في هذا اليوم: 8 ديسمبر 2024، طُويتْ صفحةُ بشّار الأسدِ وعهده، لتدخل سوريـّة مرحلةً جديدةً مليئةً بالتحديات والمنعطفات الحادّة التي أفرزتها تراكمات الصراع في المنطقة بين محوري المقاومة والتطبيع، بالإضافة إلى التدخُّلات الدولية.
وفي ظلِّ ذلك، يبقى تحقيق الاستقرار السياسيّ والأمنيّ في سوريا عبر تشكيل حكومة متجانسة خياراً قائماً، لكنه يصطدمُ بعقباتٍ دوليةٍ وإقليميةٍ، بينما يلوح شبح المجهول كخيار آخر.
الولايات المتحدة تواصل السعي لتحقيق مصالحها المرتبطة بالكيان الصهيوني، في حين تنسجم دول الخليج مع هذه الأجندات في بعض النقاط، وتختلف في أخرى، خاصَّة فيما يتعلَّق بمستقبل سوريـَّة السياسيّ. أمّا روسيا، فلا يمكنها الانسحاب من المشهد السوريّ أو البقاء فيه إلّا بما يضمن مصالحها الاستراتيجية.
وأمّا تركيا فقد وجدت في المرحلة الراهنة فرصةً سانحةً لتنفيذ العديد من أجنداتها ذات الطابع الإخوانيّ.
بناءً على هذه المعطيات، يتحدد مستقبل العلاقات بين العراق وسوريـّة، ومدى تأثير الأحداث السوريـّة على العراق، إيجاباً وسلباً، وفق مجموعة من العوامل والقضايا المحورية.
1. إذا تأسست حكومةٌ سوريـّةٌ مستقلَّةٌ تنطلق من مصلحة سوريـّة، وتؤمن بالعلاقات الدولية والإقليمية وفق قاعدة المصالح المتكافئة، بعيداً عن أيِّ تأثيرٍ، أو إملاء خارجيٍّ، فإنّ مثل هذا المسار سيتركُ أثراً إيجابياً وفعَّالاً على العراق، والعكس صحيح.
2. في حال تمكّنَ دولُ الجوار المؤثِّرة إقليمياً من توجيه سوريـَّة نحو بر الأمان، وخلق دور إيجابيٍّ لها في المنطقة كبلدٍ عربيٍّ مستقرٍّ بعيداً عن الصراعات الداخلية والإقليمية، مع مواجهة النزعة التكفيرية واحترام المعادلات الحاكمة، فإنَّ ذلك سينعكس خيراً على العراق. ومن غير الممكن إقصاء العراق وإيران من أيِّ حوارٍ يهدفُ لرسم مستقبل سوريـّة كدولةٍ جارة تشترك مع العراق في العديد من الروابط الجغرافية والدينية والاقتصادية.
3. إذا سعت الولايات المتحدة والكيان الصهيوني إلى تحويل سوريـّة إلى بؤرةٍ للنزاع الداخليّ والإقليمي، واستغلالها كمنطلق لتنفيذ مشروع خطيرٍ يخدم مصالح الكيان الصهيونيّ تحت غطاء طائفيّ، فإنّ هذا السيناريو لن يقتصر على سوريـّة وحدها، بل سيمتدُّ ليمسَّ الجوار، خاصَّة العراق.
الشعب السوريّ يتحمل مسؤولية بناء مصيره وترسيخ عملية سياسية تحقق له السلام والاستقرار، مع ضرورة إبعاد شبح الحروب الداخلية والخارجية. كما يتعيّن أنْ لا تكون سوريـّة منفذاً للإرهاب يهدد الجوار العراقيّ،
وألّا سيتحوّل مستقبلها السياسيّ والجغرافيّ إلى أداة بيد الكيان الصهيونيّ لتنفيذ مخططاته. كذلك، تتحمّل شعوب المنطقة دوراً كبيراً في بناء عمليةٍ سياسيةٍ قائمةٍ على علاقاتٍ خارجيةٍ متوازنةٍ.
أمّا العراق، فهو الأكثر حرصاً على أنْ لا تكون سوريـّة ساحةً للخلافات أو الأيديولوجيات الخطيرة، أو أنْ تقع تحت سيطرة المتطرّفين والعملاء لصالح الكيان الصهيوني.
في ظلّ هذه التقاطعات والتحديات الحادّة التي تواجه سوريـّة، فإنّ الانتقال بها إلى عهد جديد يتطلّب إرادةً وطنيةً صادقةً، تراعي المصالح الداخلية والخارجية لبلدٍ أنهكته الحروبُ والفقرُ. لذا، يجب على القيادات السياسية السورية تبنّي حوارٍ جادٍّ بين جميع الأطراف للوصول إلى عمليةٍ سياسيةٍ تضمن الوفاق الوطنيّ، وسياسةٍ خارجيةٍ تعتمدُ على الاعتدال والسلام.
https://telegram.me/buratha