( بقلم : علي حسين علي )
لا يمكن عدها من المصادفات تلك الاعمال الارهابية الشنيعة والتي تستبق كل عملية سياسية تهدف الى حقن دماء العراقيين ولجم الفتنة الطائفية او تزامنها او تتبعها.. فمبادرة المصالحة الوطنية التي اطلقها رئيس الوزراء قبل اكثر من ثلاثة اشهر ما ان اعلنت حتى عمت ساحات بغداد وشوارعها واسواقها ومساجدها وحسينياتها الانفجارات الرهيبة والفظيعة.. وكأن من قام بها يريد ان يقول للعراقيين: لن اترككم تتصالحون وسأقتلكم ان فعلتم ذلك.. ومرت تلك التفجيرات واخذت معها ارواح المئات من العراقيين الابرياء واستنكرها العالم كله، الا ان البعض من السياسيين قد صمتوا.. ومضت العملية السياسية في طريق المصالحة وعقد اول مؤتمر للعشائر العراقية لتقوية اسس المصالحة وترصينها وعادت التفجيرات مرة اخرى تهز جدران البيوت الآمنة وتقطف ارواح الشباب والنساء والشيوخ والاطفال بشراهة ووحشية.. ومرت الايام والمصالحة تتقدم والناس صابرون وعقد مؤتمر منظمات المجتمع المدني للغرض النبيل نفسه وقبله بيوم واثناء عقده، وبعده بايام تصاعدت اصوات التفجيرات لتتساقط منها اجساد العراقيين في برك من الدماء وتتشظى الاجساد وتتطاير الاشلاء.. ومضت المصالحة الوطنية في طريقها الصعب، وصبر العراقيون مرة اخرى على بلواهم.. وشجب الناس، كل ذي ضمير، ما جرى من قتل ودمار الا قلة من السياسيين الذين فضلوا الصمت في مثل هكذا مناسبات!.
وجاء يوم اعلان ميثاق العهد الذي وقعه قادة الكتل السياسية الفاعلة والمنضوية في البرلمان، كان ما تعاهد عليه القادة هو حقن الدم العراقي ودرء حرب اهلية لا تبقي ولا تذر.. ولم تفت هذه المناسبة بسلام فعادت السيارات المفخخة والاجساد الملغومة تتفجر وسط الناس الابرياء الامنين، فهوى من الاحياء جمع كثير وتساقط الجدران على رؤوس ساكنيها وفضلاً عن ذلك وامعاناً في الجرائم الوحشية شن الارهابيون والتكفيريون (غزوتهم) على حيّ آمن مسالم من احياء شمالي بغداد فامطروا (سبع البور) بالكاتيوشا والهاونات ثم اتبعوا ذلك بدخول الحي وقتل الآمنين من اهله اطفالاً ونساءً وشيوخاً، وكل ما لا يستطيع ان يقاوم! ثم احرقوا البيوت واجبروا اكثر من مئتي عائلة على الهجرة وترك الدور والمساكن والمحال ومصادر الرزق غنيمة حرب لـ(المجاهدين)!.
واذا كانت قوات الجيش قد جاءت ومعها المتعددة متأخرة الا انها استطاعت ان تطرد (الغزاة).. غير انهم عادوا مرة اخرى يقصفون (سبع البور) عن بعد وقرب وصاح صائحهم: لا شيعة بعد اليوم في (سبع البور).واستنكر كل شريف ووطني واسلامي هذه العملية الاجرامية الارهابية الا قلة من بعض السياسيين فلم ينددوا او يستنكروا او حتى يدينوا ذبح العراقيين وتهجيرهم.. ومرت الجريمة البشعة مثل سابقتها واهل العراق الاحرار- وليس العبيد- ماضون في الطريق المفضي حتماً الى التآخي والتراحم والمحبة.
ربما يعتقد الارهابيون التكفيريون والبعثيون ان الشرفاء والمخلصين لوطنهم سيملون او يتعبون او ان اليأس سيصيبهم ويتركوا ما كانوا وما زالوا يسعون اليه.. غير ان الامر لن يكون هكذا نهايته، فالذي عليه ان يتعلم من صبر وصمود العراقيين وسعيهم مهما كلف الامر لاستعادة الامن وترسيخ الاخوة فيما بينهم.. فعلى هؤلاء الظلاميين ان يراجعوا انفسهم بعد ان طاشت سهامهم اكثر من مرة.
واخيراً، نقول للارهابيين والقتلة وللذين يحرضون على القتل ممن يرون الحق ولا يتبعونه: لا تتصوروا ان صبرنا لضعف فينا بل هو صبر الشجعان على الاذى حتى حين، فلا تتوهموا ولا تتيهوا بقوتكم.. ونؤكد مرة بعد مرة ان صبرنا لن يظل هكذا طويلاً.. ويا ويلكم من غضبة الحليم.
https://telegram.me/buratha
