معكم يا أهلنا في البحرين والجزيرة العربية

آية الله الشيخ عيسی قاسم في خطبة صلاة الجمعة:الشعب الذي يقول إمّا الحريّة أو الشهادةُ لا يمكنُ إذلاله

1916 17:54:00 2012-07-20

المنامة / مراسل براثا نيوز

قال «آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم» في خطبة صلاة‌ الجمعة اليوم (20/07/2012) في مسجد الإمام الصادق (ع)‌ بـ"الدراز" إن الشعب الذي كسر حاجز الخوف من الموت وآمن بأنّ الحياة في الموت في عزّ، وأن الحياة في ذُلٍّ هي الموت، واستعذب المنيّة في سبيل دينه وحريّته يكون قد أفشل كلّ أساليب البطش والتنكيل التي تحاول إجباره على الخنوع ونسيان ذاته.

وفي ما يلي نص هذا الخطبة:

الأمن الاجتماعي:

الامن الاجتماعيّ حاجة كلّ المجتمعات ومطلب كلّ سياسةٍ عادلة وواجب كلّ حكومة وهدفٌ عالٍ من أهداف الدّين القويم وشرطٌ من شروط النموّ والازدهار والتقدّم، ولا هناءة لمجتمعٍ يحكمه العدوان ويسوده الخوف ويقع فيه المال والعرض والنّفس والدّين في دائرة الترصّد والتهديد والوعيد.

وللأهميّة البالغة للأمن في نظر الدّين جاء التركيز عليه في عددٍ من النّصوص الاسلامية:

تقول الآية الكريمة:"وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ" [1]، فالآية الكريمة تركّز على نعمة الإيمان.

وعن الرسول صلّى الله عليه وآله: "نعمتان مكفورتان: الأمن والعافية"، مكفورتان تُفَسَّر بمعنى مستورتان ; فالكَفر الستر، تنستر كلٌ من نعمة الأمن والعافية عن ذهن الإنسان وذكره بوجودهمها وتظهر له أهمّيتهما بفقدهما؛ حيث تَقلق حياته ويعيش الشّلل في الحركة ويشعر بالتهديد الجدّي للوجود.

وبانهيار الأمن الاجتماعي وتحطّم جسور الثّقة بين أهل المجتمع الواحد وتوقّع الضرر والإضرار من كلّ الأطراف ترتفع موجة الاضطراب في النّفوس، ويشقى الجميع، وتتقطّع سبل الحياة، ويُشَلُّ الانتاج الصالح، ويشعر الكلّ بأنّه محاطٌ بالموت من كلّ مكان.

وعنه صلّى الله عليه وآله في قوله تعالى: "ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ" [2]: الأمن والصحّة. فجعل الأمن والصحّة مصداقين بارزين ومن أجلى مصاديق النّعيم الذي يُسأل عنه الإنسان في توظيفه له يوم القيامة؛ ذلك باعتبارهما روح النّعيم في الدنيا كما تفيده الكلمة عن الإمام الصادق عليه السلام: "النَّعيمُ في الدُّنيا الأمنُ وصِحَّةُ الجِسمِ، وتَمامُ النِّعمَةِ في الآخِرَةِ دُخولُ الجَنَّةِ، [3] وما تَمَّتِ النِّعمَةُ على‏ عَبدٍ قَطُّ مَالَم يَدخُلِ الجَنَّةَ" [4] - صحّتك، مالك، جاهك، كلٌ يعني الدّنيا تذهب هباءاً ... هي نِعَمٌ ; ولكنّ النّعمة الكبرى لا تتم إلا بدخول الجنّة فاسعى إليها، يا نفس اسعي إلى النّعمة الكبرى-.

والسياسات الظالمة تفسد الأوطان وتنشر الفتن وترزع الأحقاد وتثير الفوضى وتقوّض الأمن الاجتماعي وتزلزل الأوضاع وتشقي الحياة.

أَمْنُ النّاس تحوّله – أو تحيله- السياسة الظالمة إلى خوف، وبلد الخير تحوّله إلى بلد شرٍّ وفساد. تقول الكلمة عن الإمام عليٍ عليه السلام: "شرّ البلاد بلدٌ لا أمن فيه، ولا خصب" [5]، وحيث لا أمن لا خصب ولا سعة في إنتاج ولا تفرّغ للبناء والتقدّم بمستوى الحياة، وعنه عليه السلام: "شرُّ الأوطان مالم يأمن فيه القطّان" [6]، –الساكنون-. السياسات الظالمة تحدث الفرقة والفرقة فتّاكة بأمن النّاس وهي بما تثيره من احتراب وتؤدّي إليه من استباحة الدماء لونٌ من مرّ العذاب.

يقول الكتاب الكريم:"قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ" [7].

وأيُّ سببٍ لتقويض الأمن الاجتماعي مِنْ أنْ تُطلق السياسة الظالمة يد الإرهاب والسطو؛ لتعيث فساداً ليلاً ونهاراً في المناطق السكنيّة في القرى والمدن، تقتحم على الآمنين بيوتهم من غير إذن وتكسر عليهم أبواب غرف نومهم الخاصّة وأماكن استحمامهم وتضرب من تضرب، وتدمي من تدمي، وتنهب من تنهب، وتصطحب معها من تريد اصطحابه للسّجن والتّعذيب ؟ لا بَلْ ماذا بقي من الأمن الاجتماعي لهذا الشعب الذي تعامله السّلطة المسؤولة عن أمنه معاملة العدوّ اللدود وتسومه سوم العبيد ؟

إنّ الممارسات الدنيئة والعدوانيّة الصّارخة التي تُرتَكب في حقّ هذا الشعب المسلم تعبّر عن تنكّرٍ تامّ وتجاوزٍ فاحشٍ للدّين والضمير والقيم الأخلاقيّة والأعراف الحميدة وحقوق المواطنة وحرمة الإنسانيّة والدساتير والقوانين المدنيّة ومواضعات المجتمع الإنساني.

يصل الأمر إلى كسر الباب على امرأةٍ مؤمنةٍ حالَ استحمامها في حمّام منزلها، فأيّ دينٍ بقيَ [8] وأيّ خلقٍ وأيُّ عرفٍ وأيُّ غيرةٍ وأيُّ حسٍّ إنسانيٍّ وأيّ حياء وأيّ حميّةٍ وأيُّ بُقيا ضمير وأيّ حرمةٍ لمواطنٍ وأيُّ قيمة لإنسان؟

ألستم تفجّرون غضب النّاس بمثل هذه الاستفزازات التي تحرّك الجماد وتنسي الإنسان أيّ قيمةٍ للحياة وتزهّده في البقاء في ظلّ هذا الوضع المذلّ المهين؟ ألستم تدفعون الشّعب بمثل هذه الحماقات أشدّ الدفع إلى المطالبة بكلِّ إصرارٍ وإن استشهد أيّ عددٍ من أبنائه وإن سُجن وعذّب بكامل حقوقه صوناً لدينه وكرامته وعزّته وعرضه ودمه وماله؟

الشعب صار يخاف على دينه، صار يخاف على عرضه، صار يخاف على كرامته، على دمه وماله؛ لو ألقى عصا السّير. والشعب الذي عشق الحريّة وصمّم صادقاً أن يسترخص حياته ثمناً لها لا توجد حكومةٌ في الأرض تستطيع تركيعه.

الشعب الذي يقول إمّا الحريّة أو الشهادةُ لا يمكنُ إذلاله [9].

الشعب الشي لا يحدّد سقفاً لتضحياته في سبيل حريّته وكرامته وحماية عرضه ودينه لا يفصله فاصلٌ كبيرٌ عن نيل ما يطمح إليه من الحريّة والكرامة والعزّ والمجد الرفيع.

الشعب الذي كسر حاجز الخوف من الموت وآمن بأنّ الحياة في الموت في عزّ، وأن الحياة في ذُلٍّ هي الموت، واستعذب المنيّة في سبيل دينه وحريّته يكون قد أفشل كلّ أساليب البطش والتنكيل التي تحاول إجباره على الخنوع ونسيان ذاته.

لا يحاولنّ أحدكم مع هذا الشعب لإذلاله أكثر ممّا حاول فإنّه لن تنكسر إرادته بإذن الله ولن ينال أحدٌ من عزيمته ليفرض عليه ما يريد ممّا يأباه.

-----------------

[1] 18 / سورة سبأ.

[2] 8 / سورة التكاثر.

[3] سماحة الشّيخ: التفت.

[4] بحار الأنوار - ج 78 - الصفحة 172.

[5] عيون الحكم والمواعظ - الصفحة 294.

[6] ميزان الحكمة - ج 4 - الصفحة 3568.

[7] 65 / سورة الأنعام.

[8] هتاف جموع المصلّين: "فلتسقط الحكومة".

[9] هتاف جموع المصلّين: "هيهات منّا الذلّة".

.................

25/5/720

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك