بعث رجل الدين الشيعي البارز السيد عبدالله الغريفي رسالة مفتوحة لأمين عام جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان، من منبر الجمعة بجامع الصادق بالدراز اليوم 30 يناير/كانون الثاني 2015 جاء فيها:
من هذا المنبر أبعث إليك -أيّها الشيخُ المُجاهدُ - أزكى سلام وأجملَ تحيةٍ وبعد:
فهذه بعضُ كلماتٍ تحِملُ كلّ الحُبِّ والوفاء والتقدير لإنسانٍ عرفتْهُ السّاحةُ مجاهدًا صامدًا مقدامًا جريئًا، حملَ همَّ الشعب، ودافع عن حقوقِهِ العادلةِ، لم يُساوم، ولم يُداهن، ولم يَضعُف، ولم ينكسر، وكان في إصرارِه وعنفوإنّهِ مُسالمًا، لا ينزعُ إلى عُنفٍ أو تطرفٍ، وكان في مبدئيتهِ وتحدّيهِ داعيةَ محبةٍ وتسامح ...
أيّها الشيخُ المجاهد:
ما أنصفوك حتى احتجزوك .. وما أنصفوك حتى حاكموك ..
إنّهم بهذا يُحاكمون قضيةَ شعب، وإرادةَ شعب، ونضالَ شعب، وصمود شعب، وحريةَ شعب، وكرامةَ شعب، ومصيرَ شعب..
أرادوا أنْ يُغيّبوكَ وما دَرُوا إنّهم أعطوك كلّ الحضور ..
أرادوا أنْ يَعزلوُك، وما دَرُوا إنّهم جذَرُوك في كلّ القلوب ..
أرادوا أنْ يُسْكتُوا حراكَ شعبٍ، وما دَروُا إنّهم أعطوا لهذا الحَراك وقودًا زادَهُ ثباتًا وعنفوانًا وإصرارًا واستمرارًا..
أرادوا أن يقتلوا فيك الصمود، وما دروا أنهم فجروا فيك طوفاناً من الصمود..
ما أنصفوك حين اتهموكَ بأنَكَ رجلُ تأزيم وتحريض وصِدام وعدوان، وما عرفتك السّاحة إلاّ إنسانَِ تهدئةٍ وحوارٍ وتوافقٍ ووئامٍ..
ما أنصفوكَ حين قالوا عنك إنكّ إنسانَ عنفٍ وتطرفٍ وفتنةٍ وفرقةٍ، وما عرفتكَ السّاحة إلاّ داعيةَ سِلْمٍ واعتدالٍ وتسامحٍ ومحبةٍ..
ما أنصفوكَ حين قالوا عنك إنكّ أساءتَ إلى أمنِ الوطنِ، وما عرفتك السّاحةُ إلاّ العاشق لكلِّ ذرةٍ في ترابِ هذا الوطن..
أيّها الشيخ المجاهد:
لماذا اتهموكَ بالإساءةِ إلى أمن هذا الوطن؟
ألأنَّك انتقدت سياسةً وجدتَها خاطئةً؟
ألأنَّك قلت ((لا)) للفساد، للعبث للتمييز، للتجنيس، لكلّ ما هو سيئ؟
ألأنَّك دافَعَتَ عن قضايا شعب؟
هل في هذا إساءة إلى أمن الوطن؟
أمنُ الوطن في منظورك أنْ يتحقق الأمنُ لكلّ مواطن ..
• أنْ يكون المواطن آمنًا على دمِهِ ومالِهِ وعرضِهِ..
• أنْ يكون المواطن آمنًا على حريته السّياسية والاجتماعية..
• أنْ يكون آمنًا على حقوقِهِ المعيشية..
• أنْ يكون آمنا على أسراره وخصوصياته..
• أنْ يكون آمنًا في سكنه وفي كلّ تحركاته وتنقلاته..
• أنْ لا يُلاحق، أنْ لا يُطارد، أنْ لا يُعتقلَ، أنْ لا يُسجن، أنْ لا يُحاكم إلاّ بحق..
هكذا يكون المواطن آمنًا، وهكذا يكون الوطن آمنًا..
أيّها الشيخُ المُجاهد:
وهل جهادُك السّياسي السلمي إلاّ من أجل أنْ يكون المواطن آمناً، ومن أجل أنْ يكون الوطن آمنًا..
كنت تُحاربُ كلّ ما يَقتُل أمنَ المواطن وأمنَ الوطن..
حاربتَ العُنفَ والإرهابَ والتطرف..
وحاربت كلّ الصراعاتِ الطائفية والمذهبية والسّياسية والعرقية..
وحاربت سياسة التسلّط والاستبداد..
وكُنت تؤكد على سياسة العدل..
ولا يزرع الأمن في الأوطان إلاّ العدل..
ففي الكلمات الصادرة عن أمير المؤمنين عليهِ السَّلام: (( ما عُمرت البلدان بمثل العدل)) و (( صلاح الرعية العدل)).
وختامًا أيّها الشيخُ المجاهد:
إننا ننتظرك بكلّ شوقٍ أنْ تعود إلى موقعك في السّاحة، لتُمارس دورك في خِدمة هذا الوطن، وفي الدفاعِ عن حقوق هذا الشعب..
كما ننتظر عودةَ رفيقِ دربك رئيس شورى الوفاق السّيد جميل كاظم، والذي كان له دورٌ بارزٌ في السّاحةِ السّياسية، وفي الحَرَاكِ السلمي، بما يملكك من وعيٍ وبصيرةٍ، ونُضْجٍ وقٌدرةٍ كفوءة، وصدقٍ وإخلاصٍ واستقامةٍ، وحُبٍ بهذا الوطن..
كما ننتظر عودة كلّ الرموز والقادةِ الذين غُيّبوُا في السِّجونِ، فالسّاحة في حاجة إلى حضورِهم، وعطاءِهم، وكفاءتِهم، وإخلاصِهم لهذا الوطن، كما أنَّه في حاجةٍ إلى أدوارِهم الرشيدة البصيرة القادرة على أنْ تُساهم في صُنع الأمنِ كلّ الأمنِ في هذا الوطن، والحبِّ كلّ الحُبِّ على هذهِ الأرض، والوحدةِ كلّ الوحدةِ بين مكوّناتِ هذا الشعب..
وهكذا يجب أنْ تلتئم كلّ القُوى المخلصةِ من أجل إنتاجِ الحلِّ القادرِ على إنقاذِ البلدِ من أوضاعَ ثقيلة ضلتْ جاثمةً على صدرهِ وأرهقتهُ كثيرًا، وكلّفَتهُ أثمانًا باهظةً ولا يمكن إنتاجُ هذا الحلِّ إلاّ من خلالِ حوارٍ جادٍّ حقيقيٍ صادقٍ، فلا خيارَ إلاّ الحوارَ، ولا خيار إلا التوافقَ والتعاون في سبيل بناءِ مستقبلٍ واعدٍ وآمنٍ لهذا الوطنِ الأصيلِ والذي احتضن عبر تأريخِهِ كلّ المكوّنات في تعايشٍ لا يعرفُ الكراهية والفتن والصراعات..
وما ذلك اليوم ببعيدٍ إنْ شاء الله، إذا صدقتْ النوايا، وأخلصتْ الجهودُ، وتحركتْ الإراداتُ الرشيدة..
...............
18/5/150131
https://telegram.me/buratha