( بقلم : احمد عبد الرحمن )
لم تأت الضجة المثارة حاليا في اوساط سياسية وشعبية عراقية عديدة حول منظمة ما يسمى بـ"مجاهدي خلق" الايرانية من فراغ، فضلا عن ان تلك الضجة لم تكن الاولى من نوعها. ان مشاعر الغضب والاستياء الرسمي والشعبي في العراق من تلك المنظمة ترتبط بتأريخ اسود لها حافل بشتى انواع الجرائم منذ ان وفر لها نظام صدام البائد موطيء قدم في العراق وراح يغدق عليها الامتيازات من ثروات هذا البلد ويطلق يدها لارتكاب كل الافعال الشنيعة، والتي برزت مصاديقها واضحة وجلية خلال الانتفاضة الشعبية في عام 1991، وقد كشفت الاف الوثائق التي تم العثور عليها في مقرات اجهزة النظام الامنية والحزبية والاستخباراتية والعسكرية طبيعة الدور الاجرامي الدموي الذي اضطلعت به منظمة "مجاهدي خلق".
ولم يتوقف مسلسل الجريمة والارهاب بعد الاطاحة بنظام صدام، بل انه اتخذ اشكالا ومظاهر واساليب اخرى، وبقيت ايادي تلك المنظمة ملطخة بدماء العراقيين الابرياء. وبينما كانت قبل التاسع من نيسان 2003 تنفذ اجندات نظام صدام، فأنها راحت بعد ذلك التأريخ تنفذ اجندات لاتختلف من حيث الجوهر والمضمون عن الاجندات السابقة، وتتحالف وتصطف مع كل اعداء العراق والعراقيين في الداخل والخارج، لالحاق اكبر الاذى والضرر بهذا البلد وابنائه. وقد كان المتصدون لزمام الامور من ابناء العراق المخلصين ادركوا منذ وقت مبكر الخطر الذي تشكله تلك المنظمة الارهابية على الامن الوطني للبلاد لذلك بادروا الى اصدار قرارات تنص على ضرورة ووجوب تصفية وانهاء وجودها في العراق بصورة كاملة.
ولعل الدستور العراقي الدائم الذي تم التصويت عليه في الخامس عشر من شهر تشرين الاول-اكتوبر من عام 2005 ، نص على عدم السماح لاية منظمة ارهابية بالتواجد على الاراضي العراقية تحت اية ذريعة او مبرر، ولكن للاسف فأنه حتى الان لم يتم اتخاذ الاجراءات الحازمة في هذا السياق من قبل الجهات المعنية، وظلت المنظمة تتمادى في سلوكياتها مستفيدة من الحماية المتوفرة لها، والدعم والاسناد السياسي والاعلامي وغيره، الذي توفره لها جهات وشخصيات عراقية تتحدث عن الوطنية كثيرا الا انها تتصرف بعيدا عن اية توجهات وطنية، الى جانب الدعم والاسناد من جهات عربية ودولية لاتريد خيرا للعراق.
ان الحل والخيار الوحيد لوضع حد لمنظمة "مجاهدي خلق" يتمثل في الالتزام بالدستور الذي صوت عليه ثلثي ابناء الشعب العراقي، واتخاذ الاجراءات السريعة لاخراجها من العراق، وهذه مهمة الحكومة ومهمة ممثلي الشعب في مجلس النواب، ومهمة كل الشرفاء والمخلصين من ابناء العراق. ولاشك ان قرار مجلس الوزراء الاخير القاضي بوضع المنظمة تحت السيطرة التامة للحكومة العراقية لحين اخراجها من العراق والتعامل معها على ضوء القوانين العراقية ، يمثل البداية الصحيحة على طريق اغلاق هذا الملف الى الابد. فليس من المعقول ان يكون العراق الجديد ملجأ وملاذا لمنظمات ارهابية الحقت-ولازالت تلحق- اكبر الاذى والضرر به وبأبنائه.
https://telegram.me/buratha