الاخبار الاقتصادية العالمية تتحدث عن الاحتياطي الذي تملكه حكومة أي بلد من الذهب والدولار ، وتسعى كل حكومات العالم على تخزين اكبر كمية من الذهب كاحتياطي حتى تحافظ على قوة الشراء لديها ، وتعتبر امريكا الدولة الاولى في العالم في احتياطها من الذهب .
عندما بعث رسول الله صلى الله عليه واله بالنبوة وبدا بتنظيم حياة المجتمع الجاهلي بعد امرهم بتوحيد الله عز وجل وعبادته ، كان الشان الاقتصادي من اهم الامور التي وضعت رسالة السماء لها احكامها من اجل توزيع الثروة والقضاء على الفقر .
الزكاة هذا التشريع المهم الذي تعتمد عليه الحكومة الاسلامية في ديمومة الحركة الاقتصادية للامة ، وحكم الزكاة في الاسلام اختلف عن ما هو عليه الحال اليوم ، لان الاموال التي يجب عليها الزكاة هي الابل والاغنام والعملة النقدية الذهبية والفضية والغلات الاربعة ( الحنطة ،الشعير ،التمر والزبيب )، وفق نسب حددها الشارع المقدس ـ حد النصاب ـ .
اريد تسليط الضوء على الغلات الاربعة وتحديدا الحنطة ( رغيف الخبز ) ، التي اصبحت على الهامش في قياس قوة اقتصاد أي حكومة ، بينما واقعا تعتبر الحنطة هي الذهب الحقيقي ولو عدنا بالتاريخ الى الازمات الاقتصادية التي مرت على بلدان العالم وحتى قبل الاسلام يبقى الرغيف سيد الموقف .
قصة النبي يوسف عليه السلام اصبحت مشهورة ومعروفة وتسليط الضوء على تعامل اخوته معه وكيف تغير حاله الى افضل حال ، لكن المهم في هذه القصة حقيقة وتستحق تسليط الضوء ، عندما طلب ان يكون مؤتمنا على خزائن الارض ( وزير المال والاقتصاد ) ، ولانه نبي تنبأ من خلال طيف الملك ما سيحدث وبمعجزة من الله عز وجل حدث ما قاله يوسف عليه السلام لاجل غاية مهمة ، وهي عندما جعل على خزائن الارض عمل ايام الجفاف والعجاف على تخزين الحنطة لاجل السنة التي يغاث بها الناس ، الحنطة فقط ولم يخزن غيرها ، وبحكمته تمكن من قيادة سفينة الاقتصاد وسط امواج المحنة الى بر الامان .
المحنة التي مر بها قوم يوسف ليست من الضرورة ان تكون موسم جفاف ، بل حروب ، اوبئة ، فيضانات ، مؤامرة حكومة تتبع الحصار على بلد اخر ، وهذه كلها تستوجب وضع خطة اقتصادية لمنع وقوع الكارثة ، وتبقى الحنطة سيدة الموقف ، هذا لا يعني الاستغناء عن بقية ضروريات الحياة ، بل الاهمية للحنطة ، فلو خيرت الجائع بين قطعة رغيف وقطعة ذهب فانه سيختار الرغيف .
وعليه تاتي اهمية الغلات الاربعة التي حددها الشارع الاسلامي في وجوب الزكاة مع تحقق النصاب الشرعي يتبين ان الحنطة هي راس مال أي حكومة تريد ان تحافظ على قوت شعبها ، لذا تجد اغلب بلدان العالم تدعم سعر الرغيف من اجل الفقير الا الحكومات الراسمالية التي لا يعنيها الفقير .
ونستشهد اليوم بالاقتصاد الايراني الذي عمل على توفير احتياطي غذائي يسد حاجة البلد دون الحاجة الى الاستيراد ، وهاهي لا زالت بعد سنوات العجاف التي فرضتها الادارات الامريكية المتعاقبة لازالت في قوتها الاقتصادية في الحفاظ على توفير المتطلبات الاساسية .
نعم قيمة العملة تتغير لكن ما فائدتها لو فقد رغيف الخبز او ارتفع سعره بشكل جنوني ؟
طبعا الاحتياطي من الذهب والعملة هو بديل للمسكوكات الذهبية والفضية في الاسلام يعني ليست البديل الشرعي لكن البديل من حيث الاعتماد عليها في تقوية اقتصاد البلد .
كل الحكومات الاسلامية منذ البعثة وحتى سقوط الدولة العباسية كانت الزكاة هي العصب الرئيسي في جمع الاموال من المسلمين من اجل بقاء الخليفة على العرش ـ طبعا بعيدا عن تصرفهم السيء في تبذير اموال المسلمين على ملذاتهم وعسكرهم وغلمانهم ـ .
ننتهي بنتيجة ان الرغيف هو اهم مادة يجب توفرها عند الظروف العصيبة مهما كانت ، ونتذكر ايام كورونا كيف قامت المنظمات الدينية والاهلية على توزيع السلال الغذائية على العوائل المتعففة وحتى غير المتعففة التي يصعب عليها الحصول على الغذاء .
في امريكا تعمل على المحافظة على اسعار الحنطة والرز بحيث لو اصبح العرض اكثر من الطلب تقوم برمي الزيادة في البحار بدلا من تصديرها للدول الفقيرة .
https://telegram.me/buratha

