المقالات

جاسم المطير.. بساميرك (( زنجرت ))


( بقلم علي عبد الهادي )

ها هي الحرب - في لبنان - تضع أوزارها ، ليبدأ اللبنانيون في تضميد جراحهم على مختلف المستويات . لكن أن تنطلق الأصوات النشاز كصوت جاسم المطير داعيا المفكرين العرب إلى محاسبة حسن نصر الله فان في هذه الدعوة الكثير من الطرافة ، ذلك لان المطير يعتقد أنه واحد من المفكرين العرب فدعا - من على شاكلته في التفكير - إلى محاسبة السيد نصر الله .

وجاسم هذا لا شك انه يفكر ، لكنه بلا شك أيضا انه ومن على شاكلته ليسوا من المفكرين ، بداهة أن لمفهوم المفكر شروط ولوازم غير متوفرة فيه ، ويكشف عن هذا ، هذه الأحكام التي أصدرها على حزب الله ، وعلى السيد نصر الله ، وهي ليست سوى إسقاطات نفسية مشوهة ، لقد حدد بعض الأمور التي ينبغي محاسبة حزب الله عليها قال : (فحزب الله حزب تتحكم به البرجوازية الإيرانية من مهربي السلاح والمخدرات ، متحالفة مع بعض أثرياء الشيعة في لبنان)) ، وهذا أول الخطل والسفاهة ، إذ ينبغي لمن يطلق هذه الأحكام أن يثبت أن في إيران برجوازية تتلائم واشتراطات هذا المصطلح والزاماته الماركسية المنشأ ، كما يتطلب أن يكون المطيري احد أعضاء المكتب السياسي لحزب الله ليعرف تفاصيل العلاقة الاستراتيجية وطبيعتها بين حزب الله والبرجوازية الإيرانية المهربة للمخدرات ، ولا أظن انه يدعي لنفسه شرف العضوية ، وإذن كيف أصدر حكمه هذا الذي تقدم ، نعم أصدره لان هناك من أصدر هذا الحكم من أعداء حزب الله في لبنان وغيرها ، ورددها المطيري تماما على قاعدة (( بال حمار فأبال أحمرة ))) .

وليتني ادري كيف علم المطيري أن الله لا يرضى أن يضع ((حسن نصر الله بندقية كلاشنكوف تحيط باسم الله تعالى )) فهل هو نبي جديد ظهر اليوم لم نسمع به قبل يوم الناس . نعم يمكن تصحيح فتوى المطير على طريقة القول الشعبي ( ( حرام الله ما يرضه هجي تسوي )) ، وأين هذا من طريقة تفكير المفكرين .

ثم اكتشف صاحب المسامير ما لم يكتشفه كوادر حزب الله ، لقد كشف المطير عن إنهم – أي كوادر وأنصار ومقاتلي حزب الله - ((لم يدركوا إلا اليوم أن زعيمهم حسن نصر الله أراد أن يضيع شبابه في حب الزعامة والقتال ليصبح زعيما للأمة الإسلامية حالما أن يكون أسمه في الصحافة والفضائيات هازا بازا لأمريكا ويدها الضاربة إسرائيل .. حالما ً أن يكون بديلا للخميني رحمة الله على روحه وبديلا لجمال عبد الناصر أو حتى بديلا للمخلوع صدام حسين)) ، إن هذا الاكتشاف ليثير الضحك والشفقة على صاحب المسامير(( المزنجرة التعبانة التي لا تؤثر حتى في الخشب المعثوث )) ، لقد غفل صاحب المسامير عن حقيقة في منتهى الوضوح هي إن منظومة القيم والأفكار التي أنتجت السيد نصر الله تتعارض وتتقاطع مع تلك التي أنتجت ناصر وصدام واضربهم من رموز القومية أو ادعيائها ، لقد نسي أن نصر الله قدم ابنه السيد هادي شهيدا في عمليات تحرير الجنوب ، وحسبنا هذا التفاوت بين المنظومتين ، لنعرف أن السيد نصر الله ليس بطامع بزعامة أو شهرة أو باحث عن أضواء الفضائيات وان كان يستحق الزعامة عن جدارة كاملة .

ثم إن صاحب المسامير لا ينسى طريقة (( اللطامة في التعبير عن حزنهم )) قال : ((آلاف الأطفال فقدوا آباءهم وأمهاتهم ، صار لبنان بلد بلا جسور ، بلا موانئ ، بلا مطارات ، بلا مستشفيات بلا وقود ، بلا أغذية ، بلا ماء ، بلا دواء)) لكنه- والحمد لله - لم يقل إنهم قد أصبحوا أذلة خاسئين تلعب بهم الدولة العبرية كيفما تشاء وترغب . ويبدو أن رئيس الدفاع الإسرائيلي السابق موفاز لم يلتفت إلى نتائج الدمار الهائل في لبنان عند تقييمة لنتائجها ربما لغبائه المفرط حين قال ( ( علينا أن نعترف بان إسرائيل انهزمت )) ، أو ربما إن مفهوم النصر عنده يختلف عن ذلك الذي عند المفكرين الذين دعاهم صاحب المسامير لمحاسبة السيد نصر الله . ويبدو لي إن بعض المفكرين المطيريين لا زالوا يعتقدون إن المنتصر هو الذي يحقق اكبر مستوى من التدمير في الحرب ، تماما على طريقة (( عركة الشقاوات يا هو إلي يبسط أكثر هو الفائز )) ، ولان الدولة العبرية حققت مستوى اكبر من الدمار فهي المنتصرة ، وحزب الله مهزوم شر هزيمة ، بحيث يستوجب الأمر في نظر صاحب المسامير أن يستقيل السيد نصر الله ، بل ويختفي في قم !!! وليس في غيرها من ارض الله الواسعة ، لكننا سمعنا وقراءنا غير هذا الذي يقوله صاحب المسامير (( المزنجرة )) ، لقد سمعنا القادة الوطنيين في لبنان كما في تصريحات الكثيرين منهم إنهم يعتبرون أن حزب الله قد خرج منتصرا في هذه الحرب اللعينة !!! أترى إنهم لا يفهمون الأمور كما يفهمها عقلاء الناس ؟؟!!. هذا سؤال نوجهه إلى المفكرين الذين سيستجبون – إن وجد من يستجيب – لدعوة صاحب المسامير(( المزنجرة )) .

علي عبد الهادي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
sami
2006-08-17
من هذا ... فهذا نتاج القومجيه العروبيه فلقد علمتهم هذه الايدلوجيه البريطانية الصنع شيء واحد هو الانبطاح... من انت حتى تحاسب من اعاد للعرب شرفهم وجعل العالم يعرف ان بين العرب هنالك رجال بعد ان كان الغرب يعتقد ان بلاد العرب ليسوا سوى نسوان فلعنة الله على كل من يعادي السيد حسن نصر الله
هاشم
2006-08-15
ليس غريبا على جاسم المطير وعلى امثاله ممن لا بفقهون الاحداث الا بزاوية ايدلوجيتهم المادية المنهارة ان يلقي بالتهم جزافا وسلمت يا علي عبد الهادي على ردك الرائع
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك