( بقلم : د. نزار كامل الحلي )
يحظى مبدأ الشراكة في مفهوم الديمقراطية التي سايرت العملية التغيرية في العراق منذ البداية بمكانة مرموقة وحيزا واسعا لما له من اهمية بالغة في توظيف متبنيات العملية الديمقراطية على ارض الواقع من جهة, وعدم الغاء الراي الاخر من جهة اخرى , وهذا بدوره يبدد النظرة الشمولية القائمة على اساس الكثرة والاغلبية 0السياسة التغيرية الديمقراطية التي القت بظلالها على جميع اطياف ومكونات الشعب ولدت لدى الساسة والحكومة العراقية انطباع الوقوف على مسافة واحد من جميع الاطراف سواء كانت تلك الاطراف تشكل اغلبية او اقلية على حد سواء , ليسهم ذلك في الحفاظ على الاقليات الدينية وضمان حقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتمكينهم من ممارسة حياتهم الطبيعة في بلدهم الذي هم شركاء حقيقيون فيه .
لكن ما حصل هو ان ثقافة التغيير والنهج الديمقراطي لم ينال جزءا كبيرا من بعض الاطراف التي لاتفقه سوى سياسة الارهاب وتهميش الاخر, حيث شهدت مدينة الموصل خلال هذه الفترة عمليات اضطهاد وتهجير وقتل بحق الطائفة المسيحية التي طالما عاشت حياتها بمنأى عن الاقتتال والخلافات والاحتقان الطائفي سعيا منها للعيش تحت مظلة الامن والسلام وايمانا منها بالواقع العراقي الجديد, هذا القتل والتهجير الذي مورس بحقهم لا يتاقلم وقيم التعايش الانساني التي عززتها اولويات السياسة الجديدة في العراق حيث فوجئ المسيحيون في بادئ الامر بقضية لم تعد مالوفة بالنسبة لهم الا وهي "الجزية" وهي ان يدفوا مبالغ من الاموال لقاء شراء حريتهم والتعايش في مناطقهم لمجاميع ارتدت ثوب الاسلام زورا لتنال به حرية الاديان الاخرى تحت ذرائع ومبررات ما انزل الله بها من سلطان .
اذا ما اردنا تسليط الاضواء على قضية اضطهاد الاقليات الدينية من قبيل القتل والتهجير والتجاوز على حريات الاخرين تحت أي مبرر فحري بنا ان نقف بنفس المسافة مع الاديان الاخرى التي لاقت نفس المعاناة من القتل والتهجير في معظم مناطق العراق وبالتحديد في مدينة الموصل حيث هجرت الاف العوائل الشيعية وقتل المئات منهم امام مرائ ومسمع القوات الامنية وعلم ودراية الحكومة المحلية وتحت صمت اعلامي لم يحرك ساكن ولم يلاحظ تدخل المنضمات الانسانية ومنظمات الاغاثة الدولية ولم تستنكر الدول العربية حيال ممارسات الارهاب العداونية ولدوافع طائفية, في حين ان الشيعة في تلك المدينة لم تكن من الاقليات الدينية كما هو الحال في الطائفة المسيحية كي تنال ما نالته من الزمر الارهابية التي تدعمها جهات اقليمية ودولية لتحقيق ماربها فمثل هذه الظاهرة لا يمكن المرور عليها مرور الكرام فيجب بذل المساعي للحيلولة دون توسعة دائرتها وما رأيناه من دور ريادي للمرجعية الدينية والمرجعية السياسية في مؤازرة الاقليات والوقوف معها سيساهم كثيرا في الحد من هكذا حالات لا تنجب للعراق الا الدمار والقطيعة.
https://telegram.me/buratha