عادت الاحتجاجات إلى الشارع اللبناني من بوابة مدينة طرابلس شمالي البلاد، بالتزامن مع استمرار الإقفال العام المعمول به نتيجة تفشي وباء كورونا.
يبقى العنوان الأبرز للحركة الاحتجاجية غلاء المعيشة في ظل وجود شريحة واسعة من اللبنانيين الذين يقتاتون بفعل عملهم اليومي، وهو ما أدى الى اندلاع مواجهات عنيفة في طرابلس بين مئات المتظاهرين والقوى الأمنية أسفرت عن سقوط عدد من الإصابات.
تؤكد مصادر من داخل طرابلس أن المشكلة الرئيسية هي باتخاذ الحكومة قرار الإقفال العام طويل الأمد من دون تقديم مساعدات مالية أو غذائية كافية لآلاف الأسر التي تعيش تحت وطأة الفقر المدقع.
رئيس تحرير موقع "سفير الشمال" غسان ريفي يقول لوكالة "سبوتنيك" إن "المدينة منذ الساعة السادسة صباحا تشهد حركتها المعتادة، طبعاً هناك إقفال ولكن حركة المستثنيين وبعض المخالفين الذين لم يلتزموا بالإقفال، شأنهم شأن كل اللبنانيين في المناطق الأخرى، وقد تم رصدهم من قبل القوى الأمنية بمحاضر مخالفات".
وأضاف ريفي قائلا: "ما حصل في طرابلس ليس بعيداً عما يحصل في كل المناطق اللبنانية، بالأمس شهدنا في صيدا وتعلبايا وفي أكثر من منطة احتجاجات، ولكن الأمور كانت في طرابلس مساء أمس نوعاً ما عنيفة من خلال المواجهات التي حدثت ما بين المتحتجين والقوى الأمنية، الذين أصروا على تحدي قرار منع التجول ومواجهة القوى الأمنية والتعبير عن الغضب، وهو في بعض جوانبه مشروع لأن الوضع الاقتصادي بلغ حداً لا يطاق والبلد يسير نحو الانهيار، والدولار ب 9 آلاف ليرة لبنانية، وارتفاع نسب البطالة، والفقر والجوع يرخيان بظلالهما على شريحة واسعة من اللبنانيين، وبرغم ذلك تأتي الدولة بقرارات ارتجالية غير مدروسة تفرض الإقفال العام من دون أن تأخذ بعين الاعتبار نصف الشعب اللبناني ممن يعملون بشكل مياوم ولديهم مصالح وهذا الإغلاق سيعرضهم لخسائر كبيرة وعدم تأمين القوت اليومي، أمام هذه اللامبالاة من الطبيعي أن يقوم بعض المواطنين ممن طفح بهم الكيل وممن لا يجدون القوت في منازلهم بتحركات احتجاجية أو اعتصامات حتى الدخول مع مواجهات مع قوى الأمن".
وأشار ريفي إلى أن الحجر والإقفال لا يلتقيان مع الفقر والجوع، ولا يمكن للدولة أن تلزم اللبنانيين بالبقاء في منازلهم.
ورأى أنه "عندما تقفل الأفق السياسي يفتح باب الشارع، وطبعاً اليوم الحالة يرثى لها على الصعيد السياسي من عدم تأليف الحكومة والصراع الدائر بين الرئاستين الأولى والثالثة، وكل ذلك وهذا الإحتقان السياسي يحتاج بعض الأحيان إلى تنفيسات في الشارع، وهذه التنفيسات تترجم ببعض الأحيان بإشكال هنا أو إشكال هنا وكذلك الأمر بتظاهرات تحمل رسائل سياسية يتم الإعتماد عليها للضغط بين الأطراف، ولا أستبعد أن يكون ما حصل أمس في طرابلس هو رسالة سياسية للضغط من أجل تشكيل الحكومة أو دفع طرف للتنازل للطرف الآخر".
بدوره يقول الناشط جهاد جنيد المقيم في طرابلس، ل"سبوتنيك" إن "التجربة كانت طويلة في الشارع منذ إنتفاضة 17 تشرين، وطالما أننا بنفس الإطار الذي نتحرك فيه في السنوات الماضية من دون التطور لتنظيم الجهود وتأطير التحركات بأجندة سياسية واضحة لا يمكن بناء أي شيء، والدخول في نفق يثير الخوف خصوصاً في طرابلس والمناطق الفقيرة، ولا يمكن الذهاب إلى فقاعات أخرى".
وأضاف:"حالة الغضب كانت تسيطر في مدينة طرابلس ولكن أشدد على أن الذي حدث مساء أمس يثير القلق، لا نحمل خيبات أكثر والتجارب واضحة في الشوارع وفي كل الدول العربية، الخوف هنا لأن النظام يملك كل الوسائل التي يعلم كيف يحمي نفسه فيها والخوف هو من الإنجرار إلى أجندات هذا النظام".
في المقابل، تحاول الحكومة إستباق الإنفجار المحتمعي الذي باتت تحذر منه أكثر من جهة سياسية، عبر إستقدام قرض من البنك الدولي تقدر قيمته بمئتين وخمسين مليون دولار أمريكي، بهدف مساعدة الأسر الأكثر فقرا في البلاد.
لكنه القرض الذي يحتاج الى إقرار من البرلمان لصرفه، من دون تحديد حتى الساعة جلسة لمجلس النواب لتحقيق هذا الهدف.
https://telegram.me/buratha