( بقلم : منتصر الطائي )
الدوائر الحكومية.. إلى وقت ما لم أكن اعرف سبب تسميتها بهذا الاسم.. إلا إنني وفقت أخيرا(والحمد لله رب العالمين) لمعرفة سبب ذلك..
(فالدوائر)..جمع دائرة.. والدائرة هي خط أو مسار منحني يبدأ من نقطة وينتهي عند نفس تلك النقطة.. ومعنى ذلك أن نتيجة السير المتواصل على هذا المسار الملتوي لا ينتهي بنا إلا من حيث ابتدأنا، ولعل هذا هو المصداق الحقيقي لكل دوائر الدولة، ابتدءا من موظف الاستعلامات(قبغ الدائرة) ومرورا بمسؤولي الأقسام وانتهاء بمدير الدائرة(أعلى الله مقامه) !!.
فالمواطن المراجع لأي دائرة من دوائر الدولة يمر بسلسلة من الإجراءات الروتينية التي لا تقدم ولا تأخر شيئا بالنسبة للدائرة بينما تضر كثيرا بالمراجع المسكين المستكين الذي ليس له حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، من قبيل (انتظر ساعة) مع العلم أن المعاملة لا تحتاج إلا إلى توقيع روتيني بسيط، وهذا التوقيع لا يستحق أكثر من دقيقة واحدة من الزمن في أسوأ الاحتمالات..
أما قضية(روح وتعال باجر) فهي طامة كبرى بحد ذاتها.. فكم من مراجع اشتعل رأسه شيبا من كثرة مراجعاته إلا أن معاملته لم تنجز علما إنها لا تحتاج إلا إلى بعض الجهد البسيط في البحث والتدقيق..هذا غير الفساد الإداري المتمثل بالمحسوبية والمنسوبية(فيتامين واو !!) الذي مازال هو المعتمد في اغلب دوائر الدولة(لتمشية) أي معاملة ومهما بلغت درجة صعوبتها وعدم قانونيتها..
أما الرشوة – عفواً – اعني (الإكرامية !!) فحدث ولا حرج، فما زالت هي الآمر الناهي في كل دوائر الدولة بالرغم من انتهاء صلاحية كل دواعي بقاءها كعدم كفاية الراتب الشهري لموظفي الدولة وعدم تمكنهم من العمل في مكان آخر أبان نظام صدام المقبور..
خلاصة القول.. الدوائر الحكومية شانها شان العديد من موروثات النظام السابق التي مازالت سارية المفعول إلى يومنا هذا، ولا ادري أن كانت هذه الموروثات تحتاج إلى وقت طويل كي تنهي ترسباتها المادية والمعنوية؟! أم أن المستفيدين منها آلوا على أنفسهم أن لا يعزفوا عنها أبدا إلى قيام يوم الدين؟!..أخشى أن تستمر سمفونية الفنان(محمد حسين عبد الرحيم) الذي يقول فيها (دار يدور دوائر.. عجيبة بعض الدوائر.. ممنوع تسال سؤال.. كل يوم باجر تعال)!!.. إلى أمد لا يحيط به علما إلا الله والراسخون في علم الروتين الدوائري الحكومي..
هذا ما ستفصح عنه الأيام الآتية(على رأي الشاعر.. دع الأيام تفعل ما تشاء.. وطب نفسا إذا حل القضاء) بعد أن تنكشف الأوراق(ويصبح اللعب على المكشوف).
https://telegram.me/buratha
