بقلم : سامي جواد كاظم
ما من جديد في العنوان واعتقد انه واضح التعبير فهنالك الكثير بل كل العلوم اذا ما اسيء استخدامها فانها تنقلب من الصالح الى الطالح والامثلة كثيرة على ذلك مثلا علم الكيمياء يستخدم ايجابيا وسلبيا فمن خلال التفاعلات الكيمياوية نستطيع ان نكتشف الكثير من المواد الكيمياوية الداخلة في خدمة البشرية من ادوية ومواد اخرى في الصناعات وفي نفس الوقت استخدم هذا العلم في صناعة الاسلحة الكيمياوية التي تفتك بالبشرية وهذا ينطبق على كل العلوم ، صناعة الاسلحة يمكن استخدامها لردع العدو وفي النفس الوقت هي اداة بيد المجرم الذي يرتكب جرائمه .
علم الفقه هو الاخر اذا ما استخدم بشكل غير سليم فانه يعود بالوبال على المسلمين والغير المسلمين .واكثر استخداما للفقه هم الضالعون فيه من علماء وفقهاء ومجتهدين ، ويمكننا تقسيم النظرة الى هذا العلم الى قسمين قسم ينظر الى العلوم الداخلة في فهم ودراسة الفقه من منطق واصول فقه وبلاغة ولغة وما الى ذلك من علوم اخرى وقسم اخر الى طبيعة الفتوى التي تكون هي عصارة تفكير الفقيه الذي استكمل كل العلوم دراسة ومنح لقب مجتهد ( استنباط الاحكام الشرعية من ادلتها التفصيلية ) ودراسة الادلة التفصيلية هي العلوم الداخلة في دراسة الفقه التي اشرت اليها اعلاه .
العجيب في هذه المواد التي تدرس الفقه والتي اذا ما نظر اليها من جانب اخر نجدها سلبية اكثر مما هي ايجابية ، ونظرة دقيقة نجدها السبب في تحجيم عقل الدارس لها بحيث انه اذا ما جاء بشيء لا نص له في هذه العلوم يعد هذا تطاول وجهل ، ومن جانب اخر نجدها مرنة بحيث يستطيع الذين في قلوبهم زيغ من استخدام هذه الادوات لتمرير فتاوى تربك الشارع الاسلامي .
لاضرب لكم مثلا على احدى الفقرات الدراسية لهذه العلوم مثلا هنالك موضوع في اصول الفقه وخصوصا الحلقات التي ألفها السيد الشهيد محمد باقر الصدر ، هذا الموضوع عنوانه سؤال هو هل يمكن الاتيان بالحرام والواجب في عمل واحد او في ان واحد وجاء بمثال هو الوضوء بماء مغصوب ، وعقدت دراسات وتحليلات لها الافتراض ولا اعلم هل هو حقا يستحق هذه الدراسة التي تشغل فكر المعلم والمتعلم . فهنالك من قال نعم يمكن ذلك بدليل الوضوء بالماء المغصوب على اعتبار ان الماء المغصوب هو الحرام والوضوء هو الوجوب واخر يشرح هذه العملية معتبرها صورتان في صورة واحدة صورة جلب الماء وصورة الوضوء .
انا اقول لو كانت الاجابة على السؤال بكلا او نعم ماهي النتائج المترتبة على ذلك ؟ من خلال المثال الذي جيء به وهو الوضوء اقول اليس للوضوء شروط ؟ وطالما ان الماء المغصوب هو افساد للوضوء الصحيح اذا ابتداءا لو علم المكلف ان الماء مغصوب عندها يكون وضوءه باطل واذا لم يعلم ستترتب عليها حين اذن دراسات فقهية اخرى من براءة واستصحاب وعلم اجمالي وما الى ذلك من اصول علمية استنبطها الاصوليون .درس اخر في العقائد مضمونه اثبات واجب الوجود وانه واحد لا شريك له واحدى هذه النظريات التي تثبت ذلك والقائلون بها علمائنا هي انه طالما العالم واحد اذن واجب الوجود واحد ، اليوم نجد ان العلم الحديث يعمل جاهدا على اثبات ان هنالك كواكب اخرى شبيهة بالارض كما وانهم لا زالوا يبحثون على ما موجود على سطح المريخ من خلال الصور التي التقطوها هل هنالك ماء ام لا ؟، واذا ما ثبت ان هنالك حياة على كواكب اخرى نجد ان الفشل سيكون من نصيب الذي ادعى نظرية العالم واحد والله واحد سنجدهم يبحثون في القران والسنة الى ان يتوصلوا الى اية او حديث تفسر الاكتشاف العلمي الذي توصل اليه الغرب وعندها يتبجحون على الغرب ويقولون لهم ان ما توصلتم اليه هو في القران ، طيب اخواني العلماء لماذا لم تكتشفوه انتم قبل الغرب ويكون السبق لكم .اما الفتوى وما يرافقها من تقديس بحيث تصبح سلاح فعال بيد الذي يستنبطها ويخضع لها فتاتي بنتائج تنطبق على كيفية استخدامها بين السلبية والايجابية .
هنا الكلام عن الفتيا يجب ان يكون دقيق جدا حتى لا يفهم ما اكتب عكس المقصود .الفتوى هي اصلا يتم استنباطها اذا ما تعرض المكلف او المجتمع الى اشكال عندها تكون مسؤولية المجتهد اصدار الفتوى اللازمة لهذا الاشكال .بعض الفتاوي التي تصدر من المجتهد تكون غامضة او انها تحوي على كلمات بلاغية يصعب فهمها فعندها يكون المكلف بين اما تركها او فهمها الخاطيء او تجنب العمل بالمسالة التي يراد له ان يفهمها فيكون محتاط وقد يخسر كثير من الايجابيات اذا ما احتاط من خلال ترك العمل في هذه الفتوى الغامضة .كما وان هنالك طريقة اخرى لدى المجتهد في الاجابة على الاستفتاءات هو بترك الورقة بيضاء من غير اجابة .بعض الاسئلة تستحق الترك والبعض الاخر لا اعتقد ذلك وهذا ما حصل لي انا بالذات .المرجع يجد نفسه في بعض الاحيان محرج في تشخيص السلبي بالرغم من انه قد نوه الى سلبية هذا او ذاك بالاشارة او بالتضمين وهذه الاساليب تكون من الصعب على المكلف فهمها لا سيما وانه لم يقرأ المنطق والبلاغة واللغة ، وهنا نكون في حيرة من امرنا .
لنضرب لكم مثلا على بعض الاستفتاءات التي تصل الى المرجعية مثلا سال احدهم سؤال هل القوات الامريكية محتلة ام محررة ؟ فترك السؤال من غير جواب وهذا هو حقا الجواب الذي يستحقه السائل فهل هنالك من يجهل ان القوات الامريكية هي محتلة فاذا كان السائل بهذا المستوى من الغباء فهذه مشكلته اضافة الى ذلك ان تواجد القوات الامريكية على ارض العراق هو واقع حال فمهما يكن رايك او راي فانها باقية ولم ترحل الا بتحقيق مصالحها فما الداعي لسؤال المرجعية عن ذلك ؟
اخر يسال المرجعية فيقول ان ابن عم السائل زنى ببنت اخيه وهي نفسها بنت اخت السائل وبعد الكشف عن هذه الجريمة فهل علينا ذنب ان قطعنا صلتنا به ؟ السائل يلتفت الى قطع صلة الرحم ولا يلتفت الى جرم الزنا بالمحرمات والمحصنات في نفس الوقت وفي نفس الوقت كانت اجابة المرجعية لا يجب قطع صلة الرحم ، نعم لا يجب قطع صلة الرحم ولكن اذا كانت المشكلة بهذا الحجم الا يجب الاقتصاص قبل السؤال خصوصا اذا ما افتضح الامر ؟اخر يسال مرجع في احدى الدول العربية انه دائما يبتعد عن زوجته ولشدة تعلقه بها فقد اخذ معه كمية من شعرات راس زوجته واذا ما اشتاق لها في الخلوة استخدم هذه الشعرات لاثارته جنسيا فهل في ذلك اشكال ؟ وبدأ هذا المرجع بالاطناب في الاجابة على هكذا سؤال ، صحيح الفقه يلزم الفقيه بالاجابة على كل شاردة او واردة ولكن هنالك اجابات يجب ان تكون فردية لا يعلم بها احد لانها لا تنفع المجتمع اما المسائل الابتلائية والتي تمس المجتمع من خلال الاخلال في العقيدة عندها يجب ان تكون الاجابة واضحة وصريحة وتعمم على الكل .
تذكرون مسالة التدخين التي تعرض لها احد مراجع العراق وانها لا تفطر الصائم وما اثارت من لبس ولغط بين المسلمين حتى ان هنالك برامج دينية لمذاهب اخرى استغلت هذه الفتوى للتشهير بصاحبها ومقلديه .واصلا لو تعمقنا في مسالة التدخين فان جواب صاحب الفتوى لم يكن بحلية التدخين للمفطر ولكن هنالك من ساله عن عدم امكانيته الصيام لانه يدخن كثيرا فقال له المفتي قلل التدخين تدريجيا ولا تدخن امام الغير الى ان تستطيع الترك ولكن سوء الفهم لهذه الفتوى قلبت الموازين كما وان لكل فتوى اصل شرعي بين النص او الاصل العملي والتدخين لا نص على حرمته او افطاريته ولكن اذا كان الدخان ثخين لدرجة ترسب مواد في فم المستنشق له عندها يعتبر مفطر ودرجة كثافة الدخان تكون اجتهادية .
المهم من هذا ان هنالك من استخدمها استخدام سيء لدرجة انني رايت الكثير وهو يدخن في شهر رمضان وعندما استفسرت منهم اجابوني ان هنالك من افتى بان التدخين ليس من المفطرات .بين هذا وذاك يبقى المسلم في حيرة من امره فيجب استحداث نص للفتوى بشكل يستطيع تقبله المكلف وتجنب الفتاوي النارية التي تؤجج الموقف والحديث يطول في هذا المضمار.
https://telegram.me/buratha