أحيت الجماهير في عموم محافظات العراق الذكرى السنوية الرابعة لرحيل شهيد المحراب آية الله السيد محمد باقر الحكيم (ره) وهي تستذكر تلك اللحظات الملكوتية التي عاد فيها الى ارض الوطن ويكون فيها بين ابناء شعبه الذين انتظروه طويلا، وكان السياب مع جماهير البصرة يحرك سعفته ويكفكف دموعه بعد ان رأى بأم عينيه المنقذ الذي استهل مشروعه التحرري بارض البصرة، في حين كانت قلوب ابناء الجنوب محتشدة تحوم حول المرقد العلوي الطاهر لتعانق من هناك قلب الطهر والعفاف والثورة والسلام، وها هي النجف الاشرف تحتضن اليوم عشرات الآلاف من ابناء المرجعية الرشيدة التي خلفت وراء ظهرها معاناة الامن والخدمات وما يمر به البلد من ظروف عصيبة، لكنها تحمل بيد علم العراق وباخرى ارواح ابنائهم البررة الذين قضوا على مذبح الحرية في زنزانات النظام البائد فيحفوا بها روح شهيدهم الغالي الذي تناثرت اشلاؤه هنا وهناك لتبعث برسالاتها الواضحة المتضمنة اقصى دروس التضحية والايثار بغية تحقيق الحياة الكريمة التي كانت ومازالت هدف شهيد المحراب ومدرسته المقدسة، كان حكيما في علمه وفقهه واصوله وعلومه القرآنية وتفسيره، كما كان حكيما في زهده وبساطته وتواضعه، وكان حكيما في هدفه ومشروعه السياسي، بل كان حكيما حتى في شهادته فقد بكاه السنة قبل الشيعة والكورد قبل العرب والوسط قبل الجنوب و... وحين ايقنت الجماهير عمق حكمة الحكيم في مشروعه فقد ابت الا الالتفاف حول هذه الاسرة التي ورثت الحكمة ومازالت تدرسها كمنهج لتلامذة هذه المدرسة.
ومن هنا كانت لنا هذه الرياحين المقتطفة من هؤلاء التلامذة الذين التحقوا بهذه التظاهرة. تقول الحاجة ام كرار (59 عاما) من محافظة الديوانية)):طبخت الغدا للعايلة من الصبح وطلعت اني وابوكرار"ثم أخذت تردس":جينا نجدد البيعة،جينا نزور والينا....)) .
وحين تأملت الباج الذي أحمله على صدري ظنت أني من مصادر القرار فاستفسرت عن صحة السيد عبد العزيز،فقلت هو بخير وعائد الى أرض الوطن عن قريب،فانطلق لسانها ثانية كل أرواحنا فدوه لابوعمار)).
ثم كانت لنا وقفة مع أحد الشباب المعاقين يحمل صورة كبيرة للسيد الحكيم وترتسم على شفتيه إبتسامة عريضة تعكس نشوته بمواساة العراق بفقدان إبنه البار السيد الحكيم،وحين سألته أن يعرف نفسه إبتدأني قائلا: انا جندي من جنود الحكيم انا والد لشهدين وافخر بان يوم شهادتهم اقترن بيوم شهيد المحراب.
ثم سالته هل من رسالة توجهها بهذه المناسبة؟ فاجابني على الفور:رسالتي ان ينهض الشباب بمسؤولياتهم ويعوا حجم المؤامرات التي تحاك ضد قادتنا ورموزنا فيبقوا جنودا اوفياء للمرجعية ويسيروا على خطى الشهداء .
حاولت التوقف عند احد الاطفال لاسأله عن الدافع من اشتراكه في هذه التظاهرة،وكأنه أدرك وزملاؤه هذا السؤال فأحاطوا بي كحلقة وتعالت أصواتهم العمارية:هيهات الذلة هيهات محمد باقر لا ما مات، فرأيتني أردد تلك الشعارات معهم.
آنذاك فقدت حياديتي كمراسل،وتذكرت أني جندي من جنود الحكيم فأنى لي بهذه الحيادية وأنا أشم أنفاسه القدسية العطرة وقد ملأت أزقة النجف وشوارعها فضلا عن ساحة ثورة العشرين.
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)