( بقلم : سامي جواد كاظم)
يقال إن اسمه صلاح الدين الأيوبي ولم أرى في كل أعماله إلا هدم للدين والحديث عنه قد يثير حفيظة الكثيرين الذين لم يطلعوا على حقيقة الأيوبي التاريخية الحقة ، والكل حتى نحن أيام دراسة التاريخ في العهد السابق نثني ونطنب على الأيوبي باعتباره محرر القدس ونتمتع عندما نشاهد ( احمد مظهر ) الممثل المصري وهو يؤدي دور الأيوبي مع ريتشارد قلب الأسد ( اعتقد انه حمدي غيث ) .ولكننا نفاجأ اليوم بين الفينة والأخرى بكتابات تتحدث عن ماهية هذا القائد المزيف ولعل أروع من كتب وكشف حقيقة هذا (البطل) هما الكاتبان الدكتوران حسن الأمين واحمد راسم النفيس فالأول شيعي بالولادة اما الثاني استشيع بعد دراسة الفقه الجعفري ، وطالما نحن نريد أن نبين الحقيقة فسوف لا اخذ بكتابات هذين المؤلفين العبقريين على اعتبار شيعيتهما .
الكاتب المصري السني الغير متشيع المنصف الدكتور رفعت سيد احمد له كتابات ومقالات تخص الشأن المصري عبر التاريخ والممزوجة بالمواقف السياسية مع إظهار سلبياتها او ايجابيتها وبتحليل منطقي عقلي لا يظهر منه الميول العاطفي لأحد الأطراف . لأنقل لكم نصا ما كتب هذا الكاتب عن الازهر (يحدثنا التاريخ أن الأزهر الفاطمي الذي أنشأ في العام (359هـ/ 970م) كانت تتجاور وتتحاور بداخله المدارس الفقهية المختلفة دونما عنف أو صراع أو تكفير كما هو حاصل اليوم، كان الفاطميون أصحاب المذهب الإسماعيلي الشيعي قد أنشأوا الأزهر للتبشير لمذهبهم ودولتهم ومع ذلك سمحوا للمذاهب السنية الأربعة (الشافعية ـ المالكية ـ الحنبلية ـ الحنفية) بالتواجد وبقوة ليس فحسب داخل الأزهر الشريف، بل لقد خصصوا لهم مسجد عمرو بن العاص وكان معقلاً لفقهاء أهل السنة والجماعة، والطريف أن الحكام الفاطميين جعلوه المسجد الرسمي لدولتهم رغم خلافهم المذهبي مع أصحابه فكان منبره هو المنبر الرسمي للخليفة الفاطمي في صلوات الجمع في شهر رمضان وفي العيدين وفي عهد هذه الدولة استقبل الأزهر وبرحابة صدر إسلامية واسعة رموزاً من فقهاء وعلماء أهل السنة الكبار أمثال (أبو حامد الغزالي) الذي هرب من بطش السلطة العباسية ولجأ إلى مصر دون أن يغير أفكاره ومبادئه ودعوته بل وحتى دونما إسقاطه لخلافاته الكبرى مع المذهب الشيعي وفي عهد هذا الأزهر الفاطمي وحكامه استقبلت مصر العالم الكبير أبو الحسن بن الهيثم الذي لقب لاحقاً بآينشتاين العرب.
كان ذلك في الأزهر الفاطمي وحوله قبل أكثر من 900 عام ترى أين نحن من هذه الرحابة والسماحة الإسلامية التي أسس عليها الأزهر وصار رمزاً ومنارة إشعاع فكري وأداة لتوحيد الأمة قيماً ومذاهب وفرقاً!! ) .علامتان بارزتان تظهر من هذا الرأي أولا شيعية الأزهر وثانيا عدم طائفيتها بدليل السماح لإخواننا السنة من دراسة وممارسة فقههم في الوسط الأزهري بل زاد على ذلك بناء جامع خاص لهم وجعل منبره منبر الخليفة الفاطمي في المناسبات الدينية المعروفة .
في المقابل يتحدث التاريخ المتطرف إن سبب احتلال الأيوبي لمصر والقضاء على الفاطميين بشر الإعمال من القتل والتنكيل هو لانحرافهم عن دين محمد وتأليه فاطمة وجعلها الإله بدلا من الله عز وجل وبنوا اعتقادهم هذا من اسم الدولة التي سميت بالفاطمية ، فأين هذا من ذاك .بالأمس الأيوبي الان الوهابي حيث بدأ التحرك الوهابي للتغلغل وسط الأزهر بعدما سطع نجم الأزهر بالرغم من سنيته إلا انه وللحق يقال اعتداله وتسامحه مع بقية المذاهب بالرغم من ان السماح للمذهب الشيعي بالتدريس في الأزهر جاء بعد لقاء العالم الشيعي عبد الحسين شرف الدين بالعالم الأزهري محمود شلتوت ، وبالرغم من ذلك فان هذا ان دل على شيء فإنما يدل على الأفق الواسع لدى الأزهرية في حوار الأخر وعدم التعصب حتى وان لم يقتنعوا بالرأي الآخر ، هذه المنهجية لا تروق للوهابية كما وان مؤسسة الأزهر تعتبر المؤسسة الوحيدة في العالم العربي المنافسة للفكر الوهابي في استلام زمام أمور المسلمين من الطوائف السنية .ولأجل ذلك بدا الفكر الوهابي بإعداد العدة للتدخل في الشأن الأزهري وأفضل وسيلة هي الإغداق النفطي على هذه المؤسسة والتي لا تخلو من بعض ضعاف النفوس لقبول هذه العطاءات النفطية ذات المردود السلبي على هيبة الأزهر مؤسسة العلم والعلماء .
هذا الأمر الذي استفحل في المؤسسة الأزهرية دعا الى عقد ندوات واجتماعات خصوصا بين الكوادر العلمية المشرفة على التعليم في الأزهر لوضع حد لهذه الاغداقات النفطية الوهابية مطالبين من الحكومة التدخل في ذلك وإنها باتت المسئولة عن بداية انحدار مؤسسة الأزهر مع المرسوم الذي وقعه عبد الناصر وجعل تعين زعيم الأزهر من مسؤولية الدولة ، فكانت إحدى مطالب أساتذة الأزهر والمهتمين بهذه المؤسسة العملاقة هو إعادة النظر في القانون اعلاه .
الفكر الوهابي فكر يلغي الاخر وهذا لا يتفق وما يعرف عنه الأزهر والسيد رفعت ليس الأول ولا الأخير الذي ينتقد الفكر الوهابي فالعلامة الشيخ محمد الغزالي (عليه رحمة الله) سمى الفقه الوهابي بـ(فقه البداوة) الذي ينشغل بطول اللحية وتقصير الثوب والسواك وتكفير الناس ونقاب المرأة بدلاً من انشغاله بقضايا الدين والناس وبدلاً من انشغاله بحرمة وجود قوات الاحتلال الأمريكي في الخليج وصفقات اليمامة وزيارات بندر بن سلطان لتل أبيب!!
https://telegram.me/buratha