( بقلم : عبد الكريم الجيزاني )
استراحة المحارب هي ليست استراحة استجمامية بقدر ما هي مراجعة للماضي وتشخيص الاخطاء التي رافقت العمل ولعلنا وفي خضم الصراع الدائر في العراق بين حكومة الوحدة الوطنية واجهزتها العسكرية والرقابية ووضع الخطط والبرامج الكفيلة بوقف نزيف الدم ووقف العمليات الارهابية والتصدي الحازم والجاد لمحاربة الفساد المالي والاداري المستشري في دوائر الدولة بعد استحواذ اعداء العراق والعراقيين من الصداميين والتكفيريين وتغلغلهم في اكثر من مركز مهم له علاقة مباشرة او غير مباشرة في اتخاذ القرار بل وحتى صنعه الامر الذي فاقم بشكل كبير في عسر المعالجة لهذا الوضع المتردي سواء في الاداء او في الاستحواذ على المال العام بطرق غير مشروعة تصل احياناً حد (السرقات المنظمة) وعدم القدرة على مساءلة مثل هذه العناصر الفاسدة بعد ان وجدت من يغطي على عيوبها وسوءآتها في مفاصل الدولة المهمة وهذا ما ادى وسيؤدي الى كوارث تعصف بكيان الدولة وعلى اكثر من صعيد.
الحكومة الوطنية العراقية قد اقسمت امام ممثلي الشعب انها سوف تعمل على محاربة الارهاب وهذا ما فعلته وتفعله الآن ولا لاحد ان يشك بقدرتها وامكاناتها في هذا المجال سوى بعض الاستثناءات القابلة للعلاج اللازم دون الحاجة الى (الكي) وهذا بفعل المراجعة التي تقوم بها الحكومة ودراسة الاخطاء وسبل معالجتها وعدم تكرارها، اما على صعيد الفساد الاداري والمالي فيبدو ان المشكلة اكثر تعقيداً واكثر خطورة اذا ما علمنا ان اغلب المفسدين هم من عناصر حزب البعث المنحل الذين يحاولون تعطيل العملية السياسية الجارية بأي شكل من الاشكال فهم يرتكبون يومياً افظع الجرائم ويستحوذون على مبالغ قد تصل الى مئات الملايين من الدولارات من المال العام وتحويلها الى وقود للعمليات الارهابية.
ازاء هذا الوضع الخطير لابد للحكومة ان تضع يدها على منابع هذا الخطر وربما يتعلق في بعض الاحيان باشخاص هم على علاقة كبيرة في اتخاذ القرارات الامر الذي يعد سبباً مباشراً في تعطيل معالجة الملف الامني.ولعل الاسوأ من كل هذا وباعتراف فخامة نائب رئيس الجمهورية الدكتور عادل عبد المهدي في لقائه مع قناة الفرات بأن تعدد مصادر القرار كان سبباً واضحاً في تأخير انجاز الحلول اللازمة للقضاء على الارهاب وعلى الفساد الاداري والمالي.
ان نجاح حكومة الوحدة الوطنية في معالجة احدى هذه الملفات لا يعني انها حققت طفرة نوعية بالشكل المطلوب. ان نجاحها وبقاءها وديمومتها يتعلق بمدى ما تنجزه هذه الحكومة على الصعيد السياسي والعسكري والاقتصادي والخدمي وغيرها من المفاصل الاساسية التي تمس حياة المواطن.ونرى ان تعدد مصادر القرار سوف يؤدي الى تعطيل أي برنامج نهضوي سواء على مستوى البناء والاعمار ام على المستوى السياسي والامني لذلك الحكومة مطالبة بوقف هذا التعدد وحصر القرارات في جهاتها الرسمية المخولة من قبل الشعب العراقي.
https://telegram.me/buratha
