كتب:علي يوسف المتروك
في قوله تعالى:{سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج}. سورة المعارج
رحمة الله الواسعة وتأجيل العقوبة صفة من صفات الباري جل شأنه، فهو سبحانه وتعالى يترك الفرصة للعاصي والمعاند ليرجع الى نفسه بعد حين ويتوب من ذنوبه، فالباري سبحانه وتعالى في كتابه العزيز يقول (ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم الى أجل مسمى) النحل ـ61.
ولكن عندما يستعجل شخص ما العقوبة، ويشاقق الله والرسول، برفع راية العصيان، وعدم الطاعة فالوضع يختلف هنا، فتأتي العقوبة سريعا، وهذا بالضبط ما حصل في هذه السورة المباركة وهي سورة المعارك.روى ابراهيم بن محمد الحموني من اعيان العلماء اجازة عن الامام ابي الحسن علي بن احمد الواسطي قال: قرأت على شيخنا الاستاذ ابي اسحاق الثعلبي في تفسيره ان سفيان بن عيينة سئل عن قوله عز وجل ( سأل سائل بعذاب واقع) فيمن نزلت؟ فقال للسائل: سألتني عن مسألة ما سألني احد عنها قبلك، حدثني جعفر بن محمد عن ابائه صلوات الله عليهم اجمعين قال: لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في غدير خم نادى الناس فاجتمعوا، فاخذ بيد علي عليه السلام فقال: »من كنت مولاه فعلي مولاه« فشاع ذلك وطار في البلاد فبلغ ذلك الحرث بن نعمان الفهري فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقة له حتى اتى الابطح فنزل عن ناقته، فاناخها، وهو في ملاء من اصحابه فقال يا محمد امرتنا عن الله ان نشهد ان لا اله الا الله وانك رسول الله فقبلناه، وامرتنا ان نصلي خمسا فقبلناه منك، وامرتنا بالزكاة فقبلناه، وامرتنا ان نصوم شهراً فقبلناه وامرتنا بالحج فقبلناه ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك ففضلته علينا وقلت من كنت مولاه فعلي مولاه فهذا شيء منك او من الله عز وجل؟ فقال: والذي لا اله الا هو ان هذا من الله فولى الحرث بن النعمان يريد راحلته وهو يقول: اللهم ان كان ما يقول محمد حقا، فأمطر علينا حجارة من السماء او ائتنا بعذاب اليم، فما وصل اليها حتى رماه الله تعالى بحجر وسقط على هامته فقتله، وانزل الله عز وجل (سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع).
المراجعفرائض السمطين 82/1ح 63 كما اخرج هذه القضية الثعلبي في تفسيره الكبير، ونقلها العلامة المصري الشبلنجي في كتابه نور الابصار ص 71 وذكرها الحلبي في سيرته في اواخر حجة الوداع من الجزء الثالث، واخرجها الحاكم في تفسير سورة المعارج من المستدرك، فراجع ص 502 من جزئه الثاني.
تاريخ النشر: الاحد 15/6/2008 في جريدة الوطن الكويتية
https://telegram.me/buratha