المقالات

وللزيارة قراءة أخرى ياخيون

1408 19:51:00 2008-06-20

( بقلم : الدكتور صلاح الجابري ـ أستاذ في جامعة ذي قار )

هناك خلفيات معقدة تسيء لقراءة الوضع السياسي في العراق، وتورط أمهر الكتاب في مهاترات الصراع اللا أخلاقي، وتوظيف الكلمات المستقلة عن أدب الحوار والبحث عن الحقيقة. وهذا ما جعل الاستاذ رشيد خيون يخرج عما عهدناه في مقالاته من إلتزام أخلاقي في تناوله لمظاهر الوضع اليومي في العراق. ولكن هكذا هي النفس المرتبكة، كما المرايا المهشمة، لا تعرض إلا صوراً مشوَّهة.

في مقاله المعنون: ((في بغداد لا في "أبي هاون" يا فرنسا))، في صحيفة الشرق الاوسط في يوم الأربعاء الموافق 11-6-2008، تعَّمد خيون خلط الأوراق لإرضاء قرائه وهم في أغلبهم من الموتورين، من أزلام صدام، والمتباكين عليه، كما يبدو من أسلوب الترحم على الطاغية، وطلب هدم الأضرحة لتحرير العراق من بلاء الاحتلال والارهاب، هكذا يُحَمَّل الإله مسئولية المأساة، وليت شعري ما لهذا الإله يغض النظر عن معسكرات السيليه وقواعد الظهران والكويت والسلطنات، وينزل بلاءه على العراقيين كما يعلق مقلد الوهابية في معرض اعجابه بشتائم خيون للدكتور عبد المهدي!!

أول خلط، هو تصويره لكوشنير بالغازي، في حين أن الرجل لم يكن غازيا ولم تشارك بلاده في غزو العراق، وليس له جيش في العراق، لكي يساغ وصف ظهوره في الناصرية بـ"مظهر صاحب الجيش الغازي.."، فضلا عن أن كوشنير لم يرسل إرهابييه لقتل العراقيين! وليس لديه إمارات سلفية في غرب بغداد وشرقها شمالها!الخلط الآخر لخيون هو تحميله الدكتور عادل عبد المهدي مسئولية أحد بنود الدستور العراقي الحديث الذي يعد العراق بلدا فيدراليا إتحاديا، والحقيقة هذا لا يصح أن يكون اتهاما لشخص، وإنما هو مادة دستورية مصوت عليها شعبيا.

أما المنزلق الأخلاقي لخيون فيكمن في استخدامه كلمات نابية صاغ منها اتهامات صبيانية. الأمر الذي كنا نتمنى عليه أن يترفع عنه، لكنه، للأسف، سقط فيه مصرا. لم تكن زيارة كوشنير للناصرية جريمة وطنية يعاقب عليها الداعون إليها، إنما تعبر عن خروج الناصرية من كهف الدكتاتورية، إلى رحاب العالم الفسيح، فبين الزمن الذي لا يعرف فيه عن الناصرية سياسي خلف الحدود، واليوم الذي يزورها فيه وزير خارجية دولة أوربية، ويطلع على معالمها الأثرية والحضارية، ويتعرَّف على عمقها التاريخي الموغل في القدم، أقول بين ذينيك الزمنين بون شاسع، لم يحلم به أي مثقف في الناصرية نفسها. نعم هناك اختلاف نوعي بين أن يحاصرها صدام ويعذب أبناءها عبد الباقي السعدون، من دون أن يصرخ قلم خيون، وبين أن تنفتح حرة على العالم، تستقبل سفراء ووزاراء دول كبرى بصفتها حاملة لاقدم الحضارات وأم الكتابة وأس الاختراع.

أما الأوهام التي قرء بها خيون الزيارة فليست سوى أضغاث أحلام علقت به كالعدوى من سماسرة دويلات الخليج، ومن متملقي السياسة العروبية. فلماذا إذن لا تنتفض روحك الوطنية على "ترهدن" كونداليزا رايس في شوارع بلاد الحرمين، ودبي، ورأس الخيمة، والسيليه، فضلا عن حفلات تكريم أبناء العم سام الرابضة سرف دباباتهم على أجساد الفلسطينيين؟، وهل يجرؤ خيون على شتم ولد العم الذين يرتع في مرابضهم، كما يرتع قلمه في أوراقهم المكتوبة سلفا "سلفيا"، بدماء ضحايا إرهابييهم المصدرين إلى بلاد الرافدين.

ثم ما الدليل، وما المستند على نية الدكتور عادل عبد المهدي بأنه ينوي التوريج لتقسيم العراق، أو لإقليم الجنوب، سوى تلك المواقف المسبقة التي تفسر كل حركة للسياسيين العراقيين تفسيرا سلبيا يمليه الموقف المسبق المستند إلى فلسفة قوميتنا الميتة التي لازال يطبل لها بعض الخارجين على التاريخ، والعجب كل العجب أن يسوغ باحث لنفسه الاستناد إلى أسس نفسية واهية للتشكيك بوطنية الآخرين ونعتهم بصفات الخيانة والتآمر!!. وأزيد الأستاذ خيون بيتا من الشعر، بأن أغلب إن لم يكن كل المتصدين لإقليم الجنوب في الناصرية هم من المناهضين سياسيا للدكتور عادل عبد المهدي، ولم يشارك الدكتور عادل بأي نشاط من نشاطات المتصدين لإقليم الجنوب، ولم يدعمهم بأي لون من الدعم. وبيتا آخر، لقد اقتصر دعم الدكتور عادل عبد المهدي على المنتديات الثقافية الحرة التي لا ترتبط بجهة سياسية سواء كانت دينية أو علمانية.

ويبدو أن خيون وجد في زيارة كوشنير ومصاحبة الدكتور عبد المهدي له مناسبة لتفجير كوامنه أو ضغائنه تجاه الدكتور، ولا أدري شيئا عن الخلفيات العدائية تجاه الرجل. ولكن بالتأكيد هناك خلفيات لهذا الانفجار المفاجئ، الذي عنونه بشيء لكن المتن اقتصر على النيل من الدكتور عبد المهدي، بمقارنة مصطنعة بين تاريخ الرجل وحاضره وبين تاريخ أبيه، فاتخذ خيون من تاريخ أبي عادل الإيجابي، وتاريخ وهمي اصطنعه للدكتور عادل، ذريعة للانتقاص والوصف غير اللائق والذي لا يستند إلى أساس موضوعي سوى تفسيرات يمليها الهوى السياسي. وكان يمكن أن يوجه النقد بأسلوب آخر من لدن رجل محض الأدب والفكر ولا يعوزه الأسلوب، لكن الإناء ينضح بما فيه.لقد أجمع أبناء الناصرية، مجلس المحافظة، والمحافظة، ونواب برلمانيون، والأساتذة الجامعيون، والمثقفون جميعا، بأن زيارة كوشنير إلى مدينة طالما تناستها ذاكرة الحكام ونالت منها تخريبا أيادي البعثيين القذرة، تعد نقلة نوعية تاريخية لهذه المدينة من زوايا النسيان والإهمال، إلى صدارة العمل السياسي والعمراني. وقد أراد الدكتور عادل عبد المهدي أن يجسد ذلك الدور الجديد للناصرية ويلفت الأنظار، ويجلب الأضواء إليه، عبر حراك سياسي ذي طابع سياحي، يرمز إلى الشركات الدولية بأن الناصرية مدينة آمنة تستحق أن تكون نقطة شروع في إعمار العراق.

ومن هنا يقدم أبناء الناصرية، مثقفون، وأساتذة، وسياسيون، أسمى آيات الشكر والتقدير إلى كل أبناء الناصرية الذين ساهموا، ويساهمون، في خدمة هذه المدينة المنسية تاريخيا والمهملة قصدا وعدوانا، وفي مقدمة هؤلاء الاستاذ الدكتور عادل عبد المهدي، ونشد على أياديه ونطالبه بالمزيد للنهوض بهذه المدينة العريقة، ولكسر المركزية والشمولية التي لا زالت تداعب مخيلة الخارجين على التاريخ من أمثال خيون، ولمنح المدينة حريتها التي سلبتها ايادي الدكتاتورية، وحرمت أبناءها من نعمة البصر بالعالم، ومد ناظرهم على امتداد أفق الحياة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو هاني الشمري
2008-06-21
الى المعنيين بالشأن (الصفوي) والناصريه بالذات.الناصريه هي الارض التي ولد وترعرع بها ابراهيم خليل الله(ع) ابو الانبياء ان كنتم مسلمين.الناصريه هي ارض اقدم الحضارات. الناصريه هي النبع الذي اغنى الثقافة العربية والاسلاميه بالمبدعين من كتاب وادباء وشعراء وعلماء ورجال دين وسياسه. الناصريه ارض اهلنا التي جار عليها البعث والفجار من العربان والجربان بالتخريب والهمز واللمز على ابنائها الناصريه تنهض الان وسيكون لها شأن يخرس خيون ودين الوهابية النتن وبالقريب العاجل ان شاء الله. انا مولود في بغداد!!!
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك