الصفحة الإسلامية

حَرْفُ الانتظارِ المقدسِ..

1404 2021-03-27

 

د. نعمه العبادي ||

 

إن إرتكازاً وجدانياً عميقاً لدى كل بني البشر، حتى الذين يسمون أنفسهم بالملحدين أو اللادينيين، يؤكدُ وجودَ حقيقة قطعية ولازمة الوقوع، تتجاوزُ حدود سياق الاحداث المنظورة، وتقعُ في نقطة ما من المستقبل (القريب أو البعيد) ، وهي الوحيدةُ القادرةُ على احداث تغيير شامل وكامل، يبسطُ العدلَ بصورة متساوية، ويتغلبُ على كل أشكال الفرعنة، وهذه الحقيقة ترتبطُ بأسباب غير منظورة وغير مفسرة، ومن المنطقي، ان يكون وراء تحقيقها قيادةٌ متفردةٌ تملكُ من الصفات والخصائص ما يمكنها من القيام بهذه المهمة، وهذا الأمل بمثابة (خيط النجاة) الذي يسحبُ حركة الحياة بمجملها العام، ويحصنُها من السقوط في دوامة اليأس والانكسار جراء تسيّد صوت الظلم وعجز ادوات الاصلاح والتغيير أمامه، وكلما خفتَ هذا الارتكاز او قلتْ جذوتُه، ذهبَ الناسُ إلى فكرة التماهي والتصالح مع الظلم والانحراف والخطأ، وتنازلوا تدريجياً عن حقهم في العيش بكرامة، وكلما عادَ إلى الاتقاد خلقَ ألف صوت وصوت للرفض والممانعة، لذا تسعى كلُ اتجاهات الظلم والفرعنة والزلل بكل ما تستطيع إلى إيهام الناس إما بتضليل شعورهم تجاه هذه الحقيقة أو عقلنتهم بعدم جدوى انتظارها والتمسك بها.

هذه الحقيقة تقعُ في طول الرجاء والأمل بالله سبحان وتعالى، وهي أحدى تجلياته العملية، وإن جحودها او الزهد بها يساوي القنوط، وهو ما ورد اللعن الشديد بشأنه، إذ جاء في الروايات متواتراً: "ملعون ملعون من يقنط الناس من رحمة الله" ، كما انها، لا تتضمن مفهوماً إتكالياً، ولا تنزعُ المسؤوليةَ من الافراد في كل لحظة، ولكنها أكسير منشط وفعال يعين الناس على تحمل التحديات والتوجه لتغييرها، وإزالة الانحراف والزيغ، وإن هذه الجهود المبثوثة في طريقها مقدمات ضرورية لتحقيقها.

ولما كانت هذه الحقيقة غير مشخصة بصورتها الدقيقة لدى جمع من البشر (ممن لا يؤمن بالسلسلة الذهبية) أو انها تنطبق على اكثر من صورة بظن البعض، زحفَ الدجالون والمشعوذون والنفعيون والمغرضون الى عقول هؤلاء ونفوسهم عبر انفاق التضليل والتزييف، ليتقمصوا رداء المهدوية والانقاذ، وليطرحوا انفسهم او اسيادهم كممثلين لهذه اللحظة المقدسة، وكلما قصّر اهلُ المعرفة والبصيرة عن دورهم، سنحتْ الفرصةُ بشكل اكبر لزمرة المضللين  للعب دور اوسع في الحياة، وهو ما يطبع لحظتنا الراهنة التي تشهد في كل يوم بدعة مهدوية، الأمرُ الذي يوجب على كل مستطيع فضحَ هذه الدعوات الموهمة والمضللة، التي تستهدف تضييع واهدار اغلى ما يملكه الناس من مصادر القوة لتجاوز مصاعب الحياة بنجاح، وهي الأمل الوحيد الذي يعيننا على مواجهة كل صور الظلم والطغيان والانحراف.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك