المقالات

الانتفاضة الشعبانية كشفت البناء الكارتوني لنظام البعث


( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين )

بعد خمسة عشر عاما على اندلاعها ما تزال الانتفاضة الشعبانية المباركة تفسح المجال الواسع للمحللين السياسيين والمراقبين لاستنتاج الكثير من مزاياها وانجازاتها.. فهي – الانتفاضة- قد فاجأت شعوب العالم التي حاول الطاغية صدام على تنويمها على وسادة استقرار حكمه وثبات أركانه، واذا بالانتفاضة تهز هذا (الاستقرار) المزعوم هزا عنيفا وتسقط نظرية الطاغية بان العراقيين مطيعين له وقابلين لسلطانه.. وفي اقل من نصف شهر انهار البناء الكارتوني للبعث الحاكم آنذاك عندما تحررت اربع عشرة محافظة ولم يكن سلاح المنتفضين الا الايمان والاصرار على مصارعة الطاغوت..

وللمرة الالف ينتصر الدم على السيف.. ولعل المفاجأة الثانية هي الاشد هولا على صدام والاكثر اذلال له، فصدام ظل منذ عام 1968 وحتى عام 1991 (يربي) الاجيال على الولاء له والتفاني من اجله والاخلاص له قبل الاخلاص للوطن.. وظن انه صار قريبا من التأليه ! هكذا كان يعتقد صدام، فقد اطلق الكذبة وصدقها هو.. واذا بالانتفاضة المباركة تفضح زيف ما ادعى، وتهدم بناء التضليل والكذب، والاجيال التي اعدها صدام لترسيخ حكمه وصيانته، واذا بهذه الاجيال الشابة هي التي تتصدر جموع المنتفضين وهي التي تتقدم للموت ليس دفاعا عن صدام ولكن لقتله هو وتدمير نظامه، ولعل ما عرف عن صدام بعد ان وصلته اخبار الانتفاضة وما ميزها من دور كبير ومؤثر للاجيال الشابة، لعل ذلك ما سبب الغم للطاغية وتركه يلوك مرارة اوهامه، حتى يوم سقوطه في نيسان عام 2003.

اما المفاجأة الثالثة فهي حصول ما كان صدام لا يتوقعه ، وحسب الكثيرين ممن كانوا يراقبون الاوضاع آنذاك.فقد كان صدام يتوقع ان تحدث اضطرابات في شمالي العراق، وقد تتأثر بها بعض المناطق المتاخمة لكردستان الا ان ما حدث كان مذهلا لصدام وعصابته، فالانتفاضة بدأت من الارض التي كان صدام يقدر بانه قد قهر اهلها واقعدهم عن محاربته، من الارض التي اذل واجاع صدام من فيها واذا بهؤلاء المقهورين والجائعين ينتفضون، واذا بجيشه الذي اعده لمحاربة الدول العظمى يهرب امامهم ويترك سلاحه ويخلع ملابسه لينجو من غضبة ابناء علي والحسين في جنوب ووسط العراق.

ولعل المفاجأة الرابعة لصدام وعصابته الحاكمة هي ان كل ما بناه واعده واغدق عليه من اجل حمايته ونظامه من جيش وحرس جمهوري وحرس خاص وامن وشرطة ومخابرات واستخبارات.. واذا بكل هذه الاجهزة القمعية تتخلى عنه وتلوذ بالفرار قبل ان يطلق عليها المنتفضون طلقة واحدة.

كانت الانتفاضة المباركة سفرا مجيدا في تاريخ العراقيين الحديث.. وكانت صدمة قاسية لصدام وللقوى الكبرى التي عولت عليه، وكانت في نهاية الامر الصحوة الاسلامية التي هزت عرش الطاغية، والحقت به الهزيمة المنكرة. ومع انها قد اجهضت بتدبير دولي واقليمي، لكنها ظلت عصية على الانكار بأنها دقت المسمار الاخير في نعش الدكتاتورية في بلادنا.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
نصير الكيتب
2006-09-10
الف تحية وتقدير للاستاذ الكاتب الجريء الاستاذ العبيدي....انني من متابيعك منذ حوالي العشرين عاما اي منذ كتاباتك الرائعة في جريدة نداء الرافدين ...وكل كتاباتك تدل على تحملك لهموم شعبك والنهوض به نحو الافضل واخلاصك للشهداء الذين سقطوا من اجل العراق وكدت انت تكون واحد منهم لولا ان الله تعالى ارادك ان تخدم العراقيين في مجالك هذا ...وفقكم الله تعالى وايانا لخدمة العراق... امنيتي لقائك... السلام عليكم
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك