بقلم : سامي جواد كاظم
نعم الحسن والحسين ( عليهما السلام ) إمامان أن قاما او قعدا مقولة قالها النبي محمد (ص) والمقصود بالقيام والقعود هو الخلافة فان كانت لهما فيعني قاما والعكس بالعكس والخلافة عندما تختلف عن صحابها الشرعي تكون مغتصبة لمن آلت إليه فالمقصود أن قاما او قعدا يعني ان كانت الخلافة لهما اولا فإنهما إمامان ومرجعان للمسلمين كافة وحقا عندما قيل ان الخلافة تزينت بالإمام علي عليه السلام لا الإمام عليه السلام تزين بها ، وفي رواية لابن عباس قَالَ دخلت على أمير المؤمنين عليه السلام بذي قار وهو يخصف نعله فقال لي ما قيمة هذا النعل ؟فقلت لا قيمة لها فقال عليه السلام والله لهي أحب إلي من إمرتكم إلا إن أقيم حقا او ادفع باطلا إذن هذا قدر الخلافة .
وطالما إن الأئمة عليهم السلام دائما يقيمون الحق ويدحضون الباطل بكل ما متاح لهم من وسائل هم الخلفاء الشرعيين المسؤولين نحن عنهم أمام الله وهذا الأمر ينطبق على الحسين عليه السلام فانه بالرغم من غدر الأمويين الا انه دائما وأبداً ينادي بالحق وبسبب ذلك استشهد في كربلاء .
وهذه الرواية التي هي قبس من قبسات حياته نستدل منها على عدة أمور نص الرواية (قال: أخبرنا مالك بن إسماعيل النهدي، قال: أخبرنا سهل بن شعيب، عن قنان النهمي،عن جعيد همدان، قال: أتيت الحسين بن علي وعلى صدره سكينة بنت حسين، فقال: يا اُخت كلب خذي ابنتك عنّي.فساءلني فقال: أخبرني عن شباب العرب أو عن العرب، قال: قلت:أصحاب جلاهقات ( كرات من طين بحجم البندق ) ومجالس! قال: فأخبرني عن الموالي، قال: قلت: آكل ربا أو حريص على الدنيا، قال: فقال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، والله إنّهما الصنفان اللذان كنّا نتحدّث أنّ الله تبارك وتعالى يتنصر بهما لدينه.يا جعيد همدان، الناس أربعة: فمنهم من له خلق وليس له خلاق، منهم من له خلاق وليس له خلق، ومنهم من له خلق وخلاق ذلك أفضل الناس، ومنهم من ليس له خلق ولا خلاق وذاك شرّ الناس.( ترجمة الامام الحسين (ع) طبقات ابن سعد ص36 ـ 37 )... انتهى
رواية واحدة فيها عدة دروس أخلاقية وعائلية وسياسية ، فالوضعية التي كان عليها الحسين عليه السلام عندما استقبل الهمداني كانت على صدره بنته سكينة تخيلوا هذه العلاقة بين الحسين وعياله ومن هذا يتضح حجم المأساة والألم الذي أصابهم يوم العاشر من محرم ، والمعلوم ان الحسين عليه السلام تمكن منهم أولا ولو لا استعمالهم أسلوب الخديعة عندما نادوا عليه ان الجيش هجم على عيالك ،فاتجه الحسين (ع) نحو الخيام لحماية عياله بحكم العلاقة الرائعة التي تربط بعضهم مع البعض ودليلنا أول الرواية وهو احتضان الحسين (ع) لابنته سكينة على صدره .
بعد ذلك أول ما سارع الحسين (ع) الاستفسار عنه هو أحوال الشباب والموالي أي تجار البلد فكانت إجابة الهمداني سلبية عن وضعيتهم فقال الإمام الحسين (ع) انا لله وانا اليه راجعون وهذه العبارة تقال عن المصائب الشديدة حيث انحراف وتقويم المجتمع يكون اعتماده بالدرجة الاساس على الشباب واعيان البلد .واليوم اذا ما أرادت الأمم ان تسابق بعضها البعض فما عليها الا الالتفات الى الشباب وتقويمهم بالشكل الصحيح الذي يضمن رقي البلد واذكر بهذه العبارة التي دائما كان يعتمدها حزب البعث الفاشي عندما يقول ( نضمن الشباب لنكسب المستقبل ) ، فالشباب مرحلة يكون فيها المرء في اةج عطائه الفكري والجسدي فإذا ما وُجهت بالوجهة الصحيحة نكون قد أرسينا أسس المجتمع الصالح .
واما الموالي وهم وجهاء وخيار البلد او المجتمع الذين يكون المقود بيدهم من خلال تعاملهم مع اكثر شرائح المجتمع فاذا لم ينتبهوا الى المسؤولية الملقاة على عاتقهم يكونون قد قادوا المجتمع نحو الهاوية .انتبهوا الى عبارة الامام الحسين (ع) عندما قال (كنا نتحدث ) وهذا اشبه بالشورى ولكن الامر الذي كانوا يتحدثون بشانه ليس حكم شرعي ولكن امور تهم اوضاع المجتمع ودراسة ما هو سلبي لغرض تجاوزه والايجابي انمائه ، اما القرارات الحاسمة فهي من شان الامام المعصوم (ع) .
فالانتصار للدين بهاتين الشريحيتين ولو نظرتم الى أي مجتمع في العالم تجد القوى المؤثرة على طبيعة المجتمع بالدرجة الاولى هم الشباب والشخصيات المعروفة في المجتمع من تجار ومفكرين وعلماء ووجهاء ، فالانتصار للدين يكون بالاتجاه الصحيح الذي يخدم شريعة محمد التي جاء بها بأمر الله عز وجل .والأروع في هذه الرواية انه قسم طبيعة البشر على وجه الكرة الأرضية أينما كانوا الى أربعة أقسام .فالقسم الأول وهم الذين لهم خلق وليس لهم خلاق والخلاق هنا يعني النصيب في الدنيا او الآخرة او إحداهما فالذي له خلق هنا الخلق هو المعنى المتعارف عليه بيننا وهو الأخلاق من دين وأدب إسلامي وليس له خلاق أي لا نصيب له في الدنيا أي إننا غالبا ما نرى شخص مسلم على درجة عالية من الاخلاق الا انه أموره الدنيوية غير جيدة من قلة مال او مرض او مشاكل أخرى .
الصنف الثاني الذي له خلاق ولا خلق له هو المرء الذي تجده في اتم صحة وأوفر مال ولا يشكو من شيء فان هذا يعني ان له نصيب من الدنيا ولكن لا أخلاق له فكم من منحرف تجده ثري جدا ولعل ظلمة وطواغيت اليوم خير مثال على ذلك .
والصنف الثالث هو الذي له خلق وخلاق فالخلق كما أسلفت هو الأخلاق من دين وأدب والخلاق هو ان له نصيب في الدنيا والآخرة وهذا أفضل الأصناف .
اما الصنف الرابع وهو الأتعس فاننا غالبا ما نجد بعض الأفراد لا أخلاق له ولا نصيب له لا من الدنيا ولا من الآخرة وهذا اشر وأذم خلق الله (انَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَـئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [آل عمران : 77]) .
هذا التصنيف الرباعي غاية الحسين (ع) منه هو نقله الى الشباب والموالي الذين تكلم عنهم جعيد همدان حتى يلتزموا بدين الله ولا ينظروا الى الاختلاف بينهم وان نظروا فليعلموا الأفضل من هو ،وهو الذي له خلق وخلاق .هل هنالك شيء تطرق له الإمام الحسين عليه السلام لا علاقة له بواقعنا اليوم ؟!!، بل نجدها في الصميم واذا ما أردنا ان ننهض بواقعنا فما علينا الا ان نهتم بكل ما جاء به الأئمة الأطهار عليهم السلام من أقوال وأفعال فهي كفيلة بنجاتنا وفوزنا ب في الدنيا والآخرة .
https://telegram.me/buratha