركان في شمال بابل وفي غيرها من مناطق العراق لا يعدوا كونه زرع كمية من القنابل الموقوتة ربما تنفجر على الاميركان انفسهم في حال غيروا ستراتيجيتهم تجاه العشائر التي يتولون تسليحها حاليا وفي احسن الاحوال ستنفجر هذه القنابل على الحكومة العراقية واجهزتها الامنية مع اول انسحاب اميركي محتمل"، مشيرين الى "ان تسليح العشائر سيخلق كيانات مسلحة لا قبل للحكومة بمقاتلتها او استيعابها ، مما يعني استمرار الاوضاع الامنية متردية وبالتالي يصبح معها تسليم الملف الامني للجانب العراقي امراً غير ممكن".
ويقترح المراقبون "ان تتخلى القوات الاميركية عن مشروعها التسليحي الراهن وان تلجأ الى ستراتيجية بديلة تتمثل باستيعاب ابناء تلك المناطق في قوات الجيش والشرطة العراقية بشرط نشرهم في مناطق متفرقة من المنطقة نفسها وعدم تكديسهم في مناطقهم لمنع تشكيل مليشيات مسلحة بملابس رسمية"، على حد تعبير المراقبين.
في غضون ذلك ، ترتفع وبشكل لافت للنظر العمليات المسلحة التي تستهدف المدنيين في مناطق شمال بابل فيما تتواصل عمليات التهجير القسري للعوائل الشيعية منذ مايقارب الثلاثة اشهر.
وتؤكد مصادر حكومية مطلعة "ان الاوضاع في شمال بابل ستزداد سوءا مالم تتولى القوات العراقية بعد تجهيزها التجهيزات اللازمة مسؤولية الامن في المنطقة"، متوقعة "ان ترتفع حصيلة الهجمات الارهابية الطائفية التي تستهدف المدنيين بشكل يصعب معه السيطرة عن الاوضاع والحديث عن منطقة امنة في شمال بابل".
وتستهدف الجماعات المسلحة المدنيين بقذائف الهاون وصواريخ الكاتيوشا بشكل متواصل فيما تلجا بين الحين والاخر الى تفجير المنازل على ساكنيها بزرع عبوات ناسفة تفجر عن بعد مما ينتج عن ذلك سقوط العشرات من المدنيين بينهم الاطفال والنساء.
https://telegram.me/buratha