( بقلم : كفاح الحسيني )
كثر الحديث وإحتدم الجدل في الأسابيع والأيام الأخيرة عن الإتفاقية المزمع توقيعها بين العراق وأمريكا ، وسائل الإعلام بمختلف مشاربها وتوجهاتها أدخلت القضية كعادتها في صخبها الإعلامي ،القوى السياسية بمختلف أطيافها أخذت تدلو بدلوها بين مؤيد ورافض ومتحفظ على المسّودة ا الأخيرة للإتفاقية التي وضعها دولة رئيس الوزراء على طاولة البحث والنقاش في أروقة المجلس السياسي للأمن الوطني بعد أن تداول بشأنها مع المرجعية الدينية في النجف الأشرف .المواقف والأصوات الرافضة لهذه الإتفاقية بنت مواقفها على مجّرد تسريبات وتوقّعات في ظل عدم جهوزية الصيغة النهائية التي تزال موضع نقاش داخل أروقة مؤسسات الدولة والقيادات السياسية .
الرافضون لتوقيع هذه الإتفاقية أدخلوا القضية في بورصة الشعارات والمزايدة على وطنية الآخرين في وقت لم تستنفذ فيه بعد كل الأطر والقنوات القانونية التي يجب أن تمّر عبرها الإتفاقية لتحضى بالقبول والمصادقة أو الرفض . لا أدري لما هذا التسّرع والإستعجال من قبل الرافضين أليس من المفروض التروّي والإنتظار حتى تصل الإتفاقية الى مجلس النوّاب العراقي لتتم قراءتها ومناقشتها على مرأى ومسامع الشعب العراقي ليكون على بيّنة من أمره وهو صاحب الكلمة الفصل سّيما وإن هنالك توجه ومطالبة بأن تعرض على الشعب العراقي للإستفتاء حتى لو صادق عليها البرلمان.
هل وصل بنا الأمر للطعن والتشكيك بوطنية أعضاء مجلس النواب والمزايدة عليهم وهم أعضاء إنتخبهم الشعب وأئتمنهم على حاضره ومستقبله ، هل سيجرأ مجلس النواب على تمرير الإتفاقية إذا كانت مجحفة للعراق وفيها ما ينتهك سيادته الوطنية ؟ ألم يكن موقف المرجع السيد علي السيستاني واضحا ومحددا عندما زاره وتباحث معه رئيس الوزراء فأوكل الأمر لمجلس النواب بإعتباره السلطة والمؤسسة التشريعية في البلاد والممثل المباشر لأبناء الشعب العراقي .
إنني أعتقد بأن على الحكومة العراقية والقوى السياسية الوطنية المخلصة والحريصة على العراق حاضره ومستقبله بذل المزيد من الجهد لمخاطبة الشارع العراقي وطمأنته بأن لا أحد مستعد من بينها أن يوّقع على إتفاقية تنتهك فيها حقوق العراقيين وينتقص فيها من سيادة بلدهم وتسلب من خلالها إرادتهم .
الأمر لايزال ضبابي ولم يكشف النقاب عن الكثير من بنود هذه الإتفاقية بل لم يتم الحديث عن المنافع والفوائد ، الأضرار والتداعيات التي سيجنيها ويتحمّلها العراق من هذه الإتفاقية في حال إبرامها ، لأن أية إتفاقية متوازنة تقوم بألأساس على تبادل المنافع والمصالح بين طرفي الإتفاق .
إن آلية التواصل المباشر مع الشعب العراقي ومنحه فرصة التعبير عن رأيه بشأن هكذا قضية مصيرية تشكل ضمانة أساسية وصمام أمان للجميع وإذا ما حصل الإجماع الوطني على إبرام هكذا إتفاقية ، عندها يجب إحترام هذا الخيار الوطني للأغلبية كما يجب إحترام وجهة نظر الرافضين ومنحهم الفرصة للتعبير عن رأيهم بشكل حضاري وبحرّية تامة بعيدا عن صخب الشعارات والحماس المفرط والتوظيّف المسيء للأخرين والتيل من سمعتهم والطعن بمصداقيتهم .
أما إذا لم تحضى الإتفاقية بقبول العراقيين فالكل مطالبون وعبر حوار وطنّي صادق وبنّاء بالبحث عن السبل الكفيلة لإنهاء تواجد القوات الأجنبية على أراضينا وإخراج العراق من البند السابع وإعادة سيادته الوطنية وسيطرته على أمواله ، فالوقت ليس وقت المزايدات والتسقيط والتخوين ، إنما وقت تدعيم الجبهة الداخلية ، تعزيز سبل التعايش والعيش المشترك بيك كافة مكونات الشعب العراقي ، وقت البحث عن مصالح البلاد والعباد بعيدا عن إدخال الأمر في حسابات ومصالح إقليمية ودولية فهذا الشأن هو شأن عراقي أولا وثانيا وثالثا لأن مصلحة العراق وشعبه فوق كل المصالح والإعتبارات .
ثقتنا كبيرة وعالية بمرجعياتنا الدينية ( صمام الأمان )و بالوطنيين المخلصين من قياداتنا وقوانا السياسية التي تعمل على بناء العراق الجديد العراق الحر المستقل العادل القوي بشعبه ودستوره ومؤسساته .
كفاح الحسينيصحفي وإعلامي عراقي - هولندا
https://telegram.me/buratha