( بقلم : باسم العلي )
احتدم الجدل هذه الايام حول الاتفاقية العراقية الامريكية بين المعارضين والمتقبلين لها, وكذلك ازداد هذا اللغط بين العراقيين جميعا ولا احد يدري الى اين ستذهبنا هذه الاتفاقية وهل للعراق فيها مصلحة ام لا. اشرح فيما يلي وجهة نظر وتحليل لجملة من المواقف المطروحة.ان القوى المختلفة, وبصورة خاصة الرئيسية منها, في العراق مقرة وبالاجماع على انه يجب ان تبقى القوات الامريكية فترة اخرى تطول او تقصر حسب معطيات الوضع العراقي وحسب تحقيق مصالح القوى الثلاث المعنية بالامر. فمن هي تلك القوى وماهي طلباتها؟
اولا: التحالف الكردي, من مصلحة التحالف الكردي ان تبقى القوات الامريكية في العراق الى ابعد فترة ممكنة لانها وعلى المدى القريب سوف تحميها من اكتساح للاراضي الكردية من قبل دول الجوار وبالاخص تركيا, بالاضافة الى حاجة الكرد الى يربطوا جميع الاراضي المتنازع عليها (وبالدرجة الاولى كركوك) في اقليم كردستان وبالتالي تكريس استقلالية كردستان تمهيدا لاعلان الدولة الكردية الكاملة بكل مفاصل الدولة الحيوية. لذلك اهتماهم الاول سوف يكون من اجل تحقيق الاهداف المذكورة اعلاه, اما تقدير الخسائر المترتبة على هذا الاتفاقية فسوف تكون ثانوية بالنسبة لهم. ولو نظرنا الى هذا الامر نظرة موضوعية لوجدناه مقبولا فما الفرق بين "الاستعمار" العربي والامريكي .. الامريكي افضل فان العرب كلهم وفي جميع اقطار الوطن العربي مستعمرين اذا لم يكن بالقواعد الامريكية الرسمية فيكون بالاستعمار الثقافي الذي سيطر على تفكير الغالبية العظمى من الشعب العربي بحيث اصبح كل من يريد ان يميز نفسه يتكلم ببعض الكلمات الانكليزية( حتى لو لم يعرف غيرها) ليبين انه من الطبقة الراقية, لان الذي لايستعمل كلمات انكليزية في كلامه فهو دون المستوى. فهم لايحبون التكلم باللغة العربية لانها لغة الطبقة السفلى في المجتمع.حتى الفضائيات التي تطلق على قوات التحالف تسمية الاحتلال الامريكي فتجد ان دعاياتهم واسماء برامجهم باللغة الانكليزية وليس بالعربية.
هنالك مصالح للكرد مع بقية المكونات الرئيسية ولابد لهذه المصالح ان تكون وجهة نظر وطنية عراقية.. خلاصة القول فان الكرد اذا قبل العرب السنة والعرب الشيعة بالشروط الامريكية فهم يقبلونها وبدون اية معارضة وبالتالي تكن الاتفاقية مقبولة من الكورد وبدون نقاش.
ثانيا: العرب السنة, بالرغم من كل التقارب الحاصل في الساحة السياسية في العراق وبالرغم من التطور الحاصل في المصالحة الوطنية فان بعض العرب السنة مازالوا يطمحون بدور اكبر ومميز في ادارة العراق ومن الافضل من بالنسبة اليهم ان يستلموا الحكم في العراق, اما العالم العربي وبالكامل يشجع بل ويدفع العرب السنة والامريكان في هذا الاتجاه. واذا لم يتمكنوا من ذلك فعلى الاقل يريدون ان يبقى التوازن الحاصل على ماعليه الان. بالاضافة الى تخوفهم من احتمال تصاعد النفوذ الايراني وبالتالي التدخل الايراني في شؤون العراق والذي في تصورهم اذا حصل سوف يخسرون ما قد حصلوا عليه من مكاسب, فلذلك سوف يقبلون اية اتفاقية مادامت تظمن لهم "تلك الحقوق"
ثالثا: العرب الشيعة, لقد كانوا وعلى مر اكثر من الف واربعمئة سنة مظلومين ومهمشين ولاول مرة في التاريخ يحصلون على الحقوق الديمقراطية والانسانية فلن يفرطوا فيها مهما كان, لذلك يريدون ان تكتمل قدرات القوى الامنية العراقية ويصبح العراق قادرا على ان يحمي نفسه بنفسه وينتهي خطر الانقلابات والى الابد, لذلك لابد لهم من يقبلوا المعاهدة وبقاء القوات الامريكة بشروط.
رابعا: الدولة العراقية وهذا بالضرورة جميع القوى العراقية المشتركة في الحكومة سواء كان على مستوى البرلمان, مجلس الوزراء , مجلس الرئاسة او مجلس الامن الوطني. ان للدولة رأي يحاول ان يزاوج بين كل هذه المخاوف والتطلعات بالاضافة الى وجود امور اخرى ابحثها بالتالي:
* البند السابع فانه قدر مقدر وسيف مسلط "بفضل حكمة القائد الضرورة" لانه بسببه لايوجد سيادة ولاارادة وطنية فالسيد وصاحب الامر والارادة هو المجتمع الدولي فلذلك وبالضرورة جميع قوى الدولة العراقية ليس لها مصلحة ببقائه, فلذلك نرى اجماع ليس له نظيرللتخلص منه . اما القواعد الامريكية فالطيف الشمسي واسع في مسالة قبولها من عدمها ففي اقصى الطيف هنالك من يقبل به وبدون شروط اما الطرف الاخر من الطيف فهو رفض كامل.
* طبيعة العلاقة الامريكية العراقية وبالاجمال الجميع يسعى الى تحسينها لمعرفة الجميع باهمية تاسيس علاقة استرتيجية طيبة ومتينة مع دولة قوية مثل امريكا يستفيد منها العراق في المحافل الدولية والاقليمية بالاضافة الى الحصول على التكنولوجية المتطورة.
* الحصانة لقوات التحالف والقوات الامنية الاهلية الاخرى فان الخط العام معارض لها.
خامسا: الشعب العراقي, ان الشعب يريد ان يذهب الارهاب ويتحسن الوضع المادي والخدماتي كهربائيا وصحيا وثقافيا ومعيشيا وكذلك يريد ان يتمتع بالحياة الحرة الكريمة كما هي حياة الشعوب في العالم المتقدم.
ان طبيعة الشعب العراقي اسوة ,ببقية الشعوب, يتاثر بما يتداول بين الناس من اخبار. فمنهم من يتقبل القول بدون تفكير فيما قيل وهم الاكثرية, ومنهم من يفكر فيما قيل بدرجات متفاوتة من التفكير فهنالك من يحلل ويدرس ويبحث للوصول الى حقيقة الامر, ومنهم من يربطه بمفاهيمه فاذا اتفقت معها فهي صح واذا تخلفت عنها فهي خطاء, ولكن هنالك نوع من الناس يفكرون باذانهم فكل مايسمعونه يتقبلونه ولايهمهم البحث والتدقيق في صحته او عدمه, مع الاسف ان هذا النوع يتقبل وينشرحتى لو كان الامر الذي سمعه ونشره هو في في غير مصلحته و مصلحة المجتمع. ان هولاء الناس هم من اسهل الاهداف التي تستغلها القوى المعادية للعملية السياسية والمصالحة الوطنية وبالتالي المصلحة الوطنية العليا.
بعد كل هذه المقدمة فاقول بان هذا الجدل يجب ان يزداد ويتصاعد وتتناقله جميع وسائل الاعلام لكي ينضج فكر الشارع العراقي بحيث يتمكن الجميع من الاطلاع على كل وجهات النظرلكي يؤسس لوجهة نظر شعبية اكثر موضوعية وعلمية.
بقى شيء اخير الا وهو يجب ان تعرض الاتفاقية على الشعب ويسمح للشعب ان يعبر عن رايه لكي تكون هذه ورقة ضغط و قوة بيد الحكومة عندما تناقش الاتفاقية فاذا وصلت الى طريق مسدود وتجبرعلى قبول شروط غير مقبولة من الشعب العراقي؛ يمكنها حينذاك رفع ورقة الرفض الشعبي وصوت الناخب العراقي وبالتالي عدم تمكنهم من التوقيع على معاهدة لايقبلها بل يرفضها الناخب العراقي وبالتالي عرض الاتفاقية على الشعب للاستفتاء عليه. ان الامريكان يعرفون جيدا معنى هذا الكلام وهم انفسهم شجعوا هذه المشاركة في القرار بين الحكومة والشعب فلايمكنهم انكاره؛ خلافا مايمكنهم عمله مع بقية بلدان العالم الثالث الذي ليس ديمقراطيا.
https://telegram.me/buratha