نشرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أمس روايات المعتقلين السياسيين السابقين في سجن "جو" المركزي في البحرين، الذين أُفرج عنهم مؤخراً، للأحداث التي اندلعت داخل أسوار السجن في 10 مارس/آذار 2015.
وجاء في تقرير المنظمة على لسان نزيل سابق كان محتجزا في المبنى 3، أنه "عصر يوم العاشر من مارس/آذار الماضي قادت شرطة مكافحة الشغب عملية لاستعادة السيطرة على المباني الأربعة، مع إطلاق الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية على نزلاء المبنى 3 الذين تدفقوا على المنطقة المكشوفة خارج المبنى"، وأضاف إن "شرطة مكافحة الشغب أرغمت النزلاء على العودة للداخل، ثم أطلقت الغاز المسيل للدموع داخل الردهات، رغم الحيز المحصور، لإرغام السجناء على دخول الزنازين فيما يبدو. وبعد ذلك دخلت الشرطة المبنى وأخلت الزنازين واحدة بعد واحدة".
وتابع التقرير "قال السجين السابق إن أحد نزلاء المبنى 3 استخدم هاتفاً خلوياً مهرباً لالتقاط ما لا يقل عن خمس صور تم تداولها لاحقا على مواقع التواصل الاجتماعي، ومنها ثلاث صور تظهر إصابات لحقت بالنزلاء نتيجة، فيما يبدو، لقذفهم بالقنابل الصوتية وعبوات الغاز التي أطلقتها الشرطة يوم 10 مارس/آذار. ويظهر في صورة أخرى سحابة من الغاز في مدخل باب داخل السجن تم ربطه بخرطوم حريق لمنع شرطة مكافحة الشغب من الدخول، مما يؤيد الزعم بأن شرطة مكافحة الشغب أطلقت الغاز المسيل للدموع داخل الردهات".
وأردف "قام نزيلان سابقان في المبنى 4، كل على حدة، بوصف ما جرى، فقالا إن شرطة مكافحة الشغب استخدمت الغاز المسيل للدموع لإجلاء النزلاء عن المناطق المكشوفة خارج مبانيهم، ثم أطلقت الغاز داخل الردهات لإرغام النزلاء على دخول الزنازين. وزعم أحدهما أيضا أن شرطة مكافحة الشغب أطلقت ما لا يقل عن ثلاثة دفعات من الخرطوش داخل ردهة عنبر الزنازين، فألحقت إصابات خطيرة بنزيل واحد في الفخذ. وقال إن شرطة مكافحة الشغب دخلت عنبر الزنازين بعد ذلك، وجرّت السجناء من الزنازين وضربتهم في الردهة. وقال: فور مغادرة الغرفة بدأ الضرب من جميع الجهات، مضيفاً أنه تعرض للضرب لما بدا وكأنه 5 دقائق من قبل 3 ضباط أو أكثر، وقال أحد السجناء السابقين بمبنى 4 إن بعض النزلاء، قبل أن تدخل شرطة مكافحة الشغب إلى المبنى، كانوا قد ضربوا اثنين من العاملين حتى فقدوا الوعي وتركوهما في منطقة الحمامات".
وتشير المنظمة الى أن "النزلاء الثلاثة السابقين قالوا إن شرطة مكافحة الشغب، بعد أن استعادت السيطرة على المبنيين 3 و4، أرغمت النزلاء على المرور من ردهة بشرية من الضباط الذين ضربوهم بالخوذات والعصي بل وأرجل الموائد المكسورة، في مناطق مكشوفة منفصلة أمام كل مبنى من مبنيي السجن. وقال الثلاثة جميعاً إنهم ضربوا بهذه الطريقة، بينما قال سجين سابق من المبنى 4 إن سلطات السجن استبقته مع نزلاء آخرين في منطقة مكشوفة أمام المبنى لمدة لا تقل عن 3 أسابيع، في خيام تم نصبها بعد الاضطرابات بعدة أيام. وأوضح أن سلطات السجن أمرت النزلاء في 25 مارس/آذار بمغادرة خيمة واحدة، بواقع خمسة كل مرة، قائلة إن هناك هاتفاً تم تهريبه إلى داخل السجن، ثم أرغمتهم على التجرد من ثيابهم الخارجية، والوقوف لما يزيد على ساعة وأيديهم مرفوعة فوق رؤوسهم، والسير على المقعدة في دائرة مع سكب الماء البارد فوقهم. ثم قام الضباط، حسب قوله، بإرغام النزلاء على أداء التمارين مع الهتاف "عاش عاش بو سلمان" ـ في تعبير عن التأييد لملك البحرين".
كذلك نقل التقرير عن النزيل السابق من المبنى 3 لـ"هيومن رايتس ووتش" قوله إن "سلطات السجن احتجزته هو ونزلاء آخرين من ذلك المبنى في العراء لمدة 3 أيام وليالٍ، محاطين بالعشرات من أفراد شرطة مكافحة الشغب، الذين كانوا يرغمونهم على الجلوس، أو الوقوف، أو حتى الرقص، قبل إقامة خيمة لهم". وقال إن "أفراد الشرطة اعتدوا بالضرب مراراً على النزلاء ورشوهم بالماء البارد، ووجهوا إليهم إهانات طائفية، وأرغموهم على الهتاف "عاش عاش بو سلمان"". ولفت الى أن الضباط أرغموا بعض النزلاء على وضع أحذيتهم في أفواههم أو حلقوا رؤوسهم. وقال إنه "أصيب يوم 10 مارس/آذار، لكنه لم يتلق أية رعاية طبية قبل الإفراج عنه من السجن بعد مرور أسابيع".
واستمرت المنظمة في نقل روايات المعتقلين، اذ أوضحت أن سجينا سابقا قال إنه كان ضمن مجموعة من النزلاء أمرت سلطات السجن بأخذهم إلى المبنى 10 عقب الاضطرابات، واتهمت بعضهم بـ"التشجيع" على الإضراب. وقال إن ضباط شرطة مكافحة الشغب قاموا في 16 أو17 مارس/آذار، وهو اليوم التالي لنقلهم إلى المبنى 10، بضربه مع نزيلين آخرين من عنبره في المرحاض، الخالي من كاميرات الدوائر المغلقة. وتكرر اعتداء الضباط بالضرب على نزلاء في المرحاض وغرف الإدارة، الخالية من الكاميرات بدورها، بحسب قوله، كما عاملوا أحد النزلاء وهو ناجي فتيل، "معاملة الحيوانات". وكان فتيل ضمن مجموعة يصل عددها إلى 80 نزيلاً لم يتواصلوا مع عائلاتهم حتى أوائل أبريل/نيسان"، بحسب تغطية هيومن رايتس ووتش. وأخيراً تم "السماح لفتيل بمهاتفة عائلته في 12 أبريل/نيسان".
ونقلت هيومن رايتس ووتش عن "أحد أقارب جعفر عون، وهو نزيل آخر لم يسمح له بالتواصل مع عائلته، إن عون أجرى معهم مكالمة مدتها دقيقتان في 4 أبريل/نيسان، وقال لهم إنه نقل من مبنى 4 إلى مبنى 10، وإنه مصاب بخلع في إحدى الكتفين وإحدى الركبتين وجراح في الظهر، دون أن يوضح كيفية إصابته أو ما إذا كان قد تلقى أي علاج طبي".
وختمت "منظمة هيومن رايتس ووتش" بقولها إن "أحمد مشيمع لم يتصل بعد بعائلته، كما يرقد عبد الجليل السنكيس، المحتجز بتهم ذات دوافع سياسية، في مستشفى القلعة منذ الأول من أبريل/نيسان بعد إضرابه عن الطعام في 21 مارس/آذار. وقد قالت عائلته إن الإضراب كان بغرض الاحتجاج على إساءة معاملة المحتجزين بسجن جو عقب اضطرابات 10 مارس/آذار، فيما أسرّ السنكيس لقريبه إن نزلاء المباني 1 و3 و6 أرغموا على البقاء بالخارج في خيام، وإن السجناء أُرغموا على الهتاف بشعارات موالية للحكومة، وإن نزلاء مبنى 10 الذين تعتبرهم سلطات السجن مسؤولين عن الاضطرابات تعرضوا للضرب المتكرر. كما قال إن السجناء الـ13 البارزين، المحتجزين بتهم ذات دوافع سياسية والمعزولين عن بقية نزلاء السجن في مبنى 7، أرغموا منذ بدء الاضطرابات على ارتداء الزي الرمادي للسجناء الجنائيين".
https://telegram.me/buratha