( بقلم : د. نزار كامل الحلي )
اخذت الاتفاقية الامنية في هذه الايام حيزا واسعا من النقاش في الاوساط السياسية والثقافية , وتضاربت الاراء والرؤى بشانها بين مؤيد ومعارض ولاسيما وان الحكومة العراقية هي المعنية بالدرجة الاولى في الخوض في خضم ذلك الامر كطرف رسمي مع مراعاة العوامل المحيطة بها , من الحالة الغير مالوفه بالنسبة لها في التعامل مع هكذا اتفاقيات لا يستهان بها من جهة , والخبرة العالية والتجربة الطويلة في الخوض في مثل تلك الاتفاقيات للجانب الامريكي من جهة اخرى .
الاتفاقية الامنية كمفهوم استراتيجي هي ايجاد نظام ايدلوجي يتيح للطرفين وضع اسس رصينة ومتوازنة يسهل من خلالها التعامل بين العراق والولايات المتحدة الامريكية على ارض العراق وفق البنود الموضوعة من قبل الطرفين المتفاوضين وعلى غرار البروتوكولات والاتفاقيات العالمية التي عقدت بين الدول وعلى وجه التحديد الدول التي مرت بنفس التجربة مثل الولايات المتحدة الامريكية واليابان والولايات المتحدة والمانية, مع اختلاف حيثياتها وفقراتها كل حسب الحالة التي تقتضي وضع البنود بما يتجارى مع النظام السياسي والديمقراطي للبلد, وعلى هذا الاساس يتم وضع صيغة توافقية بين الطرفين للحد من قضية عسكرة دولة على ارض دولة اخرى تحت عنوان الاحتلال وما يتبعه من اثار اخرى , وحلحلة القضايا العالقة والشائكة التي تؤدي بدورها الى نزع السيادة الكاملة من العراق على اثر وجود نفوذ قوات الولايات المتحدة على واقع ارضه .
ما تناولته وسائل الاعلام من هنا وهناك من عرض بنود الاتفاقية واتبعتها من اثارات تلوح بها الاشكال عليها من خلال بعض التصريحات تارة تكون من اعلاميين واخرى من ساسة عراقيين لهم موضع قدم في الحكومة وقد لجأ بعضهم الى استخدام رأيه في الرفض ورقة ليكسب بها ود الاطراف التي ترغب بذلك وعمد الى انتهاج الرفض المطلق تاركا خلفه جميع البنود التي تنجي الشعب العراقي من المأزق الذي هو فيه!! .. هذا الامر مغلوط عقلا ً لان ما لا يدرك كله لا يترك جله 00!
اما الصنف الاخر من هو موافق على الاتفاقية جملة ً وتفصيلا في ظل اجواء يظنها شفافة ونرجسية ولم يضع الفقرات والبنود التي تحتاج الى تعديل بنظر الاعتبار وكانه شيء لم يكن
اما الصنف الاخر فهو التزم الصمت ولم يصدر منه اي تصريح يكشف عن رايه حيال الاتفاقية فانقسم المحللون في تفسير ذلك الصمت الى قسمين منهم من يعبر عنه بـ "السكوت علامة الرضا" فهو كالذي سبقه بالقبول , ومنهم من يحلل الصمت على انه حالة ناتجة من التازم النفسي وعدم الاطمئنان و الشعور بعدم وضوح الاتفاقية وهذا ناتج من قلة الدراية والخبرة والجراة السياسية لقول كلمة الفصل.كما التعامل مع الاتفاقية الامنية والتعاطي مع مفرداتها لا يجابه بالرفض المطلق والقبول المطلق وموقف الصمت كما رايناه لدى بعض الاطراف لانها تحتوي على عدد كبير من البنود منها ماهو يخدم المصلحة العامة ومنها عكس ذلك , وانما التعامل الذي ينم عن وعي ودراية بالامور السياسية الاستراتيجية يكون مبني على تسليط الضوء على ما هو صالح من البنود لكي يتم الموافقة عليه بشكل طبيعي وتشخيص ما هو غير ملائم لطبيعة البلد السياسية لكي تتم المطالبة بتعديله واعاد النظر تجاهه كما رأينا بعض الكتل السياسية مثل المجلس الاعلى الذي طالب مراراً بعدم رفض الاتفاقية بشكل قطعي من جهة وتعديل بعض البنود التي يرى بانها غير صالحة ولا تخدم مصالح الشعب العراقي من جهة اخرى.
https://telegram.me/buratha