المنامة ـ براثا نيوز
بعثت الناشطة الحقوقية البحرينية زينب الخواجة رسالة من السجن، نشرت عبر حسابها في تويتر.
وكشفت زينب أن القاضي يستدرجها للحضور إلى المحكمة عبر وعود بالنظر في إطلاق سراحها، وقالت إنها لن تحضر أيا من الجلسات القادمة مهما كان عددها وهي مصرة أكثر من أي وقت مضى على عدم مغادرة السجن، لأسباب أوضحتها في الأسطر التالية:
نص الرسالة،
يظن القاضي أنني سأحضر جلسة محاكمتي القادمة، حيث أنه أخبر المحامي في المرة الأخيرة والتي لم أحضر فيها بأنه قد ينظر في إطلاق سراحي إذا ذهبت للمحكمة.
ليس فقط لا يحمل هذا الكلام أي وزن بالنسبة لي لأن من قاله هو قاض يحكم في نظام سياسي ظالم، بل لأن الإفراج الذي يتكلم عنه ليس هو الإفراج الذي أنشده من السجن.
نعم، أنا أحلم بابنتي في النوم واليقظة، لكنني أعلم أنني حين أكون معها في المنزل لن أكون مرتاحة البال أبدا. كيف أكون في سلام بينما الابنتان التوأم للسجين جعفر سلمان يعيشون بدون أبيهم لأكثر من عام حتى الآن، جعفر ذلك الرجل البريء الذي أصيب بالرصاص الانشطاري في وجهه وفقد كلتي عينيه. جعفر الذي حكم عليه في محاكمة لم تستمر أكثر من 15 دقيقة ومن دون محام، وبدون حضور أي شخص من عائلته. القاضي نظر إلى الرجل المصاب الأعمى وصرخ في وجهه "لا تكلف نفسك عناء الجلوس، لقد حكم عليك بالسجن لمدة عامين"!
أستطيع أن أمسك ابنتي بذراعي، لكنني سأغلق عيني وأتخيل جعفر وهو يستمع لأصوات ابنتيه، بعد أشهر وأشهر من الحياة في ظلام السجن، وحين يصل إلى ابنتيه، يصرخ في وجهه أحد الشرطة "ليس مسموحا لك أن تلمسهما"!
إاذا أطلق سراحي، كما في المرات الماضية، سيقوم حراس هذا السجن بتسليمي حقائب بلاستيكية مع أغراضي الأخرى، ومن بينها سأرى "عصابة معصم" صنعها أحد السجناء لي بيديه، إنه حسن عون، الصبي الذي اعتقل أكثر من 5 مرات في حياته رغم أنه شاب صغير. حسن عون، ضحية التعذيب الذي تجرّأ بالحديث عن معاناته علنا، لكن شجاعته لم تحمه من أيدي معذبيه. أعادوا اعتقال حسن ولم نستطع أن نحميه من أن يكون عرضة لنفس الكوابيس المروعة مجددا.
رغم أنني لم ألتق حسن أبدا، لكنني التقيت أخاه الأصغر، لا أزال أتذكر ابتسامته بينما كان يشرب حليبا دافئا ويطلب مني أن ألتقط له صورة "من يدري، ربما أكون المعتقل القادم" هكذا كان يقول. وبينما أنا في السجن، قالوا لي إن أحمد، أخا حسن عون، أصيب وحين نقل للمستشفى اعتقل للمرة الثانية!
وفي نفس السجن الذي يقبع فيه أحمد وأخوه هناك مئات من المعتقلين السياسيين. سوف لن أكون مندهشة إذا كانت هناك زنازن تخصص لعوائل معينة، على سبيل المثال، عائلة الشهيد الطفل علي الشيخ! لم يقتل علي فحسب، بل عوقبت عائلته أيضا. الكثير من أفراد عائلته بين خارج وداخل إلى المعتقل. من بينهم من لم يطلق سراحه بعد، هؤلاء تحديدا هم من شهدوا على حادثة القتل!
قد يطلق سراحي، لكن الشاب منصور لن يكون في انتظاري ليسألني "ما هي الانتهاكات التي سنوثقها اليوم؟" فبالرغم من كونه طالب مدرسة ثانوية إلا أنه كان مصرا على أن يصبح ناشطا، ليساعد بأي طريقة يستطيع. في المرة الأخيرة التي تحدثت معه فيها لم يسألني ماذا عله يستطيع أن يفعل ليقدم المساعدة، لكنه ترجّاني أن أصلي لأجله! أن أصلي لكي لا يأخذونه مجددا لغرفة التحقيق!
لو أطلق سراحي، فكل قرية سأمر بها ستصرخ بأسماء لا عداد لها من معتقلي الرأي فيها، كل الجدران ستريني وجوههم. وحوالي، سأرى أمهات وآباء وزوجات وأطفال تملأهم الكآبة. سأرى ولدين للمرأة التي أصبحت أختي في هذه الزنزانة، الأم التي تجلس على سريرها تبكي على أطفالها بينما أكتب أنا رسالتي هذه.
أنا لست زينب فقط، أنا جعفر وحسن، أنا أحمد وعباس، أنا معصومة ومنصور. قضيتي هي قضية مئات من المعتقلين السياسيين الأبرياء في البحرين، وإطلاق سراحي بدونهم لا يعني أي شيء بالنسبة لي.
لن أحضر كل الجلسات القادمة مهما كان عددها. الحرية، وليس إطلاق سراحي، هي ما أريد وهي ما أحلم به. سأبقى في زنزانتي، سأستمع لجدرانها تردد قصيدة لسجين آخر هو صادق الغسرة، تلك القصيدة التي تذكرني دائما بأن نضالنا من أجل التحرر يجب أن يستمر، ليس فقط من داخل السجن، بل حتى من تحت التراب.
أسجل كل الإعجاب والتقدير لأخواني وأخواتي في المعتقلات، هؤلاء الذين يمنحني إصرارهم وصبرهم كل الأمل.
زينب الخواجة، مركز شرطة مدينة عيسى، 19 مايو 2012
17/5/252
https://telegram.me/buratha