بقلم : سامي جواد كاظم
افضل وارقى وسيلة لاثبات صحة ونشر الفقه الاسلامي عندما تكثف الوسائل الاعلامية الاسلامية كل من يتحدث او يكتب عن الاسلام وهو من غير ملة الاسلام ، فهذا يوفر نصف الجهد على الداعي للاسلام مع نصف الاقناع اذا لم يكن اغلبه للطرف الاخر .
نوح فيلدمان هذا اليهودي الامريكي الذي استطيع ان اقول عنه انصف الاسلام اكثر من كثير من الاسلاميين ، ويا حبذا لو تسلط عليه كل الاضواء وعلى من كان على شاكلته من قبل الوسائل الاعلامية الاسلامية لتتكون صورة زاهية حقيقية عن الشريعة الاسلامية خطت بقلم الطرف الاخر .
هذا المفكر له عدة كتابات واخر وارقى كتاب اصدره هذا المفكر هو كتاب يحمل عنوان (سقوط وصُـعود الدولة الإسلامية ) حيث تعرض لجوانب مهمة من الفقه الاسلامي والتي كثيرا ما يُتهم الاسلام بعكسها فقد استطاع نوح من خلال كتابه هذا اظهار خطأ المفاهيم السلبية التي يحملها مواطنيه قبل غيره عن الاسلام وهذا ادى الى اثارة قلق ابناء ملته من كتابه هذا .
الحديث والتعقيب على هذا الكتاب لايكفيه هذا المقال ولكن ساتطرق الى مسالتين مهمتين ذكرهما المؤلف .المسالة الاولى حقوق المراة والتي لطالما تبجح الغرب على اتهام الاسلام ببخس حق المراة حيث جاء ما هذا نصه في هذا الكتاب الرائع (لا يُـدرك الغرب أن الشريعة الإسلامية أتاحت للمرأة منذ أربعة عشر قرنا حقوقا لم تكفلها القوانين الوضعية في بريطانيا وفرنسا حتى القرن الماضي ) وهذا انصاف من يهودي لم يقره كثير ممن حسبوا على الاسلام .
المسالة المهمة الثانية التي اسهب واطنب فيها هي مسالة الديمقراطية والحكم الاسلامي القديم والحالي وعلل سبب الخلل في الحكومات الاسلامية اليوم وذلك لهيمنة الدول الكبرى على اغلب سياسات هذه الدول الاسلامية والتي بالتالي اصبحت لا تتحمل صعود أي تيار اسلامي للحكم .وبسبب الديمقراطية التي تدعيها الدول الغربية اصبحت امام امر واقع هو فوز هذه التيارات الاسلامية في هذه الانتخابات التي تنادي بها الدول الغربية .حيث توقع أستاذ القانون بجامعة هارفارد والمتخصِّـص في القانون والفِـقه الإسلامي نوح فيلدمان صُـعود الحركات الإسلامية المعتدِلة في الدّول، ذات الأغلبية من المسلمين، من خلال أي انتخابات حرّة، تلبِـية لرغبة الشعوب في إقامة نُـظم حُـكم ديمقراطية تُـحافظ على القِـيم الإسلامية من خلال الشريعة .
ومن خلال كتابه هذا وجه رسالة الى هذه الحكومات الغربية المتخوفة من الاسلام مضمونها ( لا تتخوّفوا من تطلُّـعات الشعوب العربية والإسلامية إلى مثل تلك الدولة التي تجمع بين الديمقراطية والشريعة، بل تفهَّـموا الشريعة في ضوء سِـياقها التاريخي وتوصَّـلوا إلى قناعاتكم الخاصة حول الكيفية التي يمكن بها التَّـعامل مع الواقع الجديد في العالم الإسلامي بطريقة تتَّـسم بالمسؤولية، بدلا من الهروب من كلِـمة الشريعة دُون أن نفهم معناها ومدى تماشيها مع قِـيم الديمقراطية وسيادة القانون، والفصل بين السلطات وتشابُـهِـها مع نظم الحُـكم الدستوري ).ثم اقر البروفسور بان اغلب الانظمة الدكتاتورية التي حكمت الدول الاسلامية جاءت بها القوى العلمانية الغربية حيث كتب يقول ( تشعُـر تلك الشعوب ( الاسلامية ) بالحِـرمان من العدالة والديمقراطية، وتعاني من تفشِّـي الفساد وسوءِ توزيع الثروة القومية ومن سلطة الحُـكم المطلق، التي جلبتها إلى بلادهم نُـظم الحُـكم العِـلمانية، والتي لم تحترم سيادة القانون، ممَّـا أعاد الشعوب العربية والإسلامية إلى حنين الماضي، حينما كانت الدولة الإسلامية ناجِـحة في مُـختلف مجالات الحياة، كما أن جانبا كبيرا من طموحات الشعوب العربية والإسلامية وتطلُّـعها إلى حُـكم يجمع بين الديمقراطية والشريعة، يعود إلى مشاعِـرَ دِينيّـة تُـؤمِـن بأن الالتزام بالشريعة سينقذ بلادهم من الفساد من خلال أنظمة حُـكم تحترم، سيادة القانون وشرع الله ).
واسند رأيه هذا بـ (وأحدث مثال هو أن الولايات المتحدة سانَـدت الرئيس برويز مشرف، حتى عندما أوقف العمل بالدستور وأقال رئيس المحكمة الدستورية العليا في باكستان وفرض الإقامة الجبرية على المحامين، وقد ألحق ذلك التأييد ضررا بالغا بصورة الولايات المتحدة وتأكِـيد فكرة أنها تُـساند الدكتاتوريات، بدلا من أن تقف إلى جانب سيادة واحترام القانون ) .
واوضح ايمانه العميق بان الشريعة الاسلامية لا تختلف عن الانظمة القانونية اليوم اكد ذلك بالقول ( أنا من المُـؤمنين تماما بأن الشريعة الإسلامية تتماشى مع حُـكم القانون، لأن نظام الشريعة يستنِـد إلى سيادة القانون وإلى فِـكرة أن الجميع مسؤول عن احترام شرع الله والتمسُّـك به، ولم تستثن الشريعة الإسلامية الحاكِـم من تلك المسؤولية ولا من احترام القانون، وفي حال انتخاب زعماء إسلاميين يؤمنون بتوفير المساواة بين الرجل والمرأة، وبين المسلم وغير المسلم، كما تطرح حركات إسلامية عديدة حاليا، فسيكون بِـوُسعهم إقامة دولة إسلامية حديثة تتماشى مع نُـظم الحكم الدستورية الديمقراطية ).
ففي الوقت الذي يظهر يهودي يرفع الغشاوة عن عيون كثيرين ممن يعتقدون اعتقادا سلبيا عن الاسلام يظهر ابن لادن وشلته الوهابية الذين دأبوا على تشويه كل ما هو جميل في الاسلام وخلق صورة سلبية تبقى عالقة في اذهان من لا دراية له بالدين الاسلامي .
ملاحظة مهمة وهي ان البروفسور نوح يجيد اللغة العربية وبطلاقة ولعل هذا الذي ساعده على قراءة الكتب الاسلامية التي تتحدث عن الفقه الاسلامي كما وانه كان ضمن اللجنة التي وضعت قانون ادارة الدولة المؤقت العراقي ايام بريمر .
كلمة اخيرة سبق وان اشرت لها في مقالات سابقة لي هي التكثيف الاعلامي الوهابي على كل من يسيء للاسلام حتى وان كان شخص مجهول لا اهمية له وهذا يؤجج اكثر نار العداء بين الملل ولو انهم كثفوا اعلامهم على الكتب والدراسات التي يصدرها الغرب على شاكلة ما اصدره نوح فيلدمان لاستطاعوا تقليص الهوة التي دائما يوسعوها بين الغرب والاسلام من جانب ولكسبوا شاهد من اهلهم على حسن الاسلام من جانب اخر .
https://telegram.me/buratha