لا تزال أزمة معتقلي سجن جو المركزي في البحرين تستحوذ على معظم المتابعات في المملكة الخليجية، ولا سيّما في ظلّ استمرار التنكيل بهم وتعرّضهم لأبشع أنواع الانتهاكات الحقوقية من قبل إدارة السجن.
وفيما تتواصل حملة الاستغاثة لإنقاذ سجناء جو من تنكيل السلطات التي انطلقت قبل يومين على "تويتر"، كشف منتدى البحرين لحقوق الإنسان أن السلطات الأمنيّة قامت بفصل المعتقلين في سجن جوّ المركزيّ على أساسٍ طائفيّ، إلى جانب الاستمرار في تعريض السجناء الشيعة السياسيين والجنائيين لأصنافٍ متنوّعة من سوء المعاملة والانتهاكات، مؤكداً أنّ أعمال الانتقام والتشفّي لا زالت تُمارَس بحقّ المعتقلين منذ 10 مارس/ آذار، بما شهده ذلك اليوم من هجوم واعتداء على المعتقلين وضربهم واستخدام الأسلحة ضدّهم بمشاركة أعدادٍ كبيرة من القوّات المدجّجة بالسلاح.
وكشف المنتدى في بيانه أنّه تمّ استقدام قوّات أمنيّة جديدة من معسكر سافرة التابع لوزارة الداخليّة، وهي تستخدم أساليب أكثر قسوة مع المعتقلين، مشيراً إلى أنّه منذ أحداث سجن جوّ والسجناء يرتدون الملابس ذاتها، وجرى وضعهم في خيام خارج زنزانتهم ولا يمكنهم الوصول إلى أغراضهم وملابسهم الشخصيّة، فضلا عن وجود قوّات الدرك الأردنيّ داخل السجن وتورّطهم في تعذيب المعتقلين.
وأوضح المنتدى أنّ المعتقلين ينامون في خيام لا تقيهم من حرارة الجوّ نهاراً، ولا من برودة الليل، كما يُجبر بعضهم على الحبو على الأرض، وتعرُّضهم للسب والشتم والإهانة لمعتقداتهم الدينيّة وقياداتهم السياسيّة، وضربهم بالهروات والعصيّ على أماكن متفرّقة من أجسادهم، إلى جانب إهانة الرموز وإجبارهم على ترديد هتافات موالية للسلطة.
أمام هذه الأوضاع المتردية، وجهت منظّمة "سلام" لحقوق الإنسان نداءً عاجلاً للهيئات الدوليّة الحقوقيّة، تطالبها فيه بالتدخّل فورا لحماية المعتقلين في سجن جوّ المركزيّ، من الاعتداءات المستمرّة والتعذيب الممنهج الذي تمارسه السلطات البحرينيّة بحقّهم، فضلا عن منعهم للاتصالات والزيارات للأهالي والحرمان من العلاج، لافتة إلى أنّ المعتقلين يعيشون كارثة إنسانيّة.
وقالت في بيان لها إنّ سجناء جوّ يتواجدون في عنابر مكتظّة، مع التضييق عليهم أثناء الزيارات وعدم تمكينهم من التواصل مع أسرهم، فضلا عن سوء المعاملة الحاطّة بالكرامه والاعتداء عليهم وعلى أقربائهم أثناء الزيارات، كما قامت بفصل المعتقلين بشكلٍ طائفيّ، ومعظمهم ينام في خيام مفتوحة، وإجبارهم على ترديد شعارات موالية للسلطة، وهو ما يخالف قواعد الأمم المتحدة النموذجيّة الدنيا لمعاملة السجناء.
ودعت المنظّمة المفوضيّة السامية لحقوق الإنسان للتدخّل الفوريّ والعاجل لإيقاف هذه الكارثة الإنسانيّة في سجون البحرين والتي تمسُّ آلاف المعتقلين وعوائلهم، وأن ترفع ملفّهم لهيئة دوليّة حقوقيّة مستقلّة للتحقيق واتخاذ الإجراءات التي تنصفهم ومحاسبة المتورّطين في هذه الجرائم.
كما طالبت الصليب الأحمر الدوليّ بإرسال بعثة مستقلّة مجدّدا لتوفير العلاج والعناية بالمعتقلين، خصوصًا وأنّهم ممنوعون من العلاج المناسب وحتى مع حصولهم عليه فإنّه لا يكون بشكلٍ منتظم وإنّما يكون مصاحبًا لمزيد من الاستهداف، ما يجعلهم يتخلّون عن حقّهم في العلاج من أجل عدم تعرّضهم للاستهداف والإهانة والحطّ بالكرامة.
بدورها، قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن "سلطات البحرين حرمت العديد من السجناء من التواصل مع ذويهم لمدة تقارب الـ13 يوما، في أعقاب الاضطرابات العنيفة في سجن جو في 10 مارس/آذار الماضي"، مضيفة أن "على السلطات البحرينية أن تأمر بإجراء تحقيق مستقل في الاكتظاظ داخل السجن وظروف حوادث العنف".
وصرّح نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جو ستورك بأن "لدى قوات الأمن البحرينية سجل مثبت من استخدام القوة المفرطة، ولذا فمن الطبيعي أن تشعر عائلات السجناء بالقلق على أقاربهم. وعلى سلطات البحرين أن تقرر الآن ما إذا كانت ظروف الاكتظاظ بالسجن قد ساهمت في الاضطرابات وما إذا كانت القوة التي استخدمت لقمعها متناسبة".
وتابعت المنظمة في بيان مفصل: "ادعت صحف تابعة للحكومة أن النزلاء، الذين يجري احتجاز الكثيرين منهم بتهم ذات دوافع سياسية، جنحوا إلى العنف بعد مشادة بين حراس السجن وثلاثة زوار في 10 مارس/آذار، إلا أن منظمات حقوقية محلية تزعم أن قوات الأمن استخدمت القوة المفرطة بحق سجناء، وأن رداءة ظروف السجن ساهمت في الاضطرابات".
وقالت زهرة الكوفي، وهي واحدة من الزوار الثلاثة الضالعين في المشادة، لـ"هيومن رايتس ووتش" إن ما لا يقل عن 10 نزلاء شهدوا الواقعة، التي أدت إلى اعتقالها هي وشقيقتها وزوج شقيقتها، موضحة أن المجموعة كانت قد فوتت موعد زيارة أحد أقاربهم في العاشرة صباحاً، وأن العاملين في السجن رفضوا السماح لهم بزيارة غير مقررة لقريب ثان"، وتابعت "تم الإفراج عن زهرة الكوفي وزوج شقيقتها في اليوم نفسه بدون توجيه اتهامات، لكن شقيقتها ليلى ما زالت رهن الاحتجاز في مركز الاحتجاز ببلدة عيسى، بتهمة الاعتداء على إحدى ضابطات السجن".
ونقلت المنظمة عن مصادر محلية قولها إن الواقعة أشعلت شرارة اضطرابات في المباني 1 و3 و4 و6 من سجن جو وأدت إلى نشر قوات الأمن في السجن، حتى بدأ تداول الصور.
وأفادت منظمات حقوقية محلية أن "العديد من النزلاء اتصلوا بذويهم وأبلغوهم أن قوات الأمن تستخدم الغاز المسيل للدموع والطلقات المطاطية لاستعادة السيطرة على العنابر المتأثرة بالاضطرابات".
وقد اتصل أقارب 18 نزيلاً بسجن جو بـ"هيومن رايتس ووتش"، قائلين إنهم عجزوا عن زيارة أقاربهم أو التواصل معهم منذ العملية التي نفذتها قوات الأمن في 10 مارس/آذار. وقالت مصادر محلية موثوقة لـ"هيومن رايتس ووتش" إن العديد من السجناء تمكنوا من إجراء مكالمات هاتفية مع عائلاتهم في 24 مارس/آذار.
وقال جو ستورك "على سلطات البحرين إصدار أمر بالتحقيق المستقل للوصول إلى حقيقة ما حدث في سجن جو يوم 10 مارس/آذار، وينبغي لذلك التحقيق أن يتضمن ما إذا كان استخدام مسؤولي السجن للقوة ردا على الاضطرابات، مشروعاً وفي حدود الضرورة".
وبالموازاة، عبّرت عائلة المعتقل في سجن جو أحمد عون عن قلقها البالغ على صحّته وسلامته بعد توارد أنباء تفيد بأنّ ابنهم يعاني من التعذيب على يد عناصر الدرك الأردنيّ، كما تمّ استدعاؤه للإدارة وتلفيق التهم له.
16/5/150401
https://telegram.me/buratha