المقالات

العراق مابين الكان واليكون كتاب في حلقات – 13


( بقلم : مـــحـــمـــد حـــســـيـــن )

بعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى بإنكسار المانيا وإنسحاب روسيا منها وإقتسام غنائم الحرب بين بريطانيا وفرنسا ، كـان العراق من حصة بريطانيا حسب إتفاقية سايكس بيكو . فقامت القوات البريطانية بإحتلال بغداد سنة 1917 وتولى السلطة فيها العسكريون وبعدها تحول العراق كتابع للإدارة البريطانية في الهند .

لقد قاوم العراقيون الاحتلال الإنجليزي بمعية القوات العثمانية ، كما كانت العشائروبقيادة علماء النجف الاشرف اليد المساعدة للجيش العثماني ضد الانجليز ، ولكن بعد إنكسار الجيش العثماني وسيطرة بريطانيا الكامل على العراق لم تستقر الأوضاع السياسية في البلد ، فاستمرت مقاومة الحكم الانجليزي المباشر ، فكانت ثورة العشرين الخالدة بقيادة علماء كربلاء المقدسة والنجف الاشرف والكاظمية .

ولكن الدهاء الانجليزي الى جانب القوة العسكرية الغير متكافئة تمكنا من تهدئة الاوضاع وذلك بالاستعانة بعملاء بريطانيا من أهل البلاد المتعاونين مع الاستعمار ، وقد كانوا على أكثر من مستوى فمنهم الافندية وبعض شيوخ العشائرفهيـَّؤا لهم اسباب الثراء والرفاه المادي ، ثم وسـَّعوا دائرة هذه الطبقة بإيجاد طراز من الاهداف يسعى اليها من يشاء من المتعلمين والقادرين على القيام بمهام وأعمال وظائف الدولة العليا بحيث تتلائم هذه الاهداف مع الخط والمنهج العام للسياسة الاستعمارية في العراق .

فتركت مصالح الناس في فوضى عارمة وأصبح الاهتمام فقط بكيفية نقل المواد الخام وكل ماله صلة بإستيراد السلع ، وتم تنظيمهما تنظيما جيدا ، فميناء البصرةوخطوط السكك الحديدية وقطاراتها وانابيب نقل النفط ومحطات ضخه وكافة البنـوك وباقي المؤسسات الحيوية في البلاد نظمت بالشكل الذي يفي أغراضالنهب الأستعماري .

الى جانب ذلك قاموا بتنظيم المؤسسات التي لها علاقة قوية بتثبيت النفوذ الاستعماري ، كدوائر الأستخبارات العسكرية ، وشرطة الأمـن ، وكل ماهو يساعد في مراقبة تحركات المفكرين و السياسيين بمختلف مشاربهم في العراق ، مقابل ذلك فقد وضعت دور الثقافة والمحاكم وباقي دوائر الخدمات الأخرى بكيفية معرقلة ومعيقة لمصالح الناس .

وقام المستعمر على تعميق وتوسيع الانقسامات المذهبية والعرقية والعشائرية والدينية بشكل عام ، وأوجد ظواهر التفرقة الجديدة بين الضابط والجندي ، وبين المعلم والأمـّي ، تطبيقا لسياسة فـرِّق تـسـد .

كما خطى المستعمر لتغذية الفوارق بين الشعب الواحد فأتخذت عدة مفاهيم للتمييز الطبقي كأمر مسلم به وقانوني بالشكل المطروح عليهم ، وبواسطة تلك المفاهيم الاستعمارية تمكنوا من إخظاع الأشخاص لأشخاص آخرين بإظهار الفوارق بينهم .

فإتسعت الفجوة بين المتعلم والأمـّي ، فالمتعلم أو ذو الدرجة الجامعية الرفيعة يستعلى على الانسان العامي ، فأتخذ الاستعلاء والتكبر هذا شكلا نظاميا ، فأوجدوا فجوة نفسية واسعة ومخيفة في العلاقات بين الضابط العسكري مثلا والجندي أو بين ضابط الشرطة والشرطي العادي ، فأصبح استقبال الجندي والشرطي لهذا التمييز أمرا عاديا ومُسَـلـَّمٌ به ، وأصبح عرفا من الأعرافآنـذاك .

وهكذا لعب المستعمر بأوتار المشاعر المذهبية والدينية والعرقية ، فازاد الانقسام بين العراقيين ، سنة وشيعة وعرب و تركمان و كرد ، كما نمت مشاعر الانفصال لدى الآشوريين .

والكل يعلم أساليب المستعمر الخبيثة في هذا المجال وانهم يستخدمونها أينما حلـّوا، وعليه بقت آثار اللعبة الاستعمارية في العراق يتوارثها السياسيون العملاء عهدا بعد عهد ، حتى تركزت آثارها وأصبحت تقليدا من تقاليد الحكم المحلي للبـلاد .

يتـــبــع ..... /

مـــحـــمـــد حـــســـيـــن .

مدير مركز الإعلام العراقي – سيدني

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك