المنامة / مراسل وكالة أنباء براثا
قال «آية الله عيسي أحمد قاسم» في خطبة صلاة الجمعة: السلطة هي التي دعت للحوار وحثت عليه، ولكن لدعوة الحوار حكمتها وخلفيتها المدروسة للسلطة، وكذلك للعمل الناقض لهذه الدعوة حكمته عندها، فلا استغراب ولا عجب. الدعوة والحث للإعلام والإحراج والعمل الناقض للتخلي عن الاستحقاقات. ويا لها من فضيحة للسلطة من حوار دعت إليه وتحاول جاهدة أن تفشله.
وقال «آية الله الشيخ عيسي أحمد قاسم» في خطبة صلاة الجمعة اليوم(22/02/2013) "يا لها من فضيحة للسلطة من حوار دعت إليه وتحاول جاهدة أن تفشله".
وأضاف آية الله عيسي قاسم: "إذا كان هناك حوار أو تفاوض فما هو هدفه؟ هل هو كسب رضا أو موافقة النخبة أم الشارع؟ ومن هنا تأتي أهمية الاستفتاء الشعبي على نتائج أي حوار أو تفاوض وعدم الاستغناء عنه لضرورة موافقة الشعب أو رفضه".
وفي ما يلي نص الخطبة الثانية لسماحة آية الله عيسي قاسم:
هل لهذا الشَّارع رأي؟
الموجود على الأرض معارضةٌ سياسيَّةٌ وحقوقيَّةٌ من شارعٍ أو نخبة [1]؟
القائم فعلاً معارضة نخبةٍ وشارعٍ عريضٍ واسع برهن على سعته وكونه أغلبيَّةً سياسيَّة لأكثر من مرَّة، وأكَّد ذلك في أكثر من مسيرةٍ آخرها مسيرة الخامس عشر من فبراير لهذا العام، وهي مسيرة قوامها المواطن لا غير، بلا مستأجرين ولا خليط.
ما هو القوامُ الأهمّ للمعارضة القائمة؟ جناح النخبة أو الشارع؟
لا شكَّ أنَّ لكلٍّ دوراً لا غنى عنه في الآخر، معارضة النخبة فيها دفعٌ وتنشيط ودورها ظاهرٌ في التخطيط والتوجيه والترشيد والضبط والتفاوض، أمَّا الشارع فلا حياة للحراك بدونه وهو الوقود الأشدّ وهو المبعث للصوت العالي لأيِّ حراكٍ في أيِّ ساحةٍ من ساحات الدنيا يمكن أنْ تساعد النخبة على إيصاله إلى بعيد.
وتخلُّف دور النخبة يمكن أنْ يحدث للحراك الجماهيريِّ جملةً من الأخطاء الضارَّة، والارباكات المؤثِّرة سلبا، ويضاعف الخسائر، ويعدِّد وجهات النظر الجزئيَّة إلى حدٍّ مفرط ويعطيها فرصة التفعيل المتضارب على الأرض، ويزيد من حجم الخسائر، ويتيح فرص الاختراق. أمَّا تخلُّف دور الجماهير وتخلِّي الشارع عن الحراك فيقضي عليه وينهيه، وتبقى قضيَّة المعارضة قضيَّةً نظريَّةٌ باردة أكثر منها ذات وجودٍ عمليٍّ فاعلٍ مؤثِّر.
وعلى هذا فإنَّه إذا كان هناك حوارٌ أو تفاوضٌ طرفه السُّلطة، فما هو هدفه من جانبها؟ كسب رضا أو موافقة النخبة أو الشارع ؟ ماذا سيعطي رضا النخبة دون الشارع؟
توقُّف التوجيه والترشيد والضبط والتحكُّم، وازدياد السخط في الشارع، وانتشار الفوضى وردود الفعل غير المحسوبة، وحالاتٌ من الانفلات التي لا يمكن أنْ يستقرَّ معها وضع أو تسلم سفينة.
إنَّه إذا كان على نتيجة الحوار أنْ تكسب رضا النخبة أو موافقتها فإنَّ عليها أوَّلاً أنْ تنظر إلى رضا الشارع أو موافقته، وإلَّا لم تقدِّم هذه النتيجة خدمةً لشارعٍ ولا نخبةٍ ولا سلطة. ومن هنا تأتي أهميَّة الاستفتاء الشعبيِّ على نتائج أيِّ تفاوضٍ أو حوار، وعدم الغنى عنه لضرورة رضا الشعب أو موافقته على هذه النتائج لتمثِّل حلَّاً أو جزءاً من حلّ وتهدِّىء الوضع وإلَّا كان وجودها كعدمها.
ماذا سيوقف المسيرات والمظاهرات والاعتصامات وسائر الاحتجاجات والصرخات الجماهيريَّة؟ هل يوقفها أنَّ الجمعيَّة الفلانيَّة صار نظرها إلى الموافقة على نتيجةٍ يرى فيها الشعب ضرره؟
لا بُدَّ أنْ يكون الهدف هو إنهاء الصراع، وتوجُّه كلِّ الجهود إلى البناء المثمر المشترك، وإقامة علاقات جديدةٍ قائمةٍ على الثقة، وهذا يتطلَّبُ بالضرورة موافقة غالبيَّة الشعب على الأقل على نتائج أيِّ حوارٍ أو تفاوض، على أنَّ العلاقات القويمة والمستقرَّة والوضع الآمن والمتقدِّم ووطن المحبَّة والازدهار لا تحقِّقه صدقاً نتائجُ جائرة وحلولٌ مجزوءةٌ منقوصة تركيزها على القضايا الجانبيَّة وأمور الهامش والجانب الشكليّ في تجاوزٍ ممجوجٍ سافر للقضايا الأمّ كالدستور المُتَوافَقِ عليه، والمجلس النيابيّ المستقلّ بصلاحيَّاتٍ كاملة ليس عليها حقُّ النقض ولا تأثيرٌ سلبيٌّ لأيِّ مؤسسةٍ أخرى، والحكومة المُنْتَخَبَة، وكون الشعب مصدر السُّلطات بصورةٍ فعليَّة.
وستأتي نتيجةٌ فاقدةٌ للمنطق، ومن أغرب الغرائب، إذا كان الصوت الرافض للحكومة المُنْتَخَبَة والاستفتاء الشعبيّ [2] مطابقاً لوظيفته في التمثيل الشعبيّ.
الرأي الذي يرفض الاستفتاء الشعبيّ، ويرفض الحكومة المنتخبة، هل هو مطابقٌ لرأي الشعب؟
إنْ كان مطابقاً له فستأتي النتيجة غريبة جدَّاً، فإنَّ ذلك يعني تماماً أنَّ الشعب يرفض أنْ يشارك في رسم السياسة التي تعتمد حياتُه في مسارها على مقرَّراته، ويرفض أنْ يُسْتَفْتَى في الأمر الذي هو من حقِّه وأنْ يُسْمَعَ له رأيٌ في ذلك [3].
فأيُّهما الواقع : أنَّ الرأي الرافض للحكومة المُنْتَخَبَة والاستفتاء الشعبيّ على توافقات الحوار خاصَّةً مع كون المتحاورين لم يتمَّ انتخابهم من الشعب [4] لهذه الوظيفة لا ينطبق مع إرادة الشعب ويناقض رأيه ؟ أو أنَّ شعبنا هذا رأيه الذي لا يقول به من له شيءٌ من وعي وشيءٌ من إرادة ومن شعورٍ بالحريَّة والكرامة؟ أيُّهما الصحيح؟
لا شكَّ أنَّ شعبنا أكبر من هذا بمسافاتٍ ومسافات، فأليسَ هو الشعب الذي أعطى كلَّ ما أعطى وضحَّى بكلِّ ما ضحَّى من منطلق وعيه وشعوره بعزَّته وكرامته وشدَّة تمسُّكه بحريَّته [5]؟
ثمَّ إنَّه لغريبٌ وليس بغريب أنْ تكون دعوةٌ للحوار وحثٌّ على الالتحاق به، وعملٌ موازٍ لهذه الدعوة على الأرض يدفع بقوَّةٍ للتخلِّي عنه وتوتير الأجواء المحيطة به وكهربة السَّاحة كهربةً أمنيَّةً من النوع الثقيل بحيث تقطع الطريق. كلُّ ذلك يصدر من جهاتٍ سلطويَّة أو تابعةٍ للسُّلطة، والسُّلطة هي التي دعت للحوار وحثَّت عليه، ولكن لدعوة الحوار حكمتها وخلفيَّتها المدروسة للسُّلطة، وكذلك للعمل الناقض لهذه الدعوة حكمته عندها، فلا استغراب ولا عجب. الدعوة والحثُّ للإعلام والإحراج والعمل الناقض للتخلِّي عن الاستحقاقات.
وظاهرٌ جدَّاً أنَّ المستبطن للسُّلطة أنَّه لا حوار ولا إصلاح، ويدلُّ على ذلك واضحاً هذه الأجواء المشحونة بإرادة التوتُّر وروح التوتُّر، ونيَّة التصعيد الأمنيّ، والاستمرار في التنكيل بالشعب من خلال مواصلة مسلسلات الإعلان عن الخلايا الإرهابيَّة والانقلابيَّة التي وصل الأمر إلى الانطلاقة لتكوين جيشٍ شعبيٍّ عرمرم على يد مجموعةٍ شعبيَّةٍ منهم من لم تتعدَّى شهادته الشهادة الثانويَّة ظاهراً، والذين تحوَّلوا بقدرة قادر إلى عقليَّةٍ عسكريَّةٍ ضخمةٍ وبسرعةٍ فائقةٍ إعجازيَّة في مستوى عقليَّة القادة العسكريِّين الكبار للدول الكبرى، وبلغت ميزانتيَّتهم الماليَّةُ الملايينَ التي يحتاجها تكوين الجيش القاهر.
ويا لها من فضيحةٍ للسُّلطة من حوارٍ دعت إليه وتحاول جاهدةً أنْ تفشله.
--------------
14/5/13222
https://telegram.me/buratha