( بقلم : كريم النوري )
اطل مرة اخرى بأسمي الحقيقي بلا رتوش او رموش ولن استعير اسماً لاختفي وراءه نعم اخفيته لاكثر من عقدين عندما كنا خارج السلطة ولم نجرؤ بالكشف عن اسمائنا خوفاً على اهلنا ولم يجرؤ شهداؤنا في مقابر الشهداء في جنة الزهراء من الكشف عن اسمائهم خشية اعتقال واغتيال ذويهم في زمن سمي كل شىء في العراق بأسم الطاغية صدام مدينة صدام ومستشفى صدام ونهر صدام ومطار صدام وتطول قائمة الاسماء..والى هذه اللحظة من يزر مقابر الشهداء في ايران سيجد طوابير من القبور مكتوب عليها (المجاهد العراقي ابو فلان الفلاني) وهنا لا ادعو الاخوة كتاب كتابات بالكشف عن اسمائهم او تقودهم المكابرة والاستفزاز للكشف عن اسمائهم في ظروف اصبح الكاتب العراقي هدفاً متحركاً لاكثر من جهة وفئة.
وابدأ بطرحي سؤال الذي يبدو مثيراً وغريباً وطالما طرحه الاخرون باستمرار واجترار ... والسؤال باختصار شديد هو : من يمول منظمة بدر ؟
سؤال في غاية الوجاهة واذا لم نجب عليه اليوم او غداً فان كل الاجوبة المفترضة المشحونة بالاوهام والافتراءات ستكون حاضرة في وجدان واذهان المتسائلين ثم لا يمكن ان نتهرب او نتكهرب من الاجابة او نخجل او نذل في اجابتنا المطلوبة طالما كانت تشكل جزءاً من طموحات او جموحات السائلين بحسن نية او خبثها عن وضع الاحزاب الكبيرة في العراق؟
ولسنا مترددين او خائفين من طرح هكذا تساؤلات مادمنا في واقع سياسي زجاجي وشفاف لا يكتم ما وراءه وطالما اننا لم نسلب حقاً أو نغتصب مالاً لاحد..كما ان احزابنا لم تهبط من السماء او تمول نفسها من قدرة الغيب بل هي كبقية القوى والمنظمات لها موارد تمويل ولن تستطيع الاستمرار بلا تمويل مالي.ليس من الصحيح ان ننزعج او ننحرج من الاجابة او نتضايق من سؤال تكتنزه عقول وافكار الناس ولكن هناك تساؤلات وجيهة ونزيهة لابد ان نجيب عليها قبل الاجابة على هذا السؤال وسنجيب عن السؤال من يمول المجلس الاعلى؟
نتساءل اولاً: هل يحق لغيرنا ان يعرف من اين تمويلنا وموارد اموالنا ونحن في تشكيل مر عليه اكثر من ربع قرن لها امتدادت مرجعية وعلاقات واسعة مع طبقات ابناء شعبنا في الداخل والخارج؟
وثانياً : هل نحن ملزمون بالاجابة على هذا سؤال وماهي ضرورة الالزام وكشف حساباتنا على الهواء وامام الاضواء ومن فعل ذلك قبلنا حتى يجبرنا على كشف مصادر تمويلنا اليس هذا هراء؟
وثالثاً: ثمة من يتهمنا ويطالبنا بالكشف عن مصادر وموارد تمويلنا رغم مرور اكثر من عقدين على تأسيس تشكلينا السياسي بينما يتغافل ويتجاهل تماماً مصادر تمويل حزبه وهو منفرداً وقد تأسس حزبه بعد سقوط النظام فقد "ضرب لنا مثلاً فنسى نفسه"
ورابعاً: هل الكشف عن مصادر التمويل يحل مشكلة كبرى لدى المتسائلين ام انه مجرد اطلاع على قضية غير ذات محل جدل ولو اطلع الاخرون عن مصادر الاحزاب والقوى السياسية فماهو الاثر او الثمرة التي تترتب على هذه المعلومة؟
خامساً: لا نريد ان نخوض سجالاً وجدالاً عقيمين ونسهر الليالي ونملأ الصحف وندوي الفضائيات بالصخب والشعارات عن قضية لا تبدو مهمة جداً مهما كانت اجاباتها تمويها او مناورة ونرجو ان يكون نقاشنا وصراخنا يشبه الاجابة على سؤال مشحون بالفراغ والثرثرة وهو هل الملائكة أم اناث ونبقى ندور ونناقش قضية لا تنفع من تعلمها ولا تضر من جهلها وما هي الثمرة العملية التي تترتب على الاجابة على السؤال العقيم هل البيضة من الدجاجة ام الدجاجة من البيضة وكذلك لو وصلنا الى نتيجة طيبة بعودة الضمير المؤنث او المذكر لقضية الملائكة فهل سيترتب اثر عملي على هذا الاستنتاج.
لو كشفنا مصادر تمويل احزابنا فماهي الثمرة او الاثر العملي لذلك ومن هو المعني بالمعرفة والاطلاع على مصادر التمويل فهل الصحافة والفضائيات معنية بالاطلاع على مصادر تمويلنا واموالنا وهي نفسها تتكتم على مصادر تمويلها. قد يكون من حق المفتش العام او رئيس هيئة النزاهة أن يسأل وزارات ومؤسسات الحكومة عن فواتير حسابها واموالها. ومن حق الزوج ان يسال زوجته عن مصادر اموالها وحسابها كما من حق الوالد ان يراقب اموال وحساب اولاده ويعرف مصادرها؟
واعتقد ان هذه القضية والاطلاع على مصادر تمويل الاحزاب باتت قديمة ومدعاة للاستهلالك الاعلامي وهي قضية واضحة وبديهية رغم غموض تفاصيلها وتشعباتها. هذه القضية اصبحت في دائرة اللغو والترف الذهني. هذه المعلومة حول مصادر التمويل وموارد الاموال لا تنفع من علمها ولا تضر من جهلها. هناك فضائيات تلوك ليلاً ونهاراً بهذا السؤال ولكننا لم نسألها عن موارد تمويلها ومصادر دعمها وهي قد تكون سهلة لحزب او تشكيل سياسي مر على تأسيسه اكثر من ربع قرن.
ثمة قضية تكاد تكون اجماعية وتوافقية لا تحتاج الى تصريح او تلميح ويعلمها الجميع بشكل عام وهي ان الاحزاب والقوى السياسية لها مصادرها التمويلية الخاصة والتي هي جزء من سياسة او اسرار الحزب نفسه كما اننا ندرك ان موارد ومصادر دعم المرجعيات الدينية لا تحتاج الى توضيحات وتصريحات وبيانات وكشف حسابات فالسؤال عن موارد تمويلها قضية لا تخلو من امرين اما افراط في البساطة او تبسيط بالوعي.
لكل حزب او تشكيل سياسي سياسات مالية ومشاريع تمويلية قد تشكل مفصلاً مهماً من تركيبة الحزب بل هي من اسراره ومرتكزاته فلا يمكن ان نتصور ان حزباً ناشطاً ليس له موارد تمويلية او حسابات مالية لدعم الحزب فقد "قام الاسلام بسيف علي بن ابي طالب(ع) واموال خديجة". من الغباء ان تستدرج احزابنا لاستفزازات الاعلام المضاد والمغرض وتكشف عن موارد تمويلها ومشاريع دعمها بهذه البساطة المفرطة بالسذاجة والتسطيح.ومع ذلك فلو كشفت بقية الاحزاب الصغيرة والكبيرة ودكاكين السياسة الطارئة عن مصادر تمويلها فسوف نكشف عن موارد تمويلنا دون خوف او خجل.
وتنزلاً لرغبة الفضوليين واشباعاً لاطلاع المتطفلين واعتذاراً لتحفظ المتفضلين المحسنين فانني سوف اكشف احد هذه الموارد للتمويل اضطراراً فان من ضمن الممولين لاحزابنا تجار متبرعين اغناهم الله من فضله سعة من المال والثروة فقد تبرعوا لدعم الحركات الاسلامية الوطنية لكنهم لم يرغبوا بالكشف عن اسمائهم وعناوينهم لاسباب امنية او ادبية فهل نخالف تحفظاتهم ورغبتهم بعدم الكشف عن اسمائهم مجاراة للفضوليين ومدارة للمتطفلين؟
لو كشفت الاحزاب السياسية عن كل ملفاتها وخصوصياتها وعلاقاتها المالية لمجرد فضول اعلامي او تطفل صحفي او ضغط المرجفين والمفترين لانتهكت هيبة وحرمة هذه الاحزاب بالتأكيد. السياسة المالية والعلاقات الداعمة لمشاريعنا السياسية هي خطوط حمر لسنا مضطرين لكشفها ولن توجد مصلحة او حكمة لجعلها مادة دسمة في ماكنة الاعلام المغرض والمحرض. ماهي الحكمة وراء معرفة مصادر التمويل الخاصة بالاحزاب والقوى السياسية وهل بكشفها سنغلق افواه المعاندين واقلام الحاقدين..
قد يكون من المنطقي جداً والمعقول ايضاً ان تكشف الاحزاب لافرادها وعناصرها الفاعلة مصادر التمويل كما تكشف عن برامجها وخططها السياسية واحياناً الافراد انفسهم غير معنيين بكشف مثل هذه الملفات لعدم جديتها وجدواها .. ثم ان الذي يثق بقياداته ومنهج حزبه وسلامة مساره فلا يحتاج ان يتحقق عن مصادر التمويل..واذا كان ذلك مبرراً لعناصر وكوادر الحزب او التشكيل فانه من الخطأ ان يكون هذا الكشف حقاً للاخرين ممن يحاولون التشكيك في انتماءات وولاءات الاحزاب.
هذا تدخل سافر ومخجل في شؤون القوى السياسية الوطنية حينما نطالبها بالكشف عن حساباتها وموارد تمويلها.ولو كشفنا عن كل ما تحتاجه هذه التساؤلات المغرضة لما اكتفوا ولطالبنا الاخرون بالكشف عن اسماء وعناوين عناصرنا وكوادرنا وعن كل خصوصياتنا واسرارنا.
https://telegram.me/buratha