بقلم عبد اللطيف العميدي
مرت الصحافة العراقية منذ نشأتها بجملة من المتغيرات والتقلبات وذلك تبعاً لما واكبت مسيرتها من ارهاصات سياسية واحداث القت بضلالها القاتمة على حَمَلَة الاقلام وصفحات المطبوع العراقي.فقد تميزت ومنذ ولادتها يوم 15 / 6 / 1869 م وهو يوم صدور صحيفة الزوراء في بغداد قبل( 139) عاماً بالأصالة والمهنية والحس الوطني ، وبرز فيها خلال السنوات المتعاقبة اعلام ورموز كبيرة ادبية وثقافية جعلت من الصحافة العراقية ان يشار لها بالبنان ، الى ان جائت عصابة البعث واغتصبت السلطة في العراق عندها دخلت الصحافة العراقية في منعطف خطير ونفق مظلم تمثل في تكميم الافواه الوطنية وتسييس الاعلام المرئي والمسموع والمقروء لمصالح النظام وتزويق صورته المشوهة، فبات المثقفون وذوي الاقلام بين قابع في زنزانات البعث وبين هارب خارج البلد استطاع ان ينفذ بجلده ومنهم على سبيل المثال نقيب الصحفيين وشاعر العرب محمد مهدي الجواهري، وبين متزلف للنظام قد وضف قلمه واساء اليه في تزلف نظام خاوي هو ذاته غير مقتنع بما يكتب فباتت الصحافة العراقية وطيلة (40) عاما بوقا دعائيا فارغ المحتوى يمجد بأكاذيب النظام ، ودخل جراء ذلك في سلك الصحافة من لاعهد له في عالمها لامن قريب ولا من بعيد بل مجرد كونه عضو في حزب السلطة، وتلاشى بسبب ذلك بريق الصحافة العراقية.
ثم انقشعت تلك الغمامة السوداء من سماء عراقنا الحبيب فانفتحت الباب على مصراعيها مرة واحدة وبشكل كبير لذوي الاقلام ومثقفي وكتاب العراق وادبائهم ليستغلوا فسحة الحرية المطلقة وليعيدوا للصحافة العراقية ذلك البريق الزاهي الذي تميزت به ، فصدرت مئات الصحف والمطبوعات متناولة مختلف الاختصاصات من السياسة والثقافة والادب وحتى التراث والفكر والاقتصاد، غير ان هذه الفسحة من الحرية وكثرة المطبوعات على ما تحمله من ظاهرة صحية في حرية الرأي الا انها في العراق تحولت في بعض الاحيان الى اداة للتشهير وتزييف الحقائق والتعدي على بعض الرموز الدينية والسياسية وبالاسلوب الساخر وياليته معزز بوثائق وارقام ، وهذه ليست رسالة الصحافة المهنية بل وتتقاطع مع الدساتير الوضعية فضلا عن دساتير الاسماء ، فحرية الرأي لاتبيح لك الانتقاص من الغير ولا التشهير به ولاتزييف الحقائق وقلبها بحسب ما تشتهيه رغبات ممولي تلك المطبوعات ، فهذا سيعيدنا الى نفس اساليب البعث ونعود ونقول انها ظاهرة متوقعة في كل دولة خرجت لتوها من الكبت وخنق الحريات وبالتالي فمصير تلكم الصحف التي انتهجت نهج التشهير والتصادم مصيرها الزوال بطبيعة الحال اذا انها نشأت من ضرورة فترة محددة ولغرض محدد فسرعان ما ستنتهي بأنتهاء تلك الضرورة والغرض من اصدارها وهذا ما شاهدناه في كثير من عناوين الصحف التي برزت ثم اضمحلت وهو مصداق قوله تعالى (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَ أَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَْرْضِ) بمقابل الكلمة ذلك فان العدد الاكبر من الصحف العراقية قد اثبتت رصانتها ومهنيتها في نقل الكلمة الحرة الصادقة ودفعت في سبيل ذلك دماء وتضحيات غالية وصل الى مئات الشهداء في السلك الصحفي كان في مقدمتها رمز الصحفيين ونقيبهم الشهيد شهاب التميمي.
اننا في هذه المناسبة العزيزة ( عيد الصحافة ) نعاهد اهلنا بان تبقى اقلامنا حرة ابية في خدمة العراق الجديد عراق علي والحسين وبلد اول من كتب ودون عراق الادباء والشمم ، وستبقى ابواب صحفنا مفتوحة للجميع ولتقل الكلمة الحرة ومعانات الناس وتطلعاتهم وايصال صوت من لاصوت له للمسؤولين وسلوك منهج النقد البناء والايجابي فرحم الله شهداء القلم ومبارك للصحفيين الاحرار عيدهم هذا.
https://telegram.me/buratha