المقالات

المعاهدة الأمريكية .. و مليشيات جيش المهدي تغطيةً على انقساماتها الكتائب و العصائب تحاول لملمة الوضع الداخلي من خلال نافذة الاتفاقية الأمنية

1211 01:57:00 2008-06-12

( بقلم : كمال ناجي )

لم يكن بالشيء المستغرب أن تلجأ المليشيات إلى استغلال أي متغير أو قضية تطرق الساحة السياسية بغية لملمة أوضاعها المنهارة و محاولة إرجاع توازنها المفقود .. من هنا و مع بداية الحديث في وسائل الإعلام عن الاتفاقية الأمنية المزمع توقيعها بين الجانبين الأمريكي و العراقي سارعت هذه المليشيات و واجهاتها السياسية إلى استغلال ما يمكن أن يكون طوق نجاة في وقت غاية في الحرج بالنسبة إليها وهي تغرق في بحر هزيمتها و عجزها عن استرداد قوتها و نفوذها و " هيبتها " التي توحّلت بأرض سبخة و هشة كانت تقف عليها متحدية هيبة القانون و نظام الدولة . منافذ هذا الاستغلال كان نتيجة البنود المجحفة بالسيادة العراقية و التي تريد فرضها واشنطن و هو ما رفضته الأحزاب السياسية العراقية و الحكومة الوطنية و كل الفعاليات الشعبية و الرسمية . فحاولت هذه المليشيات أن تبدو و كأنها الجهة الوطنية الوحيدة الحريصة على مستقبل البلد و قد لاقى هذا الموقف المفضوح استهجان الكثير من المواطنين الذين رأوا بكل بساطة أن الموقف لا يعدو أكثر من حالة انتهاز رخيصة لاستعادة الصخب و الجلبة و الضوضاء التي تستمد منها هذه المليشيات و حزبها السياسي قوتها و تثبت لأتباعها أنها لا زالت فاعلة وقادرة على التأثير و إشغال الرأي العام بطنين خطاباتها و رنين تبجحاتها الفارغة .

و قد أصيبت بعد وقت قصير للغاية بخيبة أمل واضحة فتراجعت تصريحات قادتها و قلّت الوجوه الكالحة التي تظهر علينا في شاشات الفضائيات لتترنم بإرثها النضالي المدَّعى و مواقفها الوطنية الفريدة و التي لا ترقى إليها مواقف الآخرين فالجميع في نظرهم إلا هم غير وطنيين و عملاء للمحتل و إلى آخر المعزوفة الصدرية البالية . إزاء هذا الواقع كان لا بد من التفكير بأسلوب آخر لا يترك الفرصة تتسرب من أيديهم و تمضي قضية الاتفاقية دون مكاسب خاصة لا سيما مع حقيقة إن الحكومة و الأحزاب الوطنية عبرت بعمق عن انتمائها لقضايا وطنها و مواطنيها و شعر المواطنون بالطمأنينة و السكينة و الثقة المتزايدة بأنه لا يمكن بحال من الأحوال توقيع أية اتفاقية أو معاهدة لا تلبي مطامح و أهداف الشعب العراقي و تكفل له السيادة الكاملة و الناجزة . إن ابرز ما تعانيه المليشيات الآن هو الانقسامات المتواصلة بين صفوفها و لا شك فإن محاولة وقف هذا التدهور يعد المهمة الأولى و الأخيرة لها في الوقت الحاضر . من هنا رأى قادة هذه المليشيات ثمة فرصة في تلافي سلّم الانهيار الدراماتيكي و لملمة شتات العصابات الخارجة عن القانون فلماذا لا تكون قضية الاتفاقية هي الأكسير السحري لتحقيق ما يبدو أقرب إلى المستحيل ؟

و انطلاقا من هذا التصور قذفت بعض المسميات المليشياوية بتهديدات فارغة تستهدف الحكومة العراقية و تحذرها من شن حرب ضدها و جاءت هذه التهديدات من عنوانين بائسين يثيران السخرية هما " عصائب أهل الحق " و " كتائب حزب الله " و كلاهما مجاميع خاصة من مليشيا جيش المهدي . الاسم الأول عرف منذ فترة و تجد بعض أقراص السي دي لعملياتها الإجرامية متداولة بين أفراد جيش المهدي و أما الاسم الثاني فهو محض كتائب وهمية و يعمق العنوان المختار بدقة من فكرة انه عنوان مقصود يراد له أن يحي بدلالته الواضحة و التي تنكشف بمراعاة حقيقة سعي شراذم المليشيات للتشبه بحزب الله اللبناني الذي يمثل المقاومة ضد الكيان الصهيوني و يتعلق بالوضع الخاص الذي يعيشه لبنان . إن تزامن التهديدات من هذين التنظيمين الإجراميين العميلين لأجهزة مخابرات خارجية تسعى إلى قلقة الوضع العراقي الداخلي أريد من خلاله إرسال رسالة واضحة بأنهما ينتميان على نفس الجهة و يصدران من مورد واحد في هذا الموقف . هذه الجهة التي تتمثل كما هو واضح بمليشيات جيش المهدي التابعة لما يعرف بالتيار الصدري تحاول من وراء هذه الحركة المكشوفة الضغط على الحكومة لتخفيف قبضتها على بقايا العصابات الخارجة عن القانون و تحاول الإيحاء بأنها لا زالت قادرة على تهديد الحكومة و قواتها الأمنية و خلخلة الأوضاع و تعقيدها وهي تمثل سعيا من خلال انقسام العناوين إعلاميا إلى لملمة شراذمها على الأرض بوحدة الشعار و ضوضاء الاعتراض . بالطبع فإن هذه المحاولة الفاشلة مسبقا تسعى إلى تركيب حطام و جذاذ الوحش الكارتوني لمليشيات جيش المهدي و إعادة شيء من الهيبة لها بعد سقوطها المدوي على اثر العمليات العسكرية الأخيرة خلال الأشهر الماضية في أكثر من محافظة . بقي إن لغة وصياغة البيانات من الكتائب و العصائب هي نسخة مطابقة تماما لخطابات القائد الفلتة ، وهذه مقتطفات من البيان الفارغ لما يطلق على نفسه بكتائب حزب الله : " إننا وفي الوقت الذي نحذر فيه حكومة المالكي والمتخندقين معها من قبول هذه المعاهدة المذلة وتمريرها فإننا في كتائب حزب الله أمام الله وأمام شعبنا وجميع الأحرار في العالم نعلن الاستمرار في مقاومة الاحتلال وسيرى خلال المستقبل القريب ما يجعل المخارج تضيق عليه ويصل إلى مرحلة الجزع والانهيار " ، " ... نرى أنكم قد اتخذتم قراركم بالانحياز الكامل إلى الاحتلال والارتماء الكامل في أحضانه وتركتم أبناء شعبكم يواجهون مصيرهم ضد الاحتلال مرة وضد الفساد المالي وسرقة ونهب خيرات العراق من المحسوبين على الحكومة والداخلين في العملية السياسية مرة أخرى " ..

و ما يلاحظ على الأسطر السابقة الأخيرة أنها حكمت بشكل قاطع على الحكومة بالوقوف إلى جانب الاحتلال أي بمعنى الموافقة على الاتفاقية مع أن الموقف الحكومي و موقف الأحزاب المشاركة في الحكومة معروف و يكرر يوميا رفضه لبنود المعاهدة ، كذلك تتناقض هذه الأسطر مع الأسطر الأولى الواردة في البيان البائس و التي حذرت الحكومة من مغبة توقيع الاتفاقية و عكست أن الموقف سيتم اتخاذه في حال التوقيع عليها .. و هذا الأمر يشير بوضوح إلى ما قلناه سابقا من أن المسألة لا تتعلق بقضية الاتفاقية بل باستغلال الموقف الحالي الذي خلقه اللغط و الأخذ و الرد حول الاتفاقية لأجل إنعاش حضور المليشيات و تدعيم أركان وهمها في استعادة نفوذها على الشارع . و بلا شك فإن الأهداف التي سعت إليها المليشيات و من هم وراءها لن تتحقق و ما هي إلا أحلام بعيدة و ضالة و ليس في تهديداتها ما يستحق إشغال البال و كما قال السيد هادي العامري رئيس لجنة الأمن و الدفاع في مجلس النواب : إن هذه التهديدات لن تخيف العراقيين لأنها موجودة على الانترنت فقط ..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
عراقي وبس
2008-06-12
ليس العجيب ماتقوم به هذه العصابات الأجرامية فهم مجموعة منحرفة مستعدة للتخريب لما تعانيه من أمراض نفسية وأجتماعية ولكن العجيب أن تجد هذه المجاميع من يدافع عنها من بعض الناس المحسوبين على الكتاب والمثقفين والاعجب دعمهم من دولة محسوبة علينا نحن مذهب أهل البيت بل ان عداء الدول العربية لنا لأننا محسوبين عليهم ايضا وهي تدعم هذه العصابات أعلاميا وهذا واضح غير الدعم العسكري ضد حكومة عراقية وطنيةلا عداء لها مع تلك الدولة
عراقي وبس
2008-06-12
ليس العجيب ماتقوم به هذه العصابات الأجرامية فهم مجموعة منحرفة مستعدة للتخريب لما تعانيه من أمراض نفسية وأجتماعية ولكن العجيب أن تجد هذه المجاميع من يدافع عنها من بعض الناس المحسوبين على الكتاب والمثقفين والاعجب دعمهم من دولة محسوبة علينا نحن مذهب أهل البيت بل ان عداء الدول العربية لنا لأننا محسوبين عليهم ايضا وهي تدعم هذه العصابات أعلاميا وهذا واضح غير الدعم العسكري ضد حكومة عراقية وطنيةلا عداء لها مع تلك الدولة
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك