المقالات

مستقبل العراق بين الحكم المركزي واللامركزي


( بقلم : د . نزار كامل الحلي )

تسعى الدول بطبيعة الحال دائما الى تطوير امكاناتها وطاقاتها المادية والحيوية فضلا عن استراتيجيتها السياسية والاجتماعية من خلال ايجاد نظام اداري يقوم من شانه بوضع الاليات المناسبة والتي على أساسها يكون طبيعة الحكم في البلد وهذا يكون من خلال استفادة تلك البلدان من التجارب التي تتبناها دول اخرى في استحداث انظمة جديدة للحكم , فلو سلطنا الضوء على طبيعة النظام الاداري الذي حكم به العراق طيلة فترة الثلاث عقود الماضية وكيف كانت الحكومة المركزية هي التي بيدها زمام امور جميع انحاء العراق وما نتج عنها من اضطرابات سياسية واقتصادية دمرت العراق طيلة تلك الفترة بسبب طبيعة الحكم المركزي الذي يعتمد على السلطة الفئوية التي تتحكم بالعراق من الناحية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وباقي المجالات الاخرى مما ادى الى تسلط فئة معينة على جميع مقدرات الشعب من شماله الى جنوبه وابعد الكثير من المصطلحات الديمقراطية عن اجوائه من مبدا الشراكة وتقاسم السلطات وانتهى به المطاف الى ان اصبح ارضية لحملة الفكر الدكتاتوري .

بعد التغيير الديمقراطي للنظام السياسي في العراق تم تشكيل حكومة عراقية منتخبة من قبل الشعب العراقي وفق قانون الانتخابات وبعدها مرحلة كتابة الدستور العراقي وكانت من بين الفقرات البارزة في الدستور هي ان العراق بلد فيدرالي اتحادي تعددي وهذه الفقرة فتحت افاق واسعة للعراق حيث ساهمت في تشريع نظام تعددي يعتمد عليه في ادارة العراق ضمن معايير نصها نظام الحكومة اللامركزية والحكم التعددي ليس وليد العهد وانما تعود نشاته الى بداية نشر الدين الاسلامي وكيف كان طبيعة الحكم انذاك وعلى شكل ولايات مثل ولاية مصر والشام والعراق وكل واحدة من هذه الولايات يحكمها والي وهذه الولايات جميعها تشرف عليها حكومة مركزية .

اما في الوقت الحاضر امامنا تجارب عديدة بهذا الصدد في دول العالم وتوجد اكثر من 25 دولة تمارس الحكم التعددي ومعظم الدول التي تتمتع بحكومة لا مركزية هي من الدول المتقدمة والقوية مثل الولايات المتحدة الامريكية وسويسرا وكندا وبلجيكيا والهند .. والخ من الدول الاخرى فنجد هذه الدول تدار بنظام تعددي وولاياتها التي تشرف عليها حكومات محلية تشهد تقاسم السلطات وليس كما كان العراق عليه في السابق .واذا اردنا التطرق الى سلبيات النظام المركزي والذي كان سببا رئيسيا بتجسيد الفئوية البغيضة نجدها كثيرة منها ابتعاد الحكومة عن واقع المشاكل والمعوقات التي يواجهها المجتمع وعلى مختلف المستويات مما يسبب عرقلة وبطء في ايجاد الحلول المناسبة لمعالجة تلك المشكلات كما لاحظناه في الوقت الحالي في العراق فان المشاريع الاقتصادية والعمرانية التي تخصص من قبل الحكومة المركزية وصرف اموال طائلة لها ولكن الشيء الذي يحصل ان هذه المشاريع تمر بعدة تعقيدات وتسيطر عليها الشركات وربما يصل الامر انها تصبح سلعة تباع وتشترى بين الشركات الى ان تصل الى موقع المشروع ولم يبقى الشيء القليل من المبلغ الرئيسي المخصص وهذا بدوره يقلل من جودة العمل وسينعكس سلبا على الاداء . اما هذا الامر في ظل الحكومات اللامركزية فلا نجد له أي اثر لان الحكومة المحلية ستكون على محك مع الواقع وتشخيص المشاكل والمعوقات وسرعان ما تجد الحلول المناسبة لاتخاذ القرار بشانها ولا توجد هناك أي سلسة من الاجراءات التي تودي الى تقليل حجم المبالغ المادية التي تخصص في المجالات العمرانية والاقتصادية وغيرها .

اما من ناحية تقاسم السلطات فان الحكم اللامركزي سيمنح للحكومة المحلية صلاحية السلطات الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية مما يسهم كثيرا في تقويتها والسيطرة التامة على مفاصل مناطقها واحتواء جميع الازمات التي تصادفها . والانتقال الى مرحلة اخرى وهي مرحلة دولة المؤسسات التي تعتبر تجسيدا للديمقراطية ومبدا الشراكة بين مكونات الشعب . ويبقى دور الحكومة الاتحادية المهم جدا هو تحديد سياسات البلد الخارجية وحفظ امن الدولة وتقسيم الميزانية والاشراف على اداء الحكومات المحلية .

د . نزار كامل الحلي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك