حسين سالم ||
أحمد البشير يمثل الصورة الأوضح لعصرٍ باتت فيه التفاهة هي القوة الحاكمة، حيث الرداءة أصبحت قاعدة ثابتة، والعمق الفكري تحول إلى ترف لا يلتفت إليه سوى القلة. في زمنٍ يتم فيه تهميش الأذكياء وتجاهل العظماء، يسجل البشير أعلى المشاهدات، لا بفضل فكرٍ مبدع أو رسالة سامية، بل عبر تقديم هزلٍ فارغ يغازل الذوق العام المتهاوي.
بينما كانت البلاد تتهاوى تحت سطوة داعش، كان يسخر من قادة حملوا على عاتقهم مسؤولية النصر، ويعلّم جيلًا جديدًا كيف يسخر بلا وعي، ويتقن فنون الشتائم الرخيصة وكأن السخرية من أبطال حقيقيين هو الطريق الأسهل للنجاح.
يقدم البشير لجمهوره جرعاتٍ مكثفة من السخرية السطحية والشتائم المبعثرة، وكأنه يعيد صياغة الشباب ليصبحوا نسخة من هذا الهزل، متجنباً بذكاء أي مواجهة حقيقية مع قضايا أكبر وأعمق. فهو لا يجرؤ على انتقاد الولايات المتحدة أو ألمانيا، الدول التي تروج للمثلية والانحلال الأخلاقي، لأنه يعرف جيداً أن المساس بهذه القوى يحتاج إلى شجاعة لا يملكها. يتحدى كل ما هو سهل وآمن، لكنه يخشى مواجهة الواقع الصعب، سواء كان هذا الواقع مرتبطًا بالسياسة العالمية أو حتى بالتراث الذي يروج له البعض دون وعي.
والأدهى، أنه يهرب من مواجهة الغرائب الحقيقية مثل “رضاع الكبير”، مُفضِّلًا الانغماس في تفاهة مريحة، لأنه يعلم أن السخرية الحقيقية تتطلب شجاعة يفتقر إليها.
مفضلاً البقاء ضمن دائرة الأمان التي توفرها له السخرية من الأمور السطحية. لقد بات أشبه بمرآة تعكس التفاهة التي اجتاحت مجتمعاتنا، حيث لا مكان للعمق، ولا قيمة للعقول التي تسعى لفهم الحياة بأبعادها الحقيقية.
https://telegram.me/buratha