بقلم: عبد الرزاق السلطاني
اليوم وبعد ان غادرت الساحة العراقية نظرية المؤامرة والاقصاء والتهميش لاي مكون في العراق الجديد فقد اصبحت البيئة السياسية واضحة تتحرك بنمطية دستورية، والفروغ من جدلية ازدواجية المعايير التي لازمت البعض والتحول نحو ترسيخ مفهوم المواطنة والتمسك بالمنجز التاريخي البنيوي لمختلف مفاصل الحياة لاسيما الخدمية منها، فكل الدلائل تشير الى الانفراج الحقيقي بحسب ما يقرأ من مقاربات للكثير من المفاهيم المختلف عليها، حيث أن ادركت الكثير من القوى التي كانت ترفض بالامس القريب العملية السياسية القائمة أن الباب مفتوحا امامها لتقوم بدور مناسب،
ففي نظرة لمستقبل الخارطة السياسية بكافة مشاهدها وتلاوينها لا يمكن ان ترسو الى حالة سياسية واقعية مستقرة مالم تعتمد عنصر المواطنة وتلغي الانا كخيار حضاري سياسي استراتيجي يشكل بمضامينه واتجاهاته الاسس المتينة لبناء تجربة عراقية جديدة تختلف بجوهرها وشكلها ومناخاتها وطقوسها عن مضامين وجوهر التجارب السياسية التي فرضتها المراحل الماضية بكل تداعياتها، ومن هنا فالمواطنة كمبدأ وقيمة يجب ان تكون في مقدمة الاستحقاقات الدالة على الذات العراقية في ماهيتها الجديدة، ولم تتأثر من اسقاطات العرقية والطائفية السياسية، ولم تصادر الذات الوطنية كقيمة جامعة ومظلة موحدة للكل العراقي، حيث خسرت الرهان القوى المتصيدة بالماء العكر والتي ناغمت ديناميكية المستجدات التغييرية وفشلت في تفشي الصراعات الاثنية والطائفية واصبحت الصورة واضحة تماما في المشهد العراقي ازاء الموقف الوطني من مسودة الاتفاقية العراق ـ امريكية وما شاب بعض بنودها من غموض، فقد كان للمجلس السياسي للامن الوطني وكافة القوى الدينية والسياسية الوطنية تقييم واضح على انها تخل بالسيادة الوطنية، وفي ذات الوقت يتعين على تلك القوى العمل على اخراج العراق من طائلة الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة، فالعراق يخضع للوصاية الدولية وهو مسلوب السيادة الكاملة، غير أن اخراجه من هذا البند منوط باجراء اتفاقات تضمن السلامة الوطنية، والعمل على جهوزية المؤسسة الامنية، ومن هنا بدء التفكير والعمل بشكل جدي في ابرام تفاهمات مع الولايات المتحدة لتحديد مسارات استكمال السيادة الوطنية وتعزيزها،
وعليه فاننا كقوى وطنية نعاضد الحكومة في رفض الاتقافيات والمعاهدات التي فيها مساس للسيادة الوطنية ورفض اي بند فيه شيء من التهاون من حقوق العراقيين، وبالتالي اخراجه من الفصل السابع، اذ ان العراق يحتاج من دول الجوار الاقليمي ان تنأى بنفسها عن الساحة العراقية وعدم استخدامه حلبة للسجالات والمزاد السياسي، وعليها توفير افضل الظروف والاجواء لجعل العراق طريقا ومعبراً للتلاقي اكثر من ان يكون طريقاً للتصادم، واستثمار الوقت لتعزيز الجهد العربي لدعم العراق وتعزيز امنه واستقراره، فإن الدبلوماسية العراقية أثبتت مدى نضوجها وقدرتها في التصدي واتخاذ القرارات الحاسمة اذا ما استوجبت الاحداث وفي ذات الوقت ان تستائنف التمثيل الدبلوماسي العربي في العراق هو المعيار الاساس لترجمة الرغبة والميل لمساعدة الاخير فيما ذكر بشكل حازم وحاسم ولا يقبل المناورات ولا التسويات او التذرع بالملف الامني وغيره، ففي لحظات سيطرة الهواجس غالباً ما يضيع المنطق وتضيع معه الحكمة، وتسيطر الاحكام المتطرفة والمشاعر البغيضة، والمواقف المتشنجة وتستلم امام لحظات فقدان التوازن لتطغي لغة الاقصاء والوعيد.
https://telegram.me/buratha